خطبة الجمعة انه لا يحب المسرفين

جوجل بلس

إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْقَدِيرِ، أَمَرَ عِبَادَهُ بِالاِقْتِصَادِ وَحُسْنِ التَّدْبِيرِ، وَنَهَاهُمْ عَنِ الإِسْرَافِ وَالتَّبْذِيرِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّهُ مِنْ خَلْقِهِ وَخَلِيلُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ ومَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ ( وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ) ([1]).
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لَقَدْ خَلَقَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الإِنْسَانَ وَكَرَّمَهُ، وَوَهَبَهُ النِّعَمَ، وَأَمَرَهُ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا، وَنَهَاهُ عَنِ الإِسْرَافِ فِيهَا، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَضَارِّ الْكَبِيرَةِ، وَالْمَفَاسِدِ الْكَثِيرَةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ( وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) ([2]). فَالإِسْرَافُ خُلُقٌ مَذْمُومٌ، فِيهِ تَجَاوُزٌ لِحُدُودِ الْحَاجَةِ، وَلَهُ صُوَرٌ كَثِيرَةٌ، وَمَظَاهِرُ عَدِيدَةٌ، مِنْهَا الإِسْرَافُ فِي الْمُبَاحَاتِ، بِأَنْ يُنْفِقَ الإِنْسَانُ الْمَالَ زَائِدًا عَنْ قَدْرِ حَاجَتِهِ، فِي الْمَأْكَلِ أَوِ الْمَشْرَبِ أَوِ الْمَلْبَسِ أَوْ غَيْرِهِ، وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ r عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: «كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالْبَسُوا وَتَصَدَّقُوا في غَيْرِ إِسْرَافٍ ولا مَخِيلَةٍ» وقال ابنُ عَبَّاسٍ رضي اللهُ عنهما: كُلْ ما شِئتَ والْبَسْ ما شِئتَ ما أَخْطَأتْكَ اثنتانِ: سَرَفٌ أَوْ مَخِيلَةٌ ([3]).
لِأَنَّ الإِسْرَافَ يَضُرُّ بِالْمَعِيشَةِ، وَالْمَخِيلَةَ تَضُرُّ بِالنَّفْسِ وَتُوقِعُهَا فِي التَّكَبُّرِ، وَإِنَّ حَيَاتَنَا الْيَوْمِيَّةَ لاَ تَخْلُو مِنَ الْوَلاَئِمِ وَالْمُنَاسَبَاتِ، وَالأَعْرَاسِ وَالْحَفَلاَتِ، وَالْكَرَمُ فِيهَا مَمْدُوحٌ مَطْلُوبٌ، وَالإِسْرَافُ فِيهَا مَذْمُومٌ غَيْرُ مَرْغُوبٍ، وَمِنْ مَسْؤُولِيَّتِنَا جَمِيعًا أَنْ يُوصِيَ بَعْضُنَا بَعْضًا بِعَدَمِ الإِسْرَافِ فِي حَفَلاَتِ الزَّوَاجِ، لِأَنَّ الْعَاقِلَ يَحْرِصُ عَلَى الاِعْتِدَالِ فِي الإِنْفَاقِ، فَلاَ إِسْرَافَ وَلاَ تَقْتِيرَ.
عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ إِهْدَارَ الْمَوَارِدِ الْبِيئِيَّةِ وَالطَّبِيعِيَّةِ غَيْرُ جَائِزٍ فِي الشَّرِيعَةِ الإِسْلاَمِيَّةِ، فَالْمَوَارِدُ هِبَةٌ عَظِيمَةٌ، وَمِنْحَةٌ جَلِيلَةٌ، يَنْبَغِي الْمُحَافَظَةُ عَلَيْهَا، وَمَنْعُ اسْتِنْزَافِهَا، لِتَدُومَ لِلأَجْيَالِ، وَنَسْتَفِيدَ مِنْهَا عَلَى أَحْسَنِ حَالٍ، وَمِنْ ذَلِكَ تَجَنُّبُ الإِسْرَافِ فِي الْمَاءِ فِي سَائِرِ الأَحْوَالِ، فَقَدْ مَرَّ النَّبِيُّ r بِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ فَقَالَ:« مَا هَذَا السَّرَفُ؟». فَقَالَ: أَفِي الْوُضُوءِ إِسْرَافٌ؟ قَالَ:« نَعَمْ وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهَرٍ جَارٍ»([4]).
