عيناك.. مهد حضارة شخص يبتسم، فاعط إتجاهك بعض إتجاهك ، لو أردت الذهاب إلى الشمال.. لقلت نحو الشمس، أو أردت الذهاب إلى الأمل، فالساعة الآن كما هو ..!
واعط قلبك قطعاً من الخبز.. صنعته أمك، كله كله متأثراً بجوعك، متعثراً بغضبك، واربط حذاءك جيداً.. متذكراً جرحك الواضح، حين أهملت أبسط الأمور.. كربطة حذاء فسقطت، وإمتلأ وطنك بالدم..!
ثم إمشي خطاك كما يجرب الطفل أرضه للمرة الأولى.. في الستين من طفولتك يمكن للأرض أن تخونك، يمكن لساقك أن تستسلم، فإمشي رويداً رويداً، مطمئناً إلى يسارك أو يمينك، مطمئناً إلى أمامك، وكل ما خلف ظهرك سوف يبقى خلف طهرك.. ذكرياتك، وجع العود في مقهى خفيف الضوء، خصامك الأخير مع إمرأة تغسل ثيابك.. فوجدت شعرة، تراها أنت بين الحقيقة والوهم، وتراها هي بين الحب والخيانة، وتضحك -بسخرية في نفسك- على قدرة الخيال في تجسيد المنطق، وعلى قدرة الافتراض في هزيمة الحجة..!
وإمشي واثقاً من ذكرياتك.. أنها لن تقتلك، لن تخذلك، لن تحملك على البكاء في المترو، واقفاً بين صفين من المقاعد، لم يلتفت أحد من الجالسين كي يعرض عليك مكانه لترفض رغم تعبك..!
فإمشي إلى ما تعودت عليه كي يعتذر.. متأملاً ما تحفظ من الشعر، تنتقي منه أجمل ما يمكن -بحذر وخوف- تتدرب في إلقائه على وردة تحملها، بصوت خفيض أعلى من التمتمة وأقل من النداء السري، بعد أن تأكدت من عنقك الواضح في القميص المفتوح، وعطرك الهادئ كالمتروك منذ أيام على منديل شخصي..!