خطبة عن التربية الأخلاقية

جوجل بلس

  التَّرْبِيَةُ الأَخْلاَقِيَّةُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَمَرَنَا بِالأَخْلاَقِ الْحَسَنَةِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ، قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:(وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً) ([1]).
أَيُّهَا الْمُصَلُّونَ: إِنَّ الأَخْلاَقَ الْفَاضِلَةَ هِيَ الأَسَاسُ فِي بِنَاءِ كُلِّ مُجْتَمَعٍ يَنْشُدُ الْمَحَبَّةَ وَالإِخَاءَ، وَيَحْرِصُ عَلَى التَّطَوُّرِ وَالْبِنَاءِ، فَبِالأَخْلاَقِ تَرْتَقِي الْمُجْتَمَعَاتُ، وَتَعْلُو الْحَضَارَاتُ، وَقَدْ كَانَتْ مُهِمَّةُ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ الْكِرَامِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ عَبْرَ الْعُصُورِ غَرْسَ الأَخْلاَقِ وَبَثَّ الْقِيَمِ، وَالْحَثَّ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ تَرْسِيخًا لِلأَخْلاَقِ، فَهَذَا نَبِيُّ اللَّهِ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَقُولُ لإِخْوَتِهِ مُعْلِيًا قِيمَةَ التَّسَامُحِ: ﭐ( لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) ([2]). وَقَدِ اهْتَمَّ الْمُرَبُّونَ وَالْمُفَكِّرُونَ بِالْمَنَاهِجِ التَّعْلِيمِيَّةِ الَّتِي بِدَوْرِهَا تُخَرِّجُ أَجْيَالاً تَبْنِي وَتَعْرِفُ لِلْحَيَاةِ حَقَّهَا، وَتَحْمِلُ الْفِكْرَ النَّاضِجَ الْمُتَطَوِّرَ الْمُنْفَتِحَ. فَمَا هِيَ التَّرْبِيَةُ؟ التَّرْبِيَةُ هِيَ غَرْسُ الْقِيَمِ الْحَسَنَةِ، وَتَهْذِيبُ السُّلُوكِ، لِيَكْتَسِبَ صَاحِبُهَا كُلَّ جَمِيلٍ مِنَ الأَخْلاَقِ الرَّاقِيَةِ كَالصِّدْقِ وَالأَمَانَةِ، وَتَطْبِيقِ النِّظَامِ، وَالْتِزَامِ الْقَانُونِ، وَاحْتِرَامِ الآخَرِينَ، وَغَيْرِهَا، فَهِيَ تَزْكِيَةٌ لِلنُّفُوسِ، وَتَطْهِيرٌ لِلْقُلُوبِ، قَالَ تَعَالَى: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا) ([3]). أَيْ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّى نَفْسَهُ بِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَطَهَّرَهَا([4]) وَزَيَّنَهَا بِكُلِّ خُلُقٍ كَرِيمٍ.
وَعُرِفَ عَنِ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ صِفَاتٌ نَبِيلَةٌ، وَأَخْلاَقٌ عَظِيمَةٌ مِنَ الْكَرَمِ، وَالشَّجَاعَةِ، وَالْمُرُوءَةِ، وَالْعِفَّةِ، وَالشَّهَامَةِ، وَالنَّجْدَةِ، وَعُلُوِّ الْهِمَّةِ، وَالْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ، وَحِفْظِ الْجِوَارِ، وَغَيْرِهَا مِنْ جَمِيلِ السَّجَايَا، وَكَرِيمِ الْخِصَالِ، وَجَاءَ الإِسْلاَمُ مُؤَكِّدًا عَلَيْهَا، وَمُعَزِّزًا لَهَا، يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ r :« إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ»([5]).
لِأَنَّ إِكْمَالَ مَا يَحْتَاجُهُ الْبَشَرُ مِنْ مَكَارِمِ الأَخْلاَقِ، وَغَرْسَهُ فِي نُفُوسِهِمْ رَحْمَةٌ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَمَنْزِلَةٌ عُلْيَا لَهُمْ فِي الآخِرَةِ، وَتُقُاسُ عَظَمَةُ الإِنْسَانِ بِأَخْلاَقِهِ، وَرَسُولُ اللَّهِ r أَعْظَمُ النَّاسِ خُلُقًا، مَدَحَهُ رَبُّهُ سُبْحَانَهُ بِقَوْلِهِ: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ([6]). وَهُوَ r قُدْوَتُنَا، قَالَ تَعَالَى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) ([7]).وَكَانَ r يَدْعُو رَبَّهُ وَيَقُولُ:« وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الأَخْلاَقِ، لاَ يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلاَّ أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا، لاَ يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنْتَ»([8]). لِأَنَّ حُسْنَ الْخُلُقِ سَبَبٌ لِكُلِّ خَيْرٍ وَبِرٍّ، قَالَ النَّبِيُّ r :
« الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ»([9]). فَالْبِرُّ مَعْنَاهُ الصِّلَةُ وَاللُّطْفُ، وَحُسْنُ الصُّحْبَةِ، وَالْعِشْرَةُ وَالطَّاعَةُ، وَهَذِهِ الأُمُورُ هِيَ مَجَامِعُ حُسْنِ الْخُلُقِ([10]). وَقَدْ وَصَفَ سَيِّدُنَا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا يَدْعُو إِلَيْهِ النَّبِيُّ r مِنْ أَخْلاَقٍ كَرِيمَةٍ فَقَالَ: أَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ، وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ، وَالْكَفِّ عَنِ الْمَحاَرِمِ وَالدِّمَاءِ، وَنَهَانَا عَنِ الْفَوَاحِشِ، وَقَوْلِ الزُّورِ، وَأَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ، وَقَذْفِ المُحْصَنَةِ، وَأَمَرَنا أَنْ نَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شيئاً، وَأَمَرَنا بِالصَّلاةِ والزَّكاةِ والصِّيامِ ([11]).
فَمَا أَجْمَلَ هَذِهِ التَّرْبِيَةَ، وَمَا أَجْمَلَ هَذِهِ الصِّفَاتِ إِذَا تَخَلَّقَ بِهَا النَّشْءُ، وَانْتَشَرَتْ فِي الْمُجْتَمَعِ!
يَا أَهْلَ الأَخْلاَقِ وَمَكَارِمِ الصَّفَاتِ: إِنَّ بِنَاءَ الