مواضيعالاسلامتفسير القرآن الكريمتفسير قوله تعالى ” يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة “

تفسير قوله تعالى ” يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة “

بواسطة : admin | آخر تحديث : 31 مارس، 2021 | المشاهدات: 167

تفسير قوله تعالى ” يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة “

( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ( 27 ) )

قال البخاري : حدثنا أبو الوليد ، حدثنا شعبة ، أخبرني علقمة بن مرثد قال : سمعت سعد بن عبيدة ، عن البراء بن عازب ، رضي الله عنه; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” المسلم إذا سئل في القبر ، شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، فذلك قوله : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) .

ورواه مسلم أيضا وبقية الجماعة كلهم ، من حديث شعبة ، به .

وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن زاذان ، عن البراء بن عازب قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار ، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد ، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله ، كأن على رءوسنا الطير ، وفي يده عود ينكت به في الأرض ، فرفع رأسه فقال : ” استعيذوا بالله من عذاب القبر ” ، مرتين أو ثلاثا ، ثم قال : ” إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء ، بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس ، معهم كفن من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة ، حتى يجلسوا منه مد البصر . ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه ، فيقول : أيتها النفس الطيبة ، اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان ” . قال : ” فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء فيأخذها ، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين ، حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط ، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض . فيصعدون بها ، فلا يمرون – يعني بها – على ملأ من الملائكة [ ص: 495 ] إلا قالوا : ما هذا الروح [ الطيب ] ؟ فيقولون : فلان ابن فلان ، بأحسن أسمائه التي [ كانوا ] يسمونه بها في الدنيا ، حتى ينتهوا به إلى السماء الدنيا ، فيستفتحون له ، فيفتح له ، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها ، حتى ينتهى بها إلى السماء السابعة ، فيقول الله : اكتبوا كتاب عبدي في عليين ، وأعيدوه إلى الأرض ، فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ، ومنها أخرجهم تارة أخرى ” .

قال : ” فتعاد روحه [ في جسده ] فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : ربي الله . فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول : ديني الإسلام . فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول : هو رسول الله . فيقولان له : وما علمك ؟ فيقول : قرأت كتاب الله ، فآمنت به وصدقت . فينادي مناد من السماء : أن صدق عبدي ، فأفرشوه من الجنة ، وألبسوه من الجنة ، وافتحوا له بابا إلى الجنة – قال : فيأتيه من روحها وطيبها ، ويفسح له في قبره مد بصره . ويأتيه رجل حسن الوجه ، حسن الثياب ، طيب الريح ، فيقول : أبشر بالذي يسرك ، هذا يومك الذي كنت توعد . فيقول له من أنت ؟ فوجهك الوجه يجيء بالخير . فيقول : أنا عملك الصالح . فيقول : رب أقم الساعة . رب ، أقم الساعة ، حتى أرجع إلى أهلي ومالي ” .

قال : ” وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة ، نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه ، معهم المسوح ، فجلسوا منه مد البصر . ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه ، فيقول : أيتها النفس الخبيثة ، اخرجي إلى سخط من الله وغضب ” . قال : ” فتفرق في جسده ، فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول ، فيأخذها ، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين ، حتى يجعلوها في تلك المسوح . ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض ، فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا : ما هذا الروح الخبيث ؟ فيقولون : فلان ابن فلان ، بأقبح أسمائه التي كان يسمونه بها في الدنيا [ حتى ينتهى به إلى السماء الدنيا ] فيستفتح له فلا يفتح له ” . ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ) [ الأعراف : 40 ] ، فيقول الله : ” اكتبوا كتابه في سجين ، في الأرض السفلى ، فتطرح روحه طرحا ” . ثم قرأ : ( ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق ) [ الحج : 31 ] .

” فتعاد روحه في جسده ، ويأتيه ملكان فيجلسانه ويقولان له : من ربك ؟ فيقول : هاه هاه ، لا أدري . فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول : هاه هاه ، لا أدري . فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول : هاه هاه ، لا أدري . فينادي مناد من السماء : أن كذب فأفرشوه من النار ، وافتحوا له بابا إلى النار . فيأتيه من حرها وسمومها ، ويضيق عليه قبره ، حتى تختلف فيه أضلاعه ، ويأتيه رجل [ ص: 496 ] قبيح الوجه ، قبيح الثياب ، منتن الريح فيقول : أبشر بالذي يسوءك ، هذا يومك الذي كنت توعد . فيقول : ومن أنت فوجهك [ الوجه ] يجيئ بالشر . فيقول : أنا عملك الخبيث ، فيقول : رب ، لا تقم الساعة ” .

ورواه أبو داود من حديث الأعمش ، والنسائي وابن ماجه من حديث المنهال بن عمرو ، به .

وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن يونس بن خباب عن المنهال بن عمرو ، عن زاذان ، عن البراء بن عازب ، رضي الله عنه ، قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنازة ، فذكر نحوه .

وفيه : ” حتى إذا خرج روحه صلى عليه كل ملك بين السماء والأرض ، [ وكل ملك في السماء ] وفتحت أبواب السماء ، ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله ، عز وجل ، أن يعرج بروحه من قبلهم ” .

وفي آخره : ” ثم يقيض له أعمى أصم أبكم ، وفي يده مرزبة لو ضرب بها جبل لكان ترابا ، فيضربه ضربة فيصير ترابا . ثم يعيده الله ، عز وجل ، كما كان ، فيضربه ضربة أخرى فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الثقلين ” . قال البراء : ثم يفتح له باب إلى النار ، ويمهد من فرش النار .

وقال سفيان الثوري ، عن أبيه ، عن خيثمة ، عن البراء في قوله تعالى : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا ) قال : عذاب القبر .

وقال المسعودي ، عن عبد الله بن مخارق ، عن أبيه ، عن عبد الله قال : إن المؤمن إذا مات أجلس في قبره ، فيقال له : من ربك ؟ ما دينك ؟ من نبيك ؟ فيثبته الله ، فيقول : ربي الله ، وديني الإسلام ، ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم . وقرأ عبد الله : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) .

وقال الإمام عبد بن حميد ، رحمه الله ، في مسنده : حدثنا يونس بن محمد ، حدثنا شيبان بن عبد الرحمن ، عن قتادة ، حدثنا أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إن العبد إذا وضع في قبره ، وتولى عنه أصحابه ، إنه ليسمع قرع نعالهم ” . قال : ” فيأتيه ملكان فيقعدانه فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ ” قال : ” فأما المؤمن فيقول : أشهد أنه عبد الله ورسوله ” . قال : ” فيقال له : انظر إلى مقعدك من النار ، قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة ” . قال نبي الله صلى الله عليه وسلم : ” فيراهما جميعا ” . قال [ ص: 497 ] قتادة : وذكر لنا أنه يفسح له في قبره سبعون ذراعا ، ويملأ عليه خضرا إلى يوم القيامة .

رواه مسلم عن عبد بن حميد ، به وأخرجه النسائي من حديث يونس بن محمد المؤدب ، به .

وقال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير ، أنه سأل جابر بن عبد الله عن فتاني القبر فقال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ” إن هذه الأمة تبتلى في قبورها ، فإذا أدخل المؤمن قبره وتولى عنه أصحابه ، جاء ملك شديد الانتهار ، فيقول له : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول المؤمن : أقول : إنه رسول الله وعبده . فيقول له الملك : انظر إلى مقعدك الذي كان لك في النار ، قد أنجاك الله منه ، وأبدلك بمقعدك الذي ترى من النار مقعدك الذي ترى من الجنة ، فيراهما كليهما . فيقول المؤمن : دعوني أبشر أهلي . فيقال له : اسكن . وأما المنافق فيقعد إذا تولى عنه أهله ، فيقال له : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول : لا أدري ، أقول كما يقول الناس . فيقال له : لا دريت ، هذا مقعدك الذي كان لك في الجنة ، قد أبدلت مكانه مقعدك من النار ” .

قال جابر : فسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ” يبعث كل عبد في القبر على ما مات ، المؤمن على إيمانه ، والمنافق على نفاقه ” .

إسناده صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه .

وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو عامر ، حدثنا عباد بن راشد ، عن داود بن أبي هند ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري قال : شهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جنازة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” يا أيها الناس ، إن هذه الأمة تبتلى في قبورها ، فإذا الإنسان دفن وتفرق عنه أصحابه ، جاءه ملك في يده مطراق فأقعده ، قال : ما تقول في هذا الرجل ؟ فإن كان مؤمنا قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله فيقول له : صدقت . ثم يفتح له بابا إلى النار ، فيقول : هذا كان منزلك لو كفرت بربك ، فأما إذ آمنت فهذا منزلك . فيفتح له بابا إلى الجنة ، فيريد أن ينهض إليه ، فيقول له : اسكن . ويفسح له في قبره ” . ” وإن كان كافرا أو منافقا يقول له : ما تقول في هذا الرجل ؟ فيقول : لا أدري ، سمعت الناس يقولون شيئا فيقول : لا دريت ولا تليت ولا اهتديت . ثم يفتح له بابا إلى الجنة ، فيقول له : هذا [ ص: 498 ] منزلك لو آمنت بربك ، فأما إذ كفرت به فإن الله ، عز وجل ، أبدلك به هذا . فيفتح له بابا إلى النار ، ثم يقمعه قمعة بالمطراق يسمعها خلق الله ، عز وجل ، كلهم غير الثقلين ” . فقال بعض القوم : يا رسول الله ، ما أحد يقوم عليه ملك في يده مطراق إلا هيل عند ذلك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت ) .

وهذا أيضا إسناد لا بأس به ، فإن عباد بن راشد التميمي روى له البخاري مقرونا ، ولكن ضعفه بعضهم .

وقال الإمام أحمد : حدثنا حسين بن محمد ، عن ابن أبي ذئب ، عن محمد بن عمرو بن عطاء ، عن سعيد بن يسار ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم إن الميت تحضره الملائكة ، فإذا كان الرجل الصالح قالوا : اخرجي أيتها النفس المطمئنة كانت في الجسد الطيب ، اخرجي حميدة ، وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان ” . قال : ” فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج ، ثم يعرج بها إلى السماء ، فيستفتح لها فيقال : من هذا ؟ فيقال : فلان . فيقولون : مرحبا بالروح الطيبة كانت في الجسد الطيب ، ادخلي حميدة ، وأبشري بروح وريحان ، ورب غير غضبان ” قال : فلا يزال يقال لها ذلك ، حتى ينتهى بها إلى السماء التي فيها الله عز وجل .

وإذا كان الرجل السوء قالوا : اخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث ، اخرجي ذميمة ، وأبشري بحميم وغساق ، وآخر من شكله أزواج . فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج ، ثم يعرج بها إلى السماء ، فيستفتح لها فيقال : من هذا ؟ فيقال : فلان ، فيقال : لا مرحبا بالنفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث ، ارجعي ذميمة ، فإنه لا تفتح لك أبواب السماء . فيرسل من السماء ، ثم يصير إلى القبر ” ، فيجلس الرجل الصالح فيقال له مثل ما قيل في الحديث الأول ، ويجلس الرجل السوء فيقال له مثل ما قيل في الحديث الأول .

ورواه النسائي وابن ماجه ، من طريق ابن أبي ذئب بنحوه .

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : إذا خرجت روح العبد المؤمن ، تلقاها ملكان يصعدان بها . قال حماد : فذكر من طيب ريحها وذكر المسك . قال : ويقول أهل السماء : روح طيبة جاءت من قبل الأرض ، صلى الله عليك وعلى جسد كنت تعمرينه ، فينطلق به إلى ربه عز وجل ، فيقول : انطلقوا به إلى آخر الأجل . وإن الكافر إذا خرجت روحه . قال حماد : وذكر من [ ص: 499 ] نتنها وذكر مقتا ، ويقول أهل السماء : روح خبيثة جاءت من قبل الأرض . قال : فيقال : انطلقوا به إلى آخر الأجل . قال أبو هريرة : فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم ريطة كانت عليه على أنفه ، هكذا .

وقال ابن حبان في صحيحه : حدثنا عمر بن محمد الهمداني ، حدثنا زيد بن أخزم ، حدثنا معاذ بن هشام ، حدثني أبي ، عن قتادة ، عن قسامة بن زهير ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” إن المؤمن إذا قبض ، أتته ملائكة الرحمة بحريرة بيضاء ، فيقولون : اخرجي إلى روح الله . فتخرج كأطيب ريح مسك ، حتى إنه ليناوله بعضهم بعضا يشمونه حتى يأتوا به باب السماء ، فيقولون ما هذا الريح الطيبة التي جاءت من قبل الأرض ؟ ولا يأتون سماء إلا قالوا مثل ذلك ، حتى يأتوا به أرواح المؤمنين ، فلهم أشد فرحا به من أهل الغائب بغائبهم ، فيقولون : ما فعل فلان ؟ فيقولون : دعوه حتى يستريح ، فإنه كان في غم! فيقول : قد مات ، أما أتاكم ؟ فيقولون : ذهب به إلى أمه الهاوية . وأما الكافر فيأتيه ملائكة العذاب بمسح فيقولون : اخرجي إلى غضب الله ، فتخرج كأنتن ريح جيفة ، فيذهب به إلى باب الأرض ” .

وقد روي أيضا من طريق همام بن يحيى ، عن قتادة ، عن أبي الجوزاء ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه . قال : ” فيسأل : ما فعل فلان ، ما فعل فلان ؟ ما فعلت فلانة ؟ ” قال : ” وأما الكافر فإذا قبضت نفسه ، وذهب بها إلى باب الأرض تقول خزنة الأرض : ما وجدنا ريحا أنتن من هذه . فيبلغ بها الأرض السفلى ” .

قال قتادة : وحدثني رجل ، عن سعيد بن المسيب ، عن عبد الله بن عمرو قال : أرواح المؤمنين تجمع بالجابية . وأرواح الكفار تجمع ببرهوت ، سبخة بحضرموت .

وقال الحافظ أبو عيسى الترمذي ، رحمه الله : حدثنا يحيى بن خلف ، حدثنا بشر بن المفضل ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إذا قبر الميت – أو قال : أحدكم – أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما : المنكر ، والآخر : النكير ، فيقولان : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول ما كان يقول : هو عبد الله ورسوله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله . فيقولان : قد كنا نعلم أنك تقول هذا . ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعا في سبعين . ثم ينور له فيه ، ثم يقال له : نم . فيقول : أرجع إلى أهلي فأخبرهم ، فيقولان : نم نومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه ، حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك . وإن كان منافقا قال : سمعت الناس يقولون فقلت مثلهم ، لا أدري . فيقولان : قد كنا نعلم أنك [ ص: 500 ] تقول ذلك ، فيقال للأرض : التئمي عليه . فتلتئم عليه ، فتختلف أضلاعه ، فلا يزال فيها معذبا حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك ” .

ثم قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب .

وقال حماد بن سلمة ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) قال : ” ذاك إذا قيل له في القبر : من ربك ؟ وما دينك ؟ فيقول : ربي الله ، وديني الإسلام ، ونبيي محمد ، جاءنا بالبينات من عند الله ، فآمنت به وصدقت . فيقال له : صدقت ، على هذا عشت ، وعليه مت ، وعليه تبعث ” .

وقال ابن جرير : حدثنا مجاهد بن موسى والحسن بن محمد قالا : حدثنا يزيد ، أنبأنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة إن الميت ليسمع خفق نعالهم حين يولون عنه مدبرين ، فإذا كان مؤمنا كانت الصلاة عند رأسه ، والزكاة عن يمينه ، والصيام عن يساره ، وكان فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه ، فيؤتى من عند رأسه فتقول الصلاة : ما قبلي مدخل ، فيؤتى من عن يمينه فتقول الزكاة : ما قبلي مدخل . فيؤتى عن يساره فيقول الصيام : ما قبلي مدخل . فيؤتى من عند رجليه فيقول فعل الخيرات : ما قبلي مدخل . فيقال له اجلس .

فيجلس ، قد تمثلت له الشمس ، قد دنت للغروب ، فيقال له أخبرنا عما نسألك . فيقول : دعوني حتى أصلي . فيقال : إنك ستفعل ، فأخبرنا عما نسألك . فيقول : وعم تسألوني ؟ فيقال : أرأيت هذا الرجل الذي كان فيكم ، ماذا تقول فيه ، وماذا تشهد به عليه ؟ فيقول : أمحمد ؟ فيقال له : نعم . فيقول : أشهد أنه رسول الله ، وأنه جاءنا بالبينات من عند الله ، فصدقناه . فيقال له : على ذلك حييت ، وعلى ذلك مت ، وعلى ذلك تبعث إن شاء الله . ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعا وينور له فيه ، ويفتح له باب إلى الجنة ، فيقال له : انظر إلى ما أعد الله لك فيها . فيزداد غبطة [ وسرورا ] ثم يجعل نسمه في النسم الطيب ، وهي طير خضر تعلق بشجر الجنة ، ويعاد الجسد إلى ما بدئ منه من التراب ” وذلك قول الله : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) .

ورواه ابن حبان من طريق المعتمر بن سليمان ، عن محمد بن عمرو ، وذكر جواب الكافر [ ص: 501 ] وعذابه .

وقال البزار : حدثنا سعيد بن بحر القراطيسي ، حدثنا الوليد بن القاسم ، حدثنا يزيد بن كيسان ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة – أحسبه رفعه – قال : ” إن المؤمن ينزل به الموت ، ويعاين ما يعاين ، فيود لو خرجت – يعني نفسه – والله يحب لقاءه ، وإن المؤمن يصعد بروحه إلى السماء ، فتأتيه أرواح المؤمنين ، فتستخبره عن معارفهم من أهل الأرض ، فإذا قال : تركت فلانا في الأرض أعجبهم ذلك . وإذا قال : إن فلانا قد مات ، قالوا : ما جيء به إلينا . وإن المؤمن يجلس في قبره ، فيسأل : من ربك ؟ فيقول : ربي الله ويسأل : من نبيك ؟ فيقول : محمد نبيي فيقال : ماذا دينك ؟ قال : ديني الإسلام . فيفتح له باب في قبره ، فيقول – أو : يقال – انظر إلى مجلسك . ثم يرى القبر فكأنما كانت رقدة . وإذا كان عدو الله نزل به الموت وعاين ما عاين ، فإنه لا يحب أن تخرج روحه أبدا ، والله يبغض لقاءه ، فإذا جلس في قبره – أو : أجلس – يقال له : من ربك ؟ فيقول : لا أدري . فيقال : لا دريت . فيفتح له باب من جهنم ، ثم يضرب ضربة يسمعها كل دابة إلا الثقلين ، ثم يقال له : نم كما ينام المنهوش ” . قلت لأبي هريرة : ما المنهوش ؟ قال : الذي تنهشه الدواب والحيات ، ثم يضيق عليه قبره .

ثم قال : لا نعلم رواه إلا الوليد بن القاسم .

وقال الإمام أحمد – رحمه الله – : حدثنا حجين بن المثنى ، حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون ، عن محمد بن المنكدر قال : كانت أسماء – يعني بنت الصديق – رضي الله عنها – تحدث عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قالت : قال : ” إذا دخل الإنسان قبره ، فإن كان مؤمنا أحف به عمله : الصلاة والصيام ” قال : ” فيأتيه الملك من نحو الصلاة فترده ، ومن نحو الصيام فيرده ” قال : ” فيناديه : اجلس . فيجلس . فيقول له : ماذا تقول في هذا الرجل ؟ يعني النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : من ؟ قال : محمد . قال أشهد أنه رسول الله ، قال : يقول : وما يدريك ؟ أدركته ؟ قال : أشهد أنه رسول الله . قال : يقول : على ذلك عشت ، وعليه مت ، وعليه تبعث . وإن كان فاجرا أو كافرا ، جاءه الملك ليس بينه وبينه شيء يرده ، فأجلسه يقول : اجلس ، ماذا تقول في هذا الرجل ؟ قال : أي رجل ؟ قال : محمد ؟ قال : يقول : والله ما أدري ، سمعت الناس يقولون شيئا فقلته . قال له الملك : على ذلك عشت ، وعليه مت ، وعليه [ ص: 502 ] تبعث . قال : وتسلط عليه دابة في قبره ، معها سوط تمرته جمرة مثل غرب البعير ، تضربه ما شاء الله ، صماء لا تسمع صوته فترحمه ” .

وقال العوفي ، عن ابن عباس – رضي الله عنهما – في هذه الآية قال : إن المؤمن إذا حضره الموت شهدته الملائكة ، فسلموا عليه وبشروه بالجنة ، فإذا مات مشوا مع جنازته ، ثم صلوا عليه مع الناس ، فإذا دفن أجلس في قبره فيقال له : من ربك ؟ فيقول : ربي الله . فيقال له : من رسولك ؟ فيقول : محمد – صلى الله عليه وسلم – . فيقال له : ما شهادتك ؟ فيقول : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله . فيوسع له في قبره مد بصره . وأما الكافر فتنزل عليه الملائكة ، فيبسطون أيديهم – ” والبسط ” : هو الضرب – يضربون وجوههم وأدبارهم عند الموت . فإذا أدخل قبره أقعد ، فقيل له : من ربك ؟ فلم يرجع إليهم شيئا ، وأنساه الله ذكر ذلك . وإذا قيل : من الرسول الذي بعث إليك ؟ لم يهتد له ، ولم يرجع إليه شيئا ، كذلك يضل الله الظالمين .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي ، حدثنا شريح بن مسلمة حدثنا إبراهيم بن يوسف ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن عامر بن سعد البجلي ، عن أبي قتادة الأنصاري في قوله تعالى : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) الآية ، قال : إن المؤمن إذا مات أجلس في قبره ، فيقال له : من ربك ؟ فيقول : الله . فيقال له : من نبيك ؟ فيقول : محمد بن عبد الله . فيقال له في ذلك مرات . ثم يفتح له باب إلى النار ، فيقال له : انظر إلى منزلك في النار لو زغت ثم يفتح له باب إلى الجنة ، فيقال له : انظر إلى منزلك [ من الجنة إذ ثبت . وإذا مات الكافر أجلس في قبره ، فيقال له : من ربك ؟ من نبيك ؟ فيقول : لا أدري ، كنت أسمع الناس يقولون . فيقال له : لا دريت . ثم يفتح له باب إلى الجنة ، فيقال له : انظر إلى منزلك ] لو ثبت ، ثم يفتح له باب إلى النار ، فيقال له : انظر إلى منزلك إذ زغت فذلك قوله تعالى : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة )

وقال عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) قال : لا إله إلا الله ، ( وفي الآخرة ) المسألة في القبر .

وقال قتادة : أما الحياة الدنيا فيثبتهم بالخير والعمل الصالح ، ( وفي الآخرة ) في القبر . وكذا روي عن غير واحد من السلف .

وقال أبو عبد الله الحكيم الترمذي في كتابه ” نوادر الأصول ” : حدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن [ ص: 503 ] نافع ، عن ابن أبي فديك ، عن عبد الرحمن بن عبد الله عن سعيد بن المسيب ، عن عبد الرحمن بن سمرة قال : خرج علينا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ذات يوم ، ونحن في مسجد المدينة ، فقال : ” إني رأيت البارحة عجبا ، رأيت رجلا من أمتي [ جاءه ملك الموت ليقبض روحه ، فجاءه بره بوالديه فرد عنه . ورأيت رجلا من أمتي ] قد بسط عليه عذاب القبر ، فجاءه وضوءه فاستنقذه من ذلك . ورأيت رجلا من أمتي [ قد ] احتوشته الشياطين ، فجاءه ذكر الله فخلصه من بينهم . ورأيت رجلا من أمتي قد احتوشته ملائكة العذاب ، فجاءته صلاته فاستنقذته من أيديهم . ورأيت رجلا من أمتي يلهث عطشا ، كلما ورد حوضا منع منه ، فجاءه صيامه فسقاه وأرواه . ورأيت رجلا من أمتي والنبيون قعود حلقا حلقا ، وكلما دنا لحقة طردوه ، فجاءه اغتساله من الجنابة ، فأخذ بيده فأقعده إلى جنبي . ورأيت رجلا من أمتي [ من ] بين يديه ظلمة ، ومن خلفه ظلمة ، وعن يمينه ظلمة ، وعن شماله ظلمة ، ومن فوقه ظلمة ، ومن تحته ظلمة ، وهو متحير فيها ، فجاءته حجته وعمرته ، فاستخرجاه من الظلمة وأدخلاه النور ، ورأيت رجلا من أمتي يكلم المؤمنين فلا يكلمونه ، فجاءته صلة الرحم ، فقالت : يا معشر المؤمنين ، كلموه ، فكلموه . ورأيت رجلا من أمتي يتقي وهج النار أو شررها بيده عن وجهه ، فجاءته صدقته فصارت سترا على وجهه وظلا على رأسه . ورأيت رجلا من أمتي قد أخذته الزبانية من كل مكان ، فجاءه أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ، فاستنقذاه من أيديهم ، وأدخلاه مع ملائكة الرحمة . ورأيت رجلا من أمتي جاثيا على ركبتيه ، بينه وبين الله حجاب ، فجاءه حسن خلقه ، فأخذ بيده فأدخله على الله – عز وجل – . ورأيت رجلا من أمتي قد هوت صحيفته من قبل شماله ، فجاءه خوفه من الله فأخذ صحيفته ، فجعلها في يمينه . [ ورأيت رجلا من أمتي قد خف ميزانه ، فجاءته أفراطه فثقلوا ميزانه ] ورأيت رجلا من أمتي قائما على شفير جهنم ، فجاءه وجله من الله ، فاستنقذه من ذلك ومضى . ورأيت رجلا من أمتي هوى في النار ، فجاءته دموعه التي بكى من خشية الله في الدنيا فاستخرجته من النار ، [ ورأيت رجلا من أمتي قائما على الصراط يرعد كما ترعد السعفة ، فجاء حسن ظنه بالله ، فسكن رعدته ، ومضى ] ورأيت رجلا من أمتي على الصراط يزحف أحيانا ويحبو أحيانا ، فجاءته صلاته علي ، فأخذت بيده فأقامته ومضى على الصراط . ورأيت رجلا من أمتي انتهى إلى أبواب الجنة ، فغلقت الأبواب دونه ، فجاءته شهادة : أن لا إله إلا الله ، ففتحت له الأبواب وأدخلته الجنة ” .

قال القرطبي بعد إيراده هذا الحديث من هذا الوجه : هذا حديث عظيم ، ذكر فيه أعمالا خاصة تنجي من أهوال خاصة . أورده هكذا في كتابه ” التذكرة ” . [ ص: 504 ]

وقد روى الحافظ أبو يعلى الموصلي في هذا حديثا غريبا مطولا فقال : حدثنا أبو عبد الله أحمد بن إبراهيم النكري ، حدثنا محمد بن بكر البرساني أبو عثمان ، حدثنا أبو عاصم الحبطي – وكان من خيار أهل البصرة ، وكان من أصحاب حزم ، وسلام بن أبي مطيع – حدثنا بكر بن خنيس ، عن ضرار بن عمرو ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس بن مالك ، عن تميم الداري ، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ” يقول الله – عز وجل – لملك الموت : انطلق إلى وليي فأتني به ، فإني قد ضربته بالسراء والضراء ، فوجدته حيث أحب . ائتني به فلأريحنه .

فينطلق إليه ملك الموت ومعه خمسمائة من الملائكة ، معهم أكفان وحنوط من الجنة ، ومعهم ضبائر الريحان ، أصل الريحانة واحد وفي رأسها عشرون لونا ، لكل لون منها ريح سوى ريح صاحبه ، ومعهم الحرير الأبيض فيه المسك الأذفر . فيجلس ملك الموت عند رأسه ، وتحف به الملائكة . ويضع كل ملك منهم يده على عضو من أعضائه ويبسط ذلك الحرير الأبيض والمسك الأذفر تحت ذقنه ، ويفتح له بابا إلى الجنة ، فإن نفسه لتعلل عند ذلك بطرف الجنة تارة ، وبأزواجها [ مرة ] ومرة بكسواتها ومرة بثمارها ، كما يعلل الصبي أهله إذا بكى ” . قال : ” وإن أزواجه ليبتهشن عند ذلك ابتهاشا ” .

قال : ” وتنزو الروح ” . قال البرساني : يريد أن تخرج من العجل إلى ما تحب . قال : ” ويقول ملك الموت : اخرجي يا أيتها الروح الطيبة ، إلى سدر مخضود ، وطلح منضود ، وظل ممدود ، وماء مسكوب ” . قال : ” ولملك الموت أشد به لطفا من الوالدة بولدها ، يعرف أن ذلك الروح حبيب لربه ، فهو يلتمس بلطفه تحببا لديه رضاء للرب عنه ، فتسل روحه كما تسل الشعرة من العجين ” . قال : ” وقال الله – عز وجل – : ( الذين تتوفاهم الملائكة طيبين ) [ النحل : 32 ] وقال ( فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم ) [ الواقعة : 88 ، 89 ] قال : ” روح من جهة الموت ، وريحان يتلقى به ، وجنة نعيم تقابله ” . قال : ” فإذا قبض ملك الموت روحه ، قالت الروح للجسد : جزاك الله عني خيرا ، فقد كنت سريعا بي إلى طاعة الله ، بطيئا بي عن معصية الله ، فقد نجيت وأنجيت ” . قال : ” ويقول الجسد للروح مثل ذلك ” .

قال : ” وتبكي عليه بقاع الأرض التي كان يطيع الله فيها ، وكل باب من السماء يصعد منه عمله . وينزل منه رزقه أربعين ليلة ” .

قال : ” فإذا قبض ملك الموت روحه ، أقامت الخمسمائة من الملائكة عند جسده ، فلا يقلبه بنو آدم لشق إلا قلبته الملائكة قبلهم ، وغسلته وكفنته بأكفان قبل أكفان بني آدم ، وحنوط قبل حنوط [ ص: 505 ] بني آدم ، ويقوم من بين باب بيته إلى باب قبره صفان من الملائكة ، يستقبلونه بالاستغفار ، فيصيح عند ذلك إبليس صيحة تتصدع منها عظام جسده ” . قال : ” ويقول لجنوده : الويل لكم . كيف خلص هذا العبد منكم ، فيقولون إن هذا كان عبدا معصوما ” .

قال : ” فإذا صعد ملك الموت بروحه ، يستقبله جبريل في سبعين ألفا من الملائكة ، كل يأتيه ببشارة من ربه سوى بشارة صاحبه ” . قال : ” فإذا انتهى ملك الموت بروحه إلى العرش ، خر الروح ساجدا ” . قال : ” يقول الله – عز وجل – لملك الموت : انطلق بروح عبدي فضعه في سدر مخضود ، وطلح منضود ، وظل ممدود ، وماء مسكوب ” .

قال : ” فإذا وضع في قبره ، جاءته الصلاة فكانت عن يمينه ، وجاءه الصيام فكان عن يساره ، وجاءه القرآن فكان عند رأسه ، وجاءه مشيه إلى الصلاة فكان عند رجليه ، وجاءه الصبر فكان ناحية القبر ” . قال : ” فيبعث الله – عز وجل – عنقا من العذاب ” . قال : ” فيأتيه عن يمينه ” قال : ” فتقول الصلاة : وراءك والله ما زال دائبا عمره كله وإنما استراح الآن حين وضع في قبره ” . قال : ” فيأتيه عن يساره ، فيقول الصيام مثل ذلك ” . قال : ” ثم يأتيه من عند رأسه ، فيقول القرآن والذكر مثل ذلك ” . قال : ” ثم يأتيه من عند رجليه ، فيقول مشيه إلى الصلاة مثل ذلك . فلا يأتيه العذاب من ناحية يلتمس هل يجد مساغا إلا وجد ولي الله قد أخذ جنته ” . قال : ” فينقمع العذاب عند ذلك فيخرج ” . قال : ” ويقول الصبر لسائر الأعمال : أما إنه لم يمنعني أن أباشر أنا بنفسي إلا أني نظرت ما عندكم ، فإن عجزتم كنت أنا صاحبه ، فأما إذ أجزأتم عنه فأنا له ذخر عند الصراط والميزان ” .

قال : ” ويبعث الله ملكين أبصارهما كالبرق الخاطف ، وأصواتهما كالرعد القاصف ، وأنيابهما كالصياصي ، وأنفاسهما كاللهب ، يطآن في أشعارهما ، بين منكب كل واحد مسيرة كذا وكذا ، وقد نزعت منهما الرأفة والرحمة ، يقال لهما : منكر ونكير ، في يد كل واحد منهما مطرقة ، لو اجتمع عليها ربيعة ومضر لم يقلوها ” . قال : ” فيقولان له : اجلس ” . قال : ” فيجلس فيستوي جالسا ” . قال : ” وتقع أكفانه في حقويه ” . قال : ” فيقولان له : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ ” .

قال : قالوا : يا رسول الله ، ومن يطيق الكلام عند ذلك ، وأنت تصف من الملكين ما تصف ؟ قال : فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ” ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء )

قال : ” فيقول : ربي الله وحده لا شريك له ، وديني الإسلام الذي دانت به الملائكة ، ونبيي محمد خاتم النبيين ” . قال : ” فيقولان : صدقت ” . قال : فيدفعان القبر ، فيوسعان من بين يديه أربعين ذراعا ، وعن يمينه أربعين ذراعا ، وعن شماله أربعين ذراعا ، ومن خلفه أربعين ذراعا ، ومن عند رأسه [ ص: 506 ] أربعين ذراعا ، ومن عند رجليه أربعين ذراعا ” . قال : ” فيوسعان له مائتي ذراع ” .

قال البرساني : فأحسبه : وأربعين ذراعا تحاط به .

قال : ” ثم يقولان له : انظر فوقك ، فإذا باب مفتوح إلى الجنة ” . قال : ” فيقولان له : ولي الله ، هذا منزلك إذ أطعت الله ” . فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ” والذي نفس محمد بيده إنه يصل إلى قلبه عند ذلك فرحة ، ولا ترتد أبدا ، ثم يقال له : انظر تحتك ” . قال : ” فينظر تحته فإذا باب مفتوح إلى النار قال : ” فيقولان : ولي الله نجوت آخر ما عليك ” . قال : فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ” إنه ليصل إلى قلبه عند ذلك فرحة لا ترتد أبدا ” . قال : فقالت عائشة : يفتح له سبعة وسبعون بابا إلى الجنة ، يأتيه ريحها وبردها ، حتى يبعثه الله – عز وجل – .

وبالإسناد المتقدم إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ” ويقول الله تعالى لملك الموت : انطلق إلى عدوي فأتني به ، فإني قد بسطت له رزقي ، ويسرت له نعمتي ، فأبى إلا معصيتي ، فأتني به لأنتقم منه ” .

قال : ” فينطلق إليه ملك الموت في أكره صورة ما رآها أحد من الناس قط ، له اثنتا عشرة عينا ، ومعه سفود من النار كثير الشوك ، ومعه خمسمائة من الملائكة ، معهم نحاس وجمر من جمر جهنم ، ومعهم سياط من نار ، لينها لين السياط وهي نار تأجج ” . قال : ” فيضربه ملك الموت بذلك السفود ضربة يغيب كل أصل شوكة من ذلك السفود في أصل كل شعرة وعرق وظفر ” . قال : ” ثم يلويه ليا شديدا ” . قال : ” فينزع روحه من أظفار قدميه ” . قال : ” فيلقيها ” في عقبيه ثم يسكر عند ذلك عدو الله سكرة ، فيرفه ملك الموت عنه ” . قال : ” وتضرب الملائكة وجهه ودبره بتلك السياط ” . [ قال : ” فيشده ملك الموت شدة ، فينزع روحه من عقبيه ، فيلقيها في ركبتيه ، ثم يسكر عدو الله عند ذلك سكرة ، فيرفه ملك الموت عنه ” . قال : ” فتضرب الملائكة وجهه ودبره بتلك السياط ” ] قال : ” ثم ينتره ملك الموت نترة ، فينزع روحه من ركبتيه فيلقيها في حقويه ” . قال : ” فيسكر عدو الله عند ذلك سكرة ، فيرفه ملك الموت عنه ” . قال : ” وتضرب الملائكة وجهه ودبره بتلك السياط ” . قال : ” كذلك إلى صدره ، ثم كذلك إلى حلقه ” . قال : ثم تبسط الملائكة ذلك النحاس وجمر جهنم تحت ذقنه ” . قال : ” ويقول ملك الموت : اخرجي أيتها الروح اللعينة الملعونة إلى سموم وحميم ، وظل من يحموم ، لا بارد ولا كريم ” .

قال : ” فإذا قبض ملك الموت روحه قال الروح للجسد : جزاك الله عني شرا ، فقد كنت سريعا بي [ ص: 507 ] إلى معصية الله ، بطيئا بي عن طاعة الله ، فقد هلكت وأهلكت ” قال : ” ويقول الجسد للروح مثل ذلك ، وتلعنه بقاع الأرض التي كان يعصي الله عليها ، وتنطلق جنود إبليس إليه فيبشرونه بأنهم قد أوردوا عبدا من ولد آدم النار ” .

قال : فإذا وضع في قبره ضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه ، حتى تدخل اليمنى في اليسرى ، واليسرى في اليمنى ” قال : ” ويبعث الله إليه أفاعي دهما كأعناق الإبل يأخذن بأرنبته وإبهامي قدميه فيقرضنه حتى يلتقين في وسطه ” .

قال : ” ويبعث الله ملكين أبصارهما كالبرق الخاطف ، وأصواتهما كالرعد القاصف ، وأنيابهما كالصياصي ، وأنفاسهما كاللهب يطآن في أشعارهما ، بين منكبي كل واحد منهما مسيرة كذا وكذا ، قد نزعت منهما الرأفة والرحمة يقال لهما : منكر ونكير ، في يد كل واحد منهما مطرقة ، لو اجتمع عليها ربيعة ومضر لم يقلوها ” قال : ” فيقولان له : اجلس ” . قال : ” فيستوي جالسا ” قال : ” وتقع أكفانه في حقويه ” قال : ” فيقولان له : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ فيقول : لا أدري . فيقولان : لا دريت ولا تليت ” . [ قال ] فيضربانه ضربة يتطاير شررها في قبره ، ثم يعودان ” . قال : ” فيقولان : انظر فوقك . فينظر ، فإذا باب مفتوح من الجنة ، فيقولان : هذا – عدو الله – منزلك لو أطعت الله ” .

قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ” والذي نفسي بيده ، إنه ليصل إلى قلبه عند ذلك حسرة لا ترتد أبدا ” .

قال : ” ويقولان له : انظر تحتك فينظر تحته ، فإذا باب مفتوح إلى النار ، فيقولان : عدو الله ، هذا منزلك إذ عصيت الله ” .

قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ” والذي نفسي بيده ، إنه ليصل إلى قلبه عند ذلك حسرة لا ترتد أبدا ” .

قال : وقالت عائشة : ويفتح له سبعة وسبعون بابا إلى النار ، يأتيه [ من ] حرها وسمومها حتى يبعثه الله إليها .

هذا حديث غريب جدا ، وسياق عجيب ، ويزيد الرقاشي – راويه عن أنس – له غرائب ومنكرات ، وهو ضعيف الرواية عند الأئمة ، والله أعلم .

ولهذا قال أبو داود : حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي ، حدثنا هشام – هو ابن يوسف – عن عبد الله بن بحير ، عن هانئ مولى عثمان ، عن عثمان – رضي الله عنه – قال : كان النبي – صلى الله عليه وسلم – إذا فرغ من دفن الرجل وقف عليه فقال : ” استغفروا لأخيكم ، واسألوا له بالتثبيت ، فإنه الآن يسأل ” ، انفرد به أبو [ ص: 508 ] داود .

وقد أورد الحافظ أبو بكر بن مردويه عند قوله تعالى : ( ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم ) الآية [ الأنعام : 93 ] حديثا مطولا جدا ، من طريق غريب ، عن الضحاك ، عن ابن عباس مرفوعا ، وفيه غرائب أيضا .

الكلمات المفتاحية:

Exit mobile version