كانت كليوباترا حاكمة لمصر، وقد تدعم سلطانها بفضل مساندة يوليوس قيصر لها، والذي كانت قد تزوجته وانجبت منه ‘قيصرون’..
بعد مصرع يوليوس قيصر عادت الي مصر وهي ترقب الصراع الدائر بين انطونيو واكتافيوس.
وكانت الاسكندرية عاصمة مصر من أجمل موانيء البحر الابيض المتوسط، ويسكنها عدد كبير من اليونان، وكان عدد سكانها يربو عن المليون، كما كانت القصور الملكية التي تتخللها الحدائق والمنتزهات تحتل خمس هذه المدينة الجميلة.
ولم تلبث كليوباترا في حكم مصر الا قليلا، حتي جاءتها رسالة من انطونيو يستدعيها لكي يعرف موقفها وكان انطونيو له صلة قرابة بيوليوس قيصر كما كان متزوجا من أخت اكتافيوس.
وتوجهت كليوباترا لمقابلة انطونيوس في ‘كيلكية’.. لقد ركبت سفينتها وفيها بعض حاشيتها وعندما وصلت بالقرب من وجود انطونيو وعلم بوجودها دعاها للعشاء معه، ولكنها اخبرت الرسول التي جاء من قبل انطونيو انها هي التي تدعوه الي العشاء في سفينتها.. وقبل انطونيو الدعوة. وعندما دخل السفينة هاله ما فيها من ترف وفخامة، وهاله أكثر وأكثر كليوباترا نفسها.. في جمالها.. وبساطة حديثها، ورقة صوتها، وجاذبيتها التي لا تقاوم.
وعندما دعته الي مائدة العشاء هاله الطعام وألوان الشراب المقدم له علي ضوء آلاف الشموع.
وشعر انطونيو بجاذبية كليوباترا وعلق قلبه بها، كما شعرت كليوباترا أن مصيرها قد ارتبط بهذا القائد الروماني الشهير. وبعد هذه المقابلة لم يعد يفترق عنها، ولم تعد تفترق عنه!
لقد كان حبها لانطونيو هو الحب الحقيقي، وكان حبها ليوليوس قيصر لأسباب المصلحة.
واحتدم النزاع بين انطونيو واكتافيوس.. كان اكتافيوس قد استولي علي الجزء الغربي من الامبراطورية الرومانية، بينما كان الجزء الشرقي من نصيب انطونيو.
وكان كل منهما يريد أن يستأثر بالامبراطورية ويصبح سيد العالم.
وهاهي كليوباترا قد انحازت لانطونيو، بل لقد أصبح حبها الذي ملأ عليها جوانب حياتها، ولم تعد تستغني عنه، وكذلك أصبحت هي كل الدنيا لانطونيو.
وكان لابد أن يحدث الصراع والصدام بين العدوين اللدودين، خاصة أن انطونيو قد هجر زوجته وهي أخت اكتافيوس في سبيل كليوباترا.
مهما يكن من شيء وبعيدا عن خيال الادباء والشعراء، فان التاريخ يقول لنا أن انطونيو قد هام بها حبا، وانها هي الاخري وقعت في حبه، وأن هذا الحب هو الذي رسم النهاية المأساوية لحياتهما.
فانطونيو الذي أولع بها لم يفارقها عشر سنوات الا مرة واحدة عندما ذهب في حملة عسكرية في احدي الجهات في أسيا مما افقده الكثير.. فقد تخلي عن طموحاته في تكوين امبراطورية ضخمة أو علي الاقل يمكنه أن يتغلب علي خصمه اللدود اكتافيوس، ولكنه اكتفي أن يعيش بين أحضان كليوباترا.
ويقول بعض المؤرخين أن كليوباترا بجانب حبها لانطونيو، الا انها كانت تطمع في أن تكون سيدة العالم عن طريق سيطرتها علي الامبراطورية الرومانية، بل هي التي فرضت انطونيو علي أن يتحرش باكتافيوس حتي يمكنها أن تسيطر علي ممتلكاته الرومانية، وبذلك تصبح سيدة العالم!.. كما كان يحلم يوليوس قيصر.
وكان لابد من الصدام بين القائدين الكبيرين.. وحدث هذا الصدام.
علم انطونيو بأن أسطولا هائلا لاكتافيوس يتجه صوب المياه المصرية، وكان علي انطونيو أن يقابل هذا الاسطول، وأن يشتبك معه في معركة فاصلة.. وخرج باسطوله هو الآخر ومعه كليوباترا والتقي الاسطولان واحتدم القتال بينهما، واظهر انطونيو شجاعة منقطعة النظير في القتال.
ولاحظت كليوباترا أن الغلبة سوف تكون لاكتافيوس، فانسحبت باسطولها عائدة الي الاسكندرية.
وكاد انطونيو أن يجن من تصرف كليوباترا، وبدلا من أن يواصل القتال حتي يحرز النصر النهائي أو يموت كقائد شجاع في المعركة، فر هو الآخر من ميدان القتال في أثر كليوباترا.
وكان من الطبيعي أن ينهزم جيش انطونيو بعد أن ترك القائد ساحة المعركة وفر الي الاسكندرية متعقبا خطي حبيبته!
و تحطم اسطول انطونيو في هذه المعركة الحاسمة معركة اكتيوم!
رجع انطونيو الي الاسكندرية يبحث عن كليوباترا فلم يعثر لها علي أثر.
كانت كليوباترا قد اشاعت في الاسكندرية انها انتحرت!
وسمع انطونيو أن كليوباترا قد انتحرت وغادرت الحياة، فقرر هو الآخر أن يضع نهاية لحياته بأن غرس السيف في بطنه ومات.
وبدأت جحافل جيش اكتافيوس تدخل الي الاسكندرية تبحث عن انطونيو، ولما علم اكتافيوس أن غريمه قد انتحر، وضع السيف في جرابه.. لقد انتهت الحرب!
وجاء الي كليوباترا من يخبرها بهذه الاحداث، وشعرت بالحزن والاسي يعتصرها من الاعماق.
لقد زال ملكها.. وزال مجدها.. بل انها سوف تصبح أسيرة تساق بين الاسري في شوارع روما.. وأثرت الانسحاب من الحياة هي الاخري، وقررت الانتحار عن طريق لدغة ثعبان.
وانتهت حياة هذه الملكة الجميلة التي ملأت الدنيا وشغلت الناس، وبقيت حكايتها منبع الهام للادباء والشعراء والذين يحيون حديث العشق والعشاق!!