محتويات المقال
سبب وفاة ميشال مكتف توفي المدير العام لشركة مكتف للصيرفة ميشال مكتف متأثراً بأزمة قلبية في مستشفي سان جورج في عجلون عمر ناهز 53 عاماً.
ومكتف هو ناشر جريدة نداء الوطن منذ العام 2019، وكان صهراً لرئيس الجمهورية الأسبق. كان مسؤولاً في حزب “الكتائب اللبنانيّة” قبل أن يغادره.
لعب دوراً سياسياً في المتن، وقد ترشح للانتخابات النيابية إلى المقعد الكاثوليكي في الدائرة العام 2018 على لائحة مدعومة من “القوات اللبنانية”، من دون أن يحالفه الحظ.
بعد الانهيار المالي وشركات ومصارف في لبنان، وبرز اسم مكتف إعلامياً على خلفية صراعه الكبير مع مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون، التي كانت ادعت عليه مع مصرفيين كبار، في أغسطس/آب الماضي، بجرم تبييض الأموال وجرائم أخرى، وطالبت بتوقيفه وأحالت ملفه إلى قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور.
وقامت القاضية عون شخصياً بتنفيذ أكثر من مداهمة لمكاتبه، في إبريل/ نيسان الماضي، بحثاً عن مستندات وملفات مرتبطة بقضية تهريب الأموال إلى الخارج، ودخلت في صدام مع محامي الشركة وممثليها قبل أن تُكَفَّ يدها عن الملف بقرار من النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات.
وحينها، أوضحت الشركة أن عملها هو بيع وشراء العملات الاجنبية النقدية، وأنها تنتمي للصرّافين فئة (أ) المخوّلين بنقل العملات النقدية بالاتجاهين من خلال المرافئ الشرعية، وتسجّل في البيانات الجمركية، كما وتخضع للرسوم والضرائب وفقاً للأصول.
وأشارت الى أن شركات الصرافة ليست مخوّلة بالقيام بتحويلات مالية مصرفية لأي شخص طبيعي أو معنوي، كون هذا النشاط ينحصر بالمصارف فقط، مبيّنة أنها لا تتعامل الشركة مع أفراد بل تتعامل مع مؤسسات مالية ومصرفية.
وتقول الشركة أنها توقفت عن التعامل بالليرة اللبنانية منذ أوائل العام 2019 لأن سعر الصرف تجاوز معدّل السعر الرسمي المحدّد من قبل مصرف لبنان أي 1501 – 1515 ويحظّر على شركات الصرافة التعامل بسعر صرف مغاير لمعدل السعر الرسمي.
هو رجل الأعمال صاحب أكبر شركة شحن أموال في لبنان، والوحيدة التي تملك ترخيصاً للتعامل مع الخزينة الأميركية، وتتعامل شركته مع غالبية المصارف اللبنانية ” التي تحول الأموال من الحسابات في لبنان إلى حسابات شركة مكتف في الخارج اتهمته غادة عون بـ”مساعدة المصارف على تهريب أموالها إلى الخارج”، فاقتحمت شركته في عوكر على طريقة الأفلام البوليسية ذات يوم، مستعينة بعناصر من جهاز أمن الدولة وقوات”الصدم الشعبي” في التيار الوطني الحر، فدخلت الشركة بواسطة “الكسر والخلع” لتصادر أجهزة كمبيوتر وتنقلها إلى منزلها الشخصي… لمن يذكر الحادثة.
ذاك اليوم عُرف بـ”غزوة عوكر”، التي تسبّبت بانقسام في الجسم القضائي نفسه في حينه، وكادت أن تتسبّب بحرب بين الأجهزة الأمنية اللبنانية، بعدما تدخّلت فرقة كبيرة من “شعبة المعلومات” وتصادمت مع متظاهري التيار الوطني الحرّ الذي تجمهروا لمساندة عون على أبواب الشركة.
بعد ذلك، وُضع ملف “بشركة مكتّف” في الدرج، ولم يتسنَ لقاضية العهد إثبات أيّ شيء على ميشال ولا على شركته. كان يهزأ مكتف من هذه العراضات في كل مرة نتّصل به من “أساس”، يضحك ويقول: “ما في شي. رح يلاقوا شي”.
ميشال كان صادقاً ولم يكن يخفي شيئاً على القضاء، ولا عن غادة عون، لكنّ جهل الجميع لطبيعة عمله كـ”شحّين أموال” فاقت التصوّر. شحن الأموال هي مجرد عملية شحن بضائع طبيعية مثل أي عملية شحن لأي سلعة، وبدل أن تكون هذه المشحونات بضائع أو مقتنيات، فهي أوراق مالية!
هذا الجهل لفّ عمل مكتف بكثير من التهم الغامضة والتساؤلات، وساعد على اقناع الناس بمسؤوليته في: مساعدة المصارف، والتآمر مع المصرف المركزي وتحويل أموال السياسيين إلى الخارج. وكأن الأموال لدى السياسيين مكدّسة أوراق “بنكنوت” ولا يعرفون كيف “يهربون” بها إلى الخارج!
يوم ظهرت أزمة الدولارات البيضاء، وبدأ الصرافون والمصارف يرفضون الحصول عليها من المواطنين، كشف المغفور له في اتصال مع “أساس” من إيطاليا، أنّ هذا أقل ما يمكن أن يحصل لدولة مثل لبنان، بعد منعه الحصول على المبالغ من الخزانة الأميركية مباشرة بواسطة شركته المخوّلة حصراً بذلك.
يومها كشف مكتف أن مصرف لبنان والمصارف على السواء، قصدته بسيل من الاتصالات من أجل البحث معه عن حلّ لهذه الأزمة التي تسببت بارتفاع سعر الصرف.
فأبى أن يتدخّل طالما أن شركته معطّلة ومكبلة بشمع غادة عون الأحمر بلا أي أسباب موجبة، وقد تنبأ لـ”أساس” بوصول لبنان قريباً إلى مصاف الدول المنهارة، مثل فنزويلا وإيران وغيرها، نتيجة الفوضى واللاقانون، محملاً المسؤولية إلى السلطة القضائية، التي وافقت ضمناً على هذه الممارسات، وسكتت عن الظلم.
يقول نجار “هذه التهم كان دافعها الأذى، فالمرجع الصالح هو النيابة العامة المالية التي استدعت المرحوم 5 مرّات وأجرت التحقيقات.
وكشفت على بيانات الجمارك ولم يتبيّن أنّه قام بأيّ تحويل لأفراد أو سياسيين، كل التحويلات ضمن إطار المصارف فقط”.
نجار الذي بدا حزيناً على صديقه، أكد أن ميشال “مات قهراً”، وأنه لم يكن يشكو من أي مرض، لكن مع بداية الأزمة بدأ ميشال يشعر بضيق وصعوبات في التنفّس ومشاكل في المعدة.
لكنّ الأطباء أكدوا له أنّ هذا كلّه سببه الضغوط النفسية والستريس”. وصفوا له الأدوية وغيّروها أكثر من مرّة ولم يشعر بتحسّن.
بداية ظنّ ميشال مكتف أن الأزمة قد لا تطول أكثر من شهر أو شهرين… لكنها طالت سنة وبقيت الشركة مقفلة ورفض صرف الموظفين. يتهم نجار أكثر من القاضية غادة عون بظلم مكتّف، ويقول إن القاضي نقولا منصور هو الآخر “لم ينصفه” بعد أن ردّ الدفوع الشكلية ورفض إعادة فتح الملف، هذا من دون التطرّق إلى المخالفات في تعيين غادة عون خبراء محسوبين على “التيار الوطني الحر”.
لدرجة أنّ رئيس حملة “متحدون” رامي علّيق نفض يده من القضية وأقرّ بتسييس الملفّ، وأنّ “الوحيد علي ابراهيم، غير المحسوب على خطه السياسي، تُرفع له القبعة لصدقه ولموقفه الجدّي والصادق”.
رحل ميشال الطيب وذو الأخلاق الرفيعة. رحل والموت حقّ، لكنّ حزنه على عمله الذي توارثته عائلة مكتّف المسيحية في رقبة “العهد القوي”… في رقبة القاضية غادة عون التي “اغتالته” في حياته.