مواضيع حصرية ومتنوعة – استمتع بكل لحظة معنا

خطبة احفظ الله يحفظك

احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ حَمْدًا يَلِيقُ بِجَلاَلِ وَجْهِهِ وَعَظِيمِ سُلْطَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، الدَّاعِي إِلَى كُلِّ خَيْرٍ وَصَوَابٍ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ سُبْحَانَهُ: ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [  ([1]).
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لَقَدْ أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْهُدَى، وَعَلَّمَهُ مَالَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ، وَآتَاهُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، فَأَوْصَانَا بِأَبْلَغِ الْحِكَمِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ] لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ[ ([2])
وَمِنْ وَصَايَاهُ النَّبَوِيَّةِ الشَّرِيفَةِ، وَسُنَنِهِ الْعَظِيمَةِ مَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا، فَقَالَ:« يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ»([3]).
إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ الشَّرِيفَ وَاسِعُ الدَّلاَلَةِ، عَظِيمُ الْمَعَانِي، يَدُورُ مَعَ النَّاسِ فِي حَيَاتِهِمْ حَيْثُ دَارُوا، وَيَسِيرُ مَعَهُمْ حَيْثُ سَارُوا، وَهُوَ زَادُ الْمُتَّقِينَ، وَدَأْبُ الصَّالِحِينَ، ابْتَدَأَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ:« احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ». وَحِفْظُ اللَّهِ تَعَالَى يَكُونُ بِفِعْلِ مَا أَمَرَ، وَاجْتِنَابِ مَا نَهَى عَنْهُ وَزَجَرَ، وَبِأَدَاءِ حُقُوقِهِ، وَإِقَامَةِ شَعَائِرِهِ.
عِبَادَ اللَّهِ: هَذِهِ الْوَصِيَّةُ النَّبَوِيَّةُ وَصِيَّةٌ جَامِعَةٌ شَرِيفَةٌ :« احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ». تَدْعُو الْمُسْلِمَ لِأَنْ يُعَظِّمَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :« إِنَّ اللَّهَ يَغَارُ، وَغَيْرَةُ اللَّهِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ»([4]). فَهَذِهِ الْوَصِيَّةُ تَحُثُّ الْمَرْءَ عَلَى أَنْ يَحْفَظَ جَوَارِحَهُ، وَيَصُونَ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ؛ فَلاَ يَسْتَمِعُ إِلَى مَا يُغْضِبُ اللَّهَ تَعَالَى، وَلاَ يَنْظُرُ إِلَى مَا لاَ يُرْضِيهِ، قَالَ سُبْحَانَهُ:
] إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا [ ([5])، وأنْ يَحْفَظَ لِسَانَهُ؛ فَلاَ يَقُولُ إِلاَّ الْقَوْلَ الْحَسَنَ الْجَمِيلَ، وَيَلْتَزِمَ الْعِفَّةَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :« مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الجَنَّةَ»([6])، وَيَتَّقِيَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ فِي كَسْبِ مَالِهِ، فَلاَ يَأْكُلُ إِلاَّ مِنْ حَلاَلٍ، وَلاَ يُنْفِقُ إِلاَّ فِي الْحَلاَلِ، قَالَ تَعَالَى: ] يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً [ ([7])، وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَحْفَظَ حُقُوقَ الْعِبَادِ، وَيُرَاعِيَ الأَمَانَةَ، وَيَعْدِلَ وَيَلْتَزِمَ الأَخْلاَقَ الْجَمِيلَةَ، فَيَكُونَ نَقِيَّ الْقَلْبِ، حَسَنَ التَّعَامُلِ، مُسْتَزِيدًا مِنَ الْخَيْرِ وَالإِحْسَانِ، مُمْسِكًا عَنِ الشَّرِّ وَالْعُدْوَانِ.
أَيُّهَا الْمُصَلُّونَ: إِنَّ مِمَّا يُعِينُ عَلَى حِفْظِ مَحَارِمِ اللَّهِ تَعَالَى اسْتِشْعَارَ جَلاَلِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَظَمَتِهِ، وَاسْتِحْضَارَ مُرَاقَبَتِهِ سُبْحَانَهُ، وَاطِّلاَعِهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَهُو مَا حَثَّنَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقَالَ:
« الإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ»([8]). فَاللَّهُ تَعَالَى رَقِيبٌ عَلَى مَا نَعْمَلُ، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ:
] وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا   [ ([9]). فَهُوَ سُبْحَانَهُ عَالِمٌ بِالسَّرَائِرِ، مُطَّلِعٌ عَلَى مَكْنُونِ الضَّمَائِرِ، لاَ يَغِيبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ، وَلاَ يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَقَدْ دَعَانَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مُرَاقَبَتِهِ سُبْحَانَهُ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :« اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ»([10]). فَمَا أَجْمَلَ أَنْ يَسْتَشْعِرَ الْمَرْءُ مُرَاقَبَةَ رَبِّهِ تَعَالَى فِي عِبَادَاتِهِ وَمُعَامَلاَتِهِ، وَفِي أَهْلِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، وَفِي بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ وَعَمَلِهِ، وَمُجْتَمَعِهِ وَوَطَنِهِ، فَيَحْفَظَهُ اللَّهُ فِي دُنْيَاهُ وَأُخْرَاهُ، وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ مِنْ دُعَاءِ رَبِّهِ، فَيَقُولُ:« اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ، وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي، وَعَنْ شِمَالِي، وَمِنْ فَوْقِي، وأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي »([11]).
عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ مِنْ ثَمَراتِ حِفْظِ اللَّهِ تَعَالَى مَحَبَّتَهُ لِلْمَرْءِ وَرِعَايَتَهُ لَهُ، وَلُطْفَهُ بِهِ، وَتَوْفِيقَهُ وَتَسْدِيدَهُ وَتَأْيِيدَهُ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :« احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ». أَيْ يُعِينُكَ بِقُدْرَتِهِ، وَيَفْتَحُ لَكَ أَبْوَابَ رَحْمَتِهِ، وَيَرْزُقُكَ مِنْ فَضْلِهِ الْعَمِيمِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الْمُعْطِي الْمَانِعُ، الضَّارُّ النَّافِعُ، قَالَ سُبْحَانَهُ: ] مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [ ([12])، فَفِي حِفْظِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْمَرْءِ سَكِينَةٌ لِلنَّفْسِ، وَطُمَأْنِينَةٌ لِلْقَلْبِ، وَسَعَادَةٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، قَالَ تَعَالَى: ﭽ وَمَن يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ [ ([13]). قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: يَعْنِي: يَهْدِي قَلْبَهُ لِلْيَقِينِ، فَيَعْلَمُ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ([14]). وَهَذَا يَقِينُ الأَنْبِيَاءِ وَإِيمَانُهُمْ، قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ هُودٌ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لِقَوْمِهِ: ] إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [ ([15]). وَمَنْ حَفِظَ اللَّهَ تَعَالَى فِي نَفْسِهِ حَفِظَهُ فِي بَدَنِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ([16]). فَالرَّجُلُ الصَّالِحُ يُحْفَظُ فِي ذُرِّيَّتِهِ، وَتَشْمَلُ بَرَكَةُ عِبَادَتِهِ أَوْلاَدَهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، قَالَ تَعَالَى:
] وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً  [ ([17]) وَمَنْ حَفِظَ اللَّهَ تَعَالَى فِي شَبَابِهِ وَقُوَّتِهِ، حَفِظَهُ اللَّهُ فِي حَالِ كِبَرِهِ وَضَعْفِه، وَمَتَّعَهُ بِسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَعَقْلِهِ، قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: هَذِهِ الجَوَارِحُ حَفِظْنَاهَا عَنِ الْمَعَاصِي فِي الصِّغَرِ، فَحَفِظَهَا اللَّهُ عَلَيْنَا فِي الْكِبَرِ([18]).اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ، وَاجْعَلْنَا حَافِظِينَ لِمَا تُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ، وَوَفِّقْنَا جَمِيعًا لِطَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ سَيدِنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَاعَةِ مَنْ أَمَرْتَنَا بِطَاعَتِهِ, عَمَلاً بِقَوْلِكَ: ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ [ ([19]).
نَفَعَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَبِسُنَّةِ نَبِيِّهِ الْكَرِيمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَعَلَى أَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى، وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ وَالنَّجْوَى، وَاعْلَمُوا أنَّ شَهْرَ شَعْبَانَ عَظِيمُ الْمَنْزِلَةِ، جَلِيلُ الْقَدْرِ، فَهُوَ مُقَدِمَةٌ لِرَمَضَانَ، وَتَهْيِئَةٌ لِأَجْوَاءِ الإِيمَانِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِيهِ بِالصِّيَامِ، لِمَا فِيهِ مِنَ الأَجْرِ الْكَرِيمِ وَالثَّوَابِ الْعَظِيمِ، فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: لَمْ يَكُنِ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَهْراً أَكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ([20]). فَلَمَّا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :« ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَب وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ»([21]). وَفِي شَعْبَانَ تُرْفَعُ الأَعْمَالُ، وَيَغْفِرُ اللَّهُ تَعَالَى لِعِبَادِهِ.
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :« إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ، إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ»([22]). فَهَنِيئًا لِمَنْ طَابَتْ سَرِيرَتُهُ، وَسَطَّرَ بِالْحَسَنَاتِ صَحِيفَتَهُ، وَاسْتَثْمَرَ شَهْرَ شَعْبَانَ فِي الصَّوْمِ، وَالْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ وَأَعْمَالِ الْخَيْرِ، فَرُفِعَ عَمَلُهُ، وَغُفِرَ ذَنْبُهُ.
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أُمِرْتُمْ بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ، قَالَ تَعَالَى: ] إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [ ([23]). وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:« مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً»([24]). وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:« لاَ يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلاَّ الدُّعَاءُ»([25]).
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابِةِ الأَكْرَمِينَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ والتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنْ عِبَادِكَ الْمُتَّقِينَ، الْحَافِظِينَ لأَوَامِرِكَ، الشَّاكِرِينَ لأَنَعُمِكَ، وَمُنَّ عَلَيْنَا بِوَاسِعِ جُودِكَ وَرَحْمَتِكَ يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
اللَّهُمَّ لاَ تَدَعْ لَنَا ذَنْبًا إِلاَّ غَفَرْتَهُ، وَلاَ هَمًّا إِلاَّ فَرَّجْتَهُ، وَلاَ دَيْنًا إِلاَّ قَضَيْتَهُ، وَلاَ مَرِيضًا إِلاَّ شَفَيْتَهُ، وَلاَ مَيِّتًا إِلاَّ رَحِمْتَهُ، وَلاَ حَاجَةً إِلاَّ قَضَيْتَهَا وَيَسَّرْتَهَا يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ لَنَا وَلِوَالدينَا، وَلِمَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَيْنَا، وَلِلْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ.
اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا رَئِيسَ الدولةِ، الشيخ خليفة بن زايد وَأَدِمْ عَلَيْهِ مَوْفُورَ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ، وَاجْعَلْهُ يَا رَبَّنَا فِي حِفْظِكَ وَعِنَايَتِكَ، وَوَفِّقِ اللَّهُمَّ نَائِبَهُ الشيخ محمد بن راشد لِمَا تُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ، وَأَيِّدْ إِخْوَانَهُ حُكَّامَ الإِمَارَاتِ وأولياءَ عُهودِهم أجمعين.
اللَّهُمَّ اغفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، اللَّهُمَّ ارْحَمِ الشَّيْخ زَايِد، والشيخ راشد، وَالشَّيْخ مَكْتُوم، وَشُيُوخَ الإِمَارَاتِ الَّذِينَ انْتَقَلُوا إِلَى رَحْمَتِكَ، وَأَدْخِلِ اللَّهُمَّ فِي عَفْوِكَ وَغُفْرَانِكَ وَرَحْمَتِكَ آبَاءَنَا وَأُمَّهَاتِنَا وَجَمِيعَ أَرْحَامِنَا وَمَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَيْنَا.
اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ الْمَغْفِرَةَ والثَّوَابَ لِمَنْ بَنَى هَذَا الْمَسْجِدَ وَلِوَالِدَيْهِ، وَلِكُلِّ مَنْ عَمِلَ فِيهِ صَالِحًا وَإِحْسَانًا، وَاغْفِرِ اللَّهُمَّ لِكُلِّ مَنْ بَنَى لَكَ مَسْجِدًا يُذْكَرُ فِيهِ اسْمُكَ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعًا مَرْحُوْمًا، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقًا مَعْصُوْمًا، وَلاَ تَدَعْ فِيْنَا وَلاَ مَعَنَا شَقِيًّا وَلاَ مَحْرُوْمًا.
اللَّهُمَّ احْفَظْ دَوْلَةَ الإِمَارَاتِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَأَدِمْ عَلَيْهَا الأَمْنَ وَالأَمَانَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
عِبَادَ اللَّهِ ] إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [
اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكرُوهُ علَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ
] وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ [.

Exit mobile version