مواضيعتعليممفاهيم عامةأهم المبادئ السياسية عند الإباضِيَّة

أهم المبادئ السياسية عند الإباضِيَّة

بواسطة : admin | آخر تحديث : 15 مارس، 2021 | المشاهدات: 267

أهم المبادئ السياسية عند الإباضِيَّة

 

تتابع أكثر من 60 إمامًا في عمان – بين مد وجزر- يمثلون طريقة الحكم الإسلاميَّة طوال 13 قرنا وفق منهج الخلافة الراشدة الذي يقضي باجتماع أهل الحَلِّ والعقد من العلماء العدول الثقات ذوي العقول الحصيفة والقلوب التقية النقية الذين جمعوا بين حراسة الدين وسياسة الدنيا.
يختار العلماءُ الإمامَ بناءً على الصفات المؤهلة للقيام بمنصب الإمامة الكبرى بغض النظر عن عرقه أو لونه او قبيلته مراعين في ذلك المصلحة العامة وأحوال الناس، والأئمة الذين تلاحقوا من قبيلة واحدة -كاليعاربة- إنما اختارهم العلماء كذلك مراعاة لأحوال الناس لِأَنَّ الناس قد دانوا لهم لا سيَّما إذا علمنا مقدار تجذر القبليَّة في المجتمع.
ومن أهم المبادئ السياسية عند الإباضِيَّة أنَّ الحكم يجب أن يكون على أسس الشورى، والمساواة، والعدل، وعدم الركون للظلمة، فيجيز الإباضِيَّة الخروج على الظالم بشروط وأحوال مخصوصة هدفها الأساسي الالتزام بالمقاصد الشرعية.
فهذا تلميذ أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة الإمام الجلندى بن مسعود أول أئمة عمان بويع سنة 132هـ، وصل في عهده شيبان الصفري من الخوارج إلى عمان فخيَّره العمانيون بين أن يعلن تخليه عن عقيدته التكفيرية أو يرحل عن عمان فأبى الأمرين فما كان منهم إلا أن قاتلوا شيبان وجيشه وفق النظم والمواثيق الإسلاميَّة السامية، وكان خازم بن خزيمة القائد العباسي يلاحق شيبان فلَمَّا وصل إلى عمان وجد الإمامَ وقد تغلَّب عليه فطلب خازم من الإمام الجلندى السمع والطاعة لأبي العباس السفاح وتسليم خاتم شيبان وسيفه، رجع الإمام إلى أهل الشورى فرفضوا ذلك؛ لِأَنَّ شيبان رجل مُوحِّد فأمواله ترجع إلى ورثته ولا يجوز أن تُستَحِلُّ وليس خازم ولا مولاه أهلا للثقة، لذا رأى الإمام حفظها ولو كلفهم ذلك أرواحهم، فكانت المعركة بين خازم بن خزيمة والإمام في منطقة جلفار -رأس الخيمة حاليا- فقُتل جميع أصحاب الجلندى فلم يبق إلا هو وقاضيه -تلميذ أبي عبيدة -هلال بن عطية الخراساني، فقال الجلندى لهلال: احمل يا هلال، فأجابه -رحِمَهُم اللَّه-: “أنت إمامي فكن أمامي ولك عليّ أن لا أبقى بعدك”؛ فكانوا شهداء المبدأ بعدم استحلال أموال المسلمين البغاة، وذلك بعد أن لجأ خازم إلى المكر والخديعة بإحراق منازل العمانيين بمن فيها، فاشتغلوا بإنقاذ ذراريهم، وبعدها أخذ خازم يعيث في عمان فسادًا حيث قطع نحو عشرة آلاف رأس وبعث بها إلى البصرة لكي تصلب هناك، فشتَّان شتَّان!، وروي أنَّه لما حضرت خازم وفاته قيل له: أبشر فقد فتح اللَّه على يديك، فقال: “غررتمونا في الحياة، وتغروننا في الممات، هيهات هيهات، فكيف لي بقتل الشَّيخ العماني” يعني الإمام الجلندى.
وهذا الإمام ناصر بن مرشد اليعربي يصف عهده الشَّيخ أبو نبهان جاعد بن خميس -رَحِمَهُ اللَّه- بقوله: “و كثر في زمانه العلم، وكثر الدين والورع في زمانه، حتى أنَّ من يبيع اللحم ويبيع البصل فيهم من يصلح أن يكون واليا، أو قاضيا، أو خازنا، أو وكيلا؛ لكثرة أمانتهم وعلمهم”.
قيَّض اللَّه الإمام ناصر على عمان بعد أن تفشى فيها الجهل والفتن القبلية في الوقت الذي كانت قوى الاستعمار البرتغالي تسيطر على ساحل عمان وتُنكِّل بالعمانيين أشد العذاب.
فكانت أول خطوة في التحرير توحيد العمانيين تحت راية واحدة ثمَّ تسيير الجيوش للجهاد ضد المحتل، وقد نشأ الإمام في كنف الشَّيخ العلَّامَة خميس بن سعيد الشقصي الذي قاد السرايا لتحرير بعض مناطق الساحل ثمَّ عقد معه النصارى صلحا، وما لبث أن نصر اللَّه المؤمنين فكانت مسقط آخر مناطق احتلال البرتغاليين وقد فرض الإمام عليهم الجزية تمهيدًا لطردهم -لإخلالهم بالعهد- على يد خليفة الإمام ناصر الإمام سلطان بن سيف بن مالك عام 1061هـ (1650م) الملقب بقيد الأرض وبذا تصبح عمان أول دولة عربية استقلالًا، ولم يكتفِ الإمام بتحرير عمان بل تتبع البرتغاليين في المحيط الهندي وشرقي أفريقيا التي امتد فيها الحكم العماني حتى الانقلاب الشيوعي الدموي سنة 1964م، ووصل إلى الهند فكانت معركة ديو التي غنم فيها الإمام أموالا عظيمة استعان بها على بناء قلعة نزوى الحصينة.
ولا غرو، فقد كان الإمام سلطان بن سيف اليعربي ذا همة عالية أعرب عنها قوله: “إن أعاشني اللَّه لأجعلن المسافر من نزوى إلى مكة يذهب بلا زاد”.
والقائمة تطول فَلِلَّه الحمد والمنة.

الكلمات المفتاحية:

Exit mobile version