هو أبو بكر أحمد بن سليمان بن عبد اللَّه بن أحمد بن الخضر بن سليمان الناعبي، المشهور بابن النضر -وهي فخيذته-.
من بيت علم وفضل في سمائل، جده عبد اللَّه بن أحمد (ق 5هـ/11م) قاضي القضاة بدما (السيب)، وهو مؤلف كتاب (الإنابة في الصكوك والكتابة) وكتاب (الرقاع في أحكام الرضاع)، وكان جده الأعلى الخضر بن سليمان كذلك عالمًا كبيرًا معروفًا في الأوساط العلمية.
وابن النضر علاّمة حافظ واعٍ فقيه مطلع على التواريخ والسير، بحر زاخر في اللغة العربية، شاعر أديب، شاعت تصانيفه في الآفاق وعمره لا يتجاوز أربعة عشر سنة، وصفه بعض العلماء بأنه أشعر العلماء وأعلم الشعراء، وكان قوي الذاكرة آية في الحفظ، فقيل: أنَّه يحفظ من شعر العرب أربعين ألف بيت، وأمَّا القصائد الكبار التي يحفظها فلا تحصى، ينظم القصائد الطوال من ليلته، وأكثر شعره في التوحيد والفقه، أخذ اللغة العربية والشعر عن الشَّيخ مبارك بن سليمان بن ذهل.
وقف أمام جور السلطان الجائر خردلة بن سماعة النبهاني وتحداه بعد أن طالبه خردلة بنصف مهر ابنة أخت الشَّيخ فرفض ثمَّ توعده خردلة فرد ابن النضر: “الأمر لمن خلقك لا لك”، فكان مصيره الشهادة عن عمر ناهز 35، إذ ألقى به من كوة عالية من قصره، وأُحرقت مكتبته، فضاعت نفائس من حضارة عمان، ومات الشَّيخ شهيد الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عام690هـ.
تُوفِّيَ ابن النضر وله نظم لبعض أبواب جامع ابن جعفر، فجمعها ابن وصاف أو غيره في كتاب سمَّاه “دعائم الإسلام” بلغ عدد أبياته 2826 بيتا يقول في مطلعه البديع:
تَأَوَّبَنِي دَاءٌ دَخِيلٌ فَلَمْ أَنَمْ//وَبِتُّ سَمِيرًا لِلْهُمُومِ ولِلْهِمَمْ
وَمَا بِيَ عِشْقٌ للَّذِينَ تَجَمَّلُوا//وَلا جَزَعٌ مِنْ بَيْنِهِم لا ولا سَقَمْ
وللدعائم مكانة خاصَّة عند العلماء، فقد تعددت شروحه كشرح الشَّيخ خلف بن أحمد الرقيشي، وقطب الأئمة محمد بن يوسف اطْفَيِّش، والشَّيخ محمد بن وصاف النزوي وغيرهم، يقول الشَّيخ عامر بن خميس المالكي:
إن الدعائم بحر ليس يدرك ما فيه//وجوهره المكنون ما ثقبا
وما أصاب ابن وصاف مقاصده//ولا الرقيشي جلَّاه ولا كربا
ولابن النضر لامية في الولاية والبراءة في 164 بيتا ابتدأها بقوله:
آمنتُ باللَّهِ الوَهوبِ المُفْضَلِ//الوَاحِدِ الفَرْدِ القَدِيمِ الأوَّلِ
والآخِرِ البَاقِي الذِي لَمْ يَزَلِ//ومُنْشِئِ الأشْيَاءِ لا بالحِيَلِ
من مؤلفاته المفقودة: الوصيد في ذم التقليد، ومرآة البصر في جمع المختلف من الأثر، وسلك الجمان في سيرة أهل عمان، وديوان غزل، وقصيدة في الضاد والظاء.