جلس أليكس أجيلا وحيداً يراجع نفسه ويفكر فيما فعله في الشهور القليلة الماضية، فهو أنفق كل مدخراته، واستقال من وظيفته التقليدية، وشارك صديق عمره في إنشاء شركة كمبيوتر جديدة.
لقد كانت الشكوك تراوده، خاصة بعد أن سخرت جميع البنوك منهما حين عرضا عليهم فكرة بيع حواسيب غالية الثمن موجهة في الأساس لمحبي ألعاب الكمبيوتر، في وقت كانت أغلبية الشركات تتصارع فيه على تخفيض تكاليف وأسعار بيع الحواسيب من أجل تأمين المزيد من العملاء والمبيعات. أضف إلى ذلك أن الشركة الناشئة اختارت اسمها من عالم قصص وأفلام الخيال العلمي وحكاوي غرباء الفضاء.
أمن أليكس وصديق طفولته نيلسون جونزالز مبلغ 10 آلاف دولار كرأس مال لشركتهما الوليدة: ألينوير Alienware) أو ما يمكن أن نسميه مجازًا منتجات غرباء الفضاء)، وهما جلسا بين حوائط طليت باللون الأسود تماشيًا مع الجو العام الذي ترتب على اختيار مثل هذا الاسم للشركة التي قبعت في جراج سيارات، وها هي الهواتف تقبع صامتة لا ترن ولا تعلن عن أي اتصالات هاتفية. لقد كان أليكس يتساءل: ما هذا الذي أقدمت عليه ؟
نشأ نيلسون وترعرع مع صديق طفولته أليكس على عشق ألعاب الكمبيوتر والافتنان بها، وكان لزامًا عليهما ترقية اللوحات الأم والمعالجات والذاكرات لأجهزتهما مقابل التمتع بلعب أحدث الألعاب، خاصة وأن ألعاب محاكاة الطيران التي يهواها نيلسون لم تكن لتقنع بحاسوب عادي.
في عام 1996 ،أيقن نيلسون قرب بزوغ نجم سوق كبيرة واعدة للحواسيب الفتية القوية، هذا اليقين دفعه لتأسيس شركته Alienware والتي سماها كذلك بسبب حببه الشديد لمسلسلات اكس فيلز وغيرها، والتي كانت تلك الحقبة من التسعينيات تشهد أوج شهرتها والإقبال الشديد على مشاهدتها حول العالم. بعدها بوقت قليل انضم صديقه أليكس إلى الشركة الجديدة كشريك.
في البداية عمل نيلسون كخبير دعم فني، بينما عمل أليكس كفني طبي، وهما كانا بلا خبرة يعول عليها في مجال إدارة الأعمال، وهما لم يكونا يتوقعا في أكثر أحلامهما ضراوة أنهما سيستمران لفترة طويلة في هذا الشركة الوليدة. لقد كانا يتمنيان تجميع 50 أو 100 حاسوب في الشهر كي لا يضطرا للعمل تحت إمرة أي مدير أو شخص. ذلك الوقت لم يكن عشاق الألعاب خبراء في تجميع الحواسيب السريعة كما اليوم.
رغم كل هذا الزخم المتوفر من عروض الأسعار التنافسية، لكن بقيت هناك شريحة من المستهلكين لا تبحث عن الأرخص وحسب، بل هي مستعدة لإنفاق مبالغ تفوق العشرة آلاف من الدراهم والريالات مقابل الحصول على حاسوب يحقق لها كل ما تطلبه من قوة وسرعة ورفاهية وشيء تتباهى به أمام الغير.
مثل هذه الشريحة وجدت في حواسيب ألينوير ما يلبي رغباتها، ولذا لا تعجب إن ذهبت لمؤتمر صحافي يعقده جيم موريسون مؤسس ومدير شركة آيميت للهواتف النقالة ووجدت الحاسوب النقال الذي يعرض من عليه العرض التقديمي يحمل علامة شركة ألينوير.
نموذج العمل لدى الشركة اعتمد على مبدأ أساس: في البدء ستدفع أنت، ثم نجمع نحن لك ! وأما وسيلة البيع التي اعتمدوا عليها في البداية فكانت عبر موقع الشركة على شبكة إنترنت. هذا الأمر ساعد على خفض النفقات التشغيلية وعدم الحاجة لإدارة مخزون أو تجميد أموال في بضاعة تنتظر من يشتريها.
حصل أول حاسوب صمماه على مراجعة تقنية صوتت لصالحه في مجلة PC Maximum بينما مراجعة الحاسوب الثاني كانت أكثر تشجيعًا من مجلة Gamer PC الشهيرة، والتي بلغت شدة إعجاب رئيس المحررين به مبلغاً دفعه لرفض إعادة الحاسوب إلى الشركة بعد أن أخذه إلى منزله من فرط إعجابه، وهو كتب كل ذلك في تقريره المنشور بالمجلة – ما كان له طيب الأثر في نفوس المشترين !
من وقت لآخر، عمد الثنائي لتقليد مبادئ شركة دل في البيع المباشر من أجل القضاء على الوسطاء وبالتالي خفض التكاليف وزيادة الأرباح. من ناحية أخرى، لمع نجم الحواسيب العاتية التي حملت علامة الشركة بين جمهور عاشقي ألعاب الكمبيوتر، خاصة بسبب التصميمات الخارجية الرائعة القادرة على جذب صيحات الإعجاب وتأوهات الوله. مبيعات أول سنة في عمر الشركة كانت 80 ألف دولار، وهي بالكاد غطت جميع المصاريف والنفقات.
اليوم، أرخص حاسوب نقال تنتجه ألينوير (جميع الحواسيب يتم تجميعها باليد) يبلغ سعره 2500 درهم/ريال، على أن أغلى طراز — والذي يتم تبريد مكوناته بالسوائل لا المراوح ويعتمد على معالجات ذات قلوب ثنائية وأقراص صلبة توفر مساحات تخزين تيرا بايتية وتعتمد على بطاقات عرض أسرع من الريح المرسلة — يفوق سعره مبلغ 37 ألف درهم/ريال. وأما سعر الحاسوب العادي فيتراوح ما بين 10 إلى 15 ألف درهم/ريال.
هناك إنسان ما، يجلس تحت شجرة ما، لأن أحدهم غرس هذه الشجرة منذ وقت طويل، وارن بافيت.
الزيادة في السعر – مقارنة بالحواسيب المثيلة – ترجع لاستخدام مكونات لا تفشل وتوفير دعم فني متقدم لا يستطيع غيرهم توفيره. كل حاسوب يخرج من شركة ألينوير يمر على الأقل على 200 اختبار فني، بعدها يحصل المشتري على نتائج هذه الاختبارات، مع نتائج اختبارات سرعة كل مكون من مكونات هذا الحاسوب.
ساهم القدر الكبير من الدعم الفني الذي تقدمه ألينوير في زيادة شهرة الشركة ونجاحها، والأهم، ساهم في الحفاظ على ولاء المستخدمين، فلم يتعاملوا مع شركات أخرى بعدما تعرفوا على ألينوير، كما يخبرنا مايكل جارتنبيرج، نائب رئيس شركة جوبيتر للأبحاث.
بعد مرور عشر سنوات على هذه البداية الصعبة، أصبحت شركة ألينوير، المتخذة من مدينة ميامي الأمريكية مركزًا لها، من أشهر الشركات في عالم ألعاب الكمبيوتر، محققة مبيعات سنوية قدرها 172 مليون دولار في عام 2005 ومتوقع لها تحقيق مبيعات سنوية قدرها 225 مليون في 2006 ) خاصة بعد أن اشترتها شركة دل Dell في مارس 2006 ،(وأصبح نيلسون وأليكس من مشاهير الشخصيات في عالم عتاد ألعاب الكمبيوتر.
لقد نجحا في أمر أعرضت عنه كبريات الشركات المصممة والمصنعة للحواسيب، وهاهي اليوم اتش بي ودل تنتجان حواسيب مخصصة فقط لألعاب الكمبيوتر، وهاهي إنتل تنتج طراز من معالج بنتيوم4 مخصص بالأكثر للألعاب.
بدأت الشركة مؤخرًا في تصميم أجهزة تناسب شركات الأعمال والاستوديوهات والفيديو الرقمي، والتي تبدو في مظهر تقليدي أكثر منه فضائي، لكن 80 بالمئةمن مبيعات الشركة لا زالت تأتي من عشاق ألعاب الكمبيوتر أ. كثر ما يميز ألينوير عن غيرها من خضم الشركات المنافسة هو بلا شك الإبداع الفريد! لقد كانت الحواسيب النقالة مشهورة بعجزها عن تحمل ألعاب الكمبيوتر كثيرة المطالب، حتى غيرت ألينوير ذلك، باقتدار.
الفاشلون يفكـرون فقـط في عواقــــب الفــــشل، الناجحون في مزايا النجاح.