وَلاَ يَقْتَصِرُ الإِسْرَافُ عَلَى الْمَاءِ، بَلْ يَشْمَلُ مَوَارِدَ الطَّاقَةِ الْمُتَنَوِّعَةِ كَالْكَهْربَاءِ، الَّتِي نُحَافِظُ عَلَيْهَا بِاخْتِيَارِ الأَجْهِزَةِ الْمُوَفِّرَةِ، وَالاِسْتِفَادَةِ مِنَ الطَّاقَةِ الشَّمْسِيَّةِ، وَإِطْفَاءِ الأَجْهِزَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ التَّدَابِيرِ لِحِفْظِ هَذِهِ النَّعَمِ مِنَ الْهَدْرِ وَالإِسْرَافِ، وَتِلَك قِيَمٌ يَنْبَغِي أَنْ تُغْرَسَ فِي نُفُوسِ أَبْنَائِنَا، فَتُوَجِّهَ سُلُوكَهُمْ إِلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَى تِلْكَ الْمَوَارِدِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ الإِسْرَافَ مُخَالِفٌ لِلْهَدْيِ النَّبَوِيِّ، وَسُلُوكٌ غَيْرُ حَضَارِيٍّ، وَالْمُؤْمِنُ الْمُوَفَّقُ مَنْ يَسْلُكُ الطُّرُقَ السَّدِيدَةَ فِي عِلاَجِهِ وَالْوِقَايَةِ مِنْهُ، وَمِنْ ذَلِكَ اسْتِحْضَارُ قِيمَةِ هَذِهِ النِّعَمِ، وَتَعْظِيمُ الْمُنْعِمِ عَزَّ وَجَلَّ، وَشُكْرُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ، قَالَ سُبْحَانَهُ: ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) ([5])
وَيَقُولُ النَّبِيُّ r:« إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا»([6]).
وَكَذَلِكَ شُكْرُ دَوْلَتِنَا الرَّائِدَةِ وَقِيَادَتِهَا الرَّشِيدَةِ الَّتِي تَعْمَلُ عَلَى تَوْفِيرِ هَذِهِ المنافعِ وَاسْتِدَامَتِهَا، قَالَ النَّبِيُّ r :« لاَ يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لاَ يَشْكُرُ النَّاسَ»([7]).
وَإِنَّ مِمَّا يُعِينُ عَلَى عِلاَجِ الإِسْرَافِ وَالْوِقَايَةِ مِنْهُ: حُسْنَ إِدَارَةِ الْمَالِ، فَهُوَ زَادُ الإِنْسَانِ عَلَى الأَرْضِ، بِهِ يُسَارِعُ إِلَى الْخَيْرَاتِ، وَيَبْذُلُ الصَّدَقَاتِ، وَيَصِلُ الأَرْحَامَ وَالْقَرَابَاتِ، وَبِهِ تُبْنَى الدِّيَارُ، وَتُعَمَّرُ الأَوْطَانُ، وَيَتَحَقَّقُ الرَّخَاءُ وَالاِزْدِهَارُ، فَالْمَالُ الصَّالِحُ نِعْمَ الْعَوْنُ لِصَاحِبِهِ، يَقُولُ النَّبِيُّ r:« نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ لِلْمَرْءِ الصَّالِحِ»([8]) وَيَقُولُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَا حَبَّذَا الْمَالُ، أَصُونُ بِهِ عِرْضِي، وَأُرْضِي بِهِ رَبِّي([9]).
وَنَهَى النَّبِيُّ r عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ فَقَالَ:« إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلاَثًا: قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ المَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ»([10]).
فَلاَ نُسْرِفُ فِي الإِنْفَاقِ، وَلاَ نَقْتَرِضُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْمُمَارَسَاتِ الْمَالِيَّةِ الْخَاطِئَةِ الَّتِي نَهَى الشَّرْعُ عَنْهَا، وَقَدْ أَمَرَنَا النَّبِيُّ r أَنْ نَنْظُرَ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنَّا، وَلاَ نَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ أَعْلَى مِنَّا، فَنُقَارِنَ أَنْفُسَنَا بِهِ، وَنَضْطَرَّ لِلاِقْتِرَاضِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، قَالَ r:« انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ»([11]).
أَيُّهَا الْمُصَلُّونَ: قَدْ أَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ الْمُعْتَدِلِينَ فِي إِنْفَاقِهِمْ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ:  ( وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً) ([12]) أَيْ: لَيْسُوا بِمُبَذِّرِينَ فِي إِنْفَاقِهِمْ فَيَصْرِفُونَ فَوْقَ الْحَاجَةِ، وَلَا بُخَلَاءَ عَلَى أَهْلِيهِمْ فَيُقَصِّرُونَ فِي حَقِّهِمْ([13]). بَلْ هُمْ مُعْتَدِلُونَ مُتَوَسِّطُونَ، وَقَدْ حَثَّنَا النَّبِيُّ r عَلَى الاِعْتِدَالِ فِي الإِنْفَاقِ وَسِيَاسَةِ التَّرْشِيدِ، وَكَانَ مِنْ دُعَائِهِ:
« وأَسْأَلُكَ الْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى»([14]). وَالْقَصْدُ هُوَ التَّوَسُّطُ فِي الإِنْفَاقِ، فَفِيهِ رَاحَةٌ لِلإِنْسَانِ، وَمَرْضَاةٌ لِلْكَرِيمِ الْمَنَّانِ.
وَتَأَمَّلُوا عِبَادَ اللَّهِ فِي أَحْوَالِ بعضِ النَّاسِ فِي الْمُجْتَمَعَاتِ الأُخْرَى، وَمَا يُعَانُونَهُ مِنْ ضِيقٍ كَبِيرٍ، وَكَرْبٍ شَدِيدٍ، وَكَوَارِثَ مُفْجِعَةٍ، فَكَيْفَ يَطِيبُ لِلإِنْسَانِ أَنْ يُسْرِفَ وَهُو يَرَى طِفْلاً صَغِيرًا أَوْ مُسِنًّا كَبِيرًا أَوِ امْرَأَةً ضَعِيفَةً يَتَضَوَّرُونَ جُوْعًا وَلاَ يَجِدُونَ مَا يَسُدُّ رَمَقَهُمْ؟  وَكَيْفَ يَرْضَى بِالإِسْرَافِ مَنْ يَسْمَعُ بِالْمَجَاعَاتِ، وَيَرَى اضْطِرَابَ الأَحْوَالِ وَانْتِشَارَ الْفَقْرِ فِي بَعْضِ الْمُجْتَمَعَاتِ؟ فَاللَّهُمَّ أَطْعِمْ جَائِعَهُمْ، وَاقْضِ حَوَائِجَهُمْ، واسْتُرْ عَوْراتِهم وَآمِنْ رَوْعَاتِهِمْ، وَوَفِّقْنَا لِحِفْظِ نِعَمِكَ، وَدَوَامِ شُكْرِكَ، وَجَنِّبْنَا الإِسْرَافَ، وَوَفِّقْنَا جَمِيعًا لِطَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ سيدِنا مُحَمَّدٍ r وَطَاعَةِ مَنْ أَمَرْتَنَا بِطَاعَتِهِ, عَمَلاً بِقَوْلِكَ: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ) ([15]).
نَفَعَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَبِسُنَّةِ نَبِيِّهِ الْكَرِيمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَعَلَى أَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ وَالنَّجْوَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ لِلإِسْرَافِ عَوَاقِبَ وَخِيمَةً، وَآثَارًا مُضِرَّةً، فَهُوَ تَضْيِيعٌ لِلْمَالِ، وَهَدْرٌ لِلنِّعْمَةِ، وَإِضْعَافٌ لِلاِقْتِصَادِ، وَمَنْ أَسْرَفَ أَصَابَهُ اللَّوْمُ وَالْحَسْرَةُ وَالنَّدَامَةُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ( وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) ([16]).
وَقَدْ حَرَصَتْ دَوْلَتُنَا الْمُبَارَكَةُ عَلَى إِطْلاَقِ الْمُبَادَرَاتِ الإِنْسَانِيَّةِ الَّتِي تَمْنَعُ مِنَ الإِسْرَافِ، وَتَصُونُ النِّعَمَ وَتَحْفَظُهَا، وَمِنْ ذَلِكَ مَشْرُوعُ حِفْظِ النِّعْمَةِ الَّذِي يَأْخُذُ الفائِضَ مِنَ الطَّعامِ ويَقُومُ بِتَجْهِيزِهِ، وَتَعْبِئَتِهِ بِصُورَةٍ صِحِّيَّةٍ وَإِيصَالِهِ إِلَى الْمُحْتَاجِينَ، وَهِيَ مُبَادَرَةٌ إِنْسَانِيَّةُ تُشْرِفُ عَلَيْهَا هَيْئَةُ الْهِلاَلِ الأَحْمَرِ فِي الدَّوْلَةِ وغيْرُها مِنَ الجمعياتِ المعتمدةِ، فَمَا أَجْمَلَ أَنْ نَحْرِصَ عَلَى حِفْظِ النِّعَمِ وَرِعَايَتِهَا، فَنَفُوزَ بِعَظِيمِ الأَجْرِ وَالْمَثُوبَةِ.
أيها المسلمون: وفي إطارِ الاقتصادِ وإدارةِ المالِ تَعْقِدُ كُلِّيَّةُ الدراساتِ الإسلاميةِ والعربيةِ بدبي ضِمْنَ مُبادرةِ صَاحبِ السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حَفِظَهُ اللهُ ورعاهُ “دبي عاصة الاقتصاد الاسلامي” تَعْقِدُ في الحادي والعشرينَ مِنَ الشهرِ الحالي الندوةَ العالميةَ السابعةَ بِعنوانِ “إدارة المال والأعمال في السُّنَّةِ النبوية”.
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أُمِرْتُمْ بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ، قَالَ تَعَالَى: ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) ([17]). وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r:« مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً»([18]). وَقَالَ r:« لاَ يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلاَّ الدُّعَاءُ»([19]).
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابِةِ الأَكْرَمِينَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَعَنِ التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا لِنِعَمِكَ مِنَ الشَّاكِرِينَ، وَلَهَا حَافِظِينَ، وَلاَ تَجْعَلْنَا مِنَ الْمُسْرِفِينَ، وَجَنِّبْنَا سُبُلَ الْمُقَتِّرِينَ.
اللَّهُمَّ لاَ تَدَعْ لَنَا ذَنْبًا إِلاَّ غَفَرْتَهُ، وَلاَ هَمًّا إِلاَّ فَرَّجْتَهُ، وَلاَ دَيْنًا إِلاَّ قَضَيْتَهُ، وَلاَ مَرِيضًا إِلاَّ شَفَيْتَهُ، وَلاَ مَيِّتًا إِلاَّ رَحِمْتَهُ، وَلاَ حَاجَةً إِلاَّ قَضَيْتَهَا وَيَسَّرْتَهَا يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ لَنَا وَلِوَالدينَا، وَلِمَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَيْنَا، وَلِلْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ. اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا رَئِيسَ الدولةِ، الشيخ خليفة بن زايد وَأَدِمْ عَلَيْهِ مَوْفُورَ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ، وَاجْعَلْهُ يَا رَبَّنَا فِي حِفْظِكَ وَعِنَايَتِكَ، وَوَفِّقِ اللَّهُمَّ نَائِبَهُ الشيخ محمد بن راشد لِمَا تُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ، وَأَيِّدْ إِخْوَانَهُ حُكَّامَ الإِمَارَاتِ وأولياءَ عُهودِهم أجمعين. اللَّهُمَّ اغفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ اللَّهُمَّ ارْحَمِ الشَّيْخ زَايِد وَالشَّيْخ راشد وَالشَّيْخ مَكْتُوم وَشُيُوخَ الإِمَارَاتِ الَّذِينَ انْتَقَلُوا إِلَى رَحْمَتِكَ وَأَدْخِلِ اللَّهُمَّ فِي عَفْوِكَ وَغُفْرَانِكَ وَرَحْمَتِكَ آبَاءَنَا وَأُمَّهَاتِنَا وَجَمِيعَ أَرْحَامِنَا وَمَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَيْنَا.
اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ الْمَغْفِرَةَ والثَّوَابَ لِمَنْ بَنَى هَذَا الْمَسْجِدَ وَلِوَالِدَيْهِ، وَلِكُلِّ مَنْ عَمِلَ فِيهِ صَالِحًا وَإِحْسَانًا، وَاغْفِرِ اللَّهُمَّ لِكُلِّ مَنْ بَنَى لَكَ مَسْجِدًا يُذْكَرُ فِيهِ اسْمُكَ. اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعًا مَرْحُوْمًا، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقًا مَعْصُوْمًا، وَلاَ تَدَعْ فِيْنَا وَلاَ مَعَنَا شَقِيًّا وَلاَ مَحْرُوْمًا. اللَّهُمَّ احْفَظْ دَوْلَةَ الإِمَارَاتِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَأَدِمْ عَلَيْهَا الأَمْنَ وَالأَمَانَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ
عِبَادَ اللَّهِ: ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ([20])
اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكرُوهُ علَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) ([21]).

مواضيع ذات صلة لـ خطبة الجمعة انه لا يحب المسرفين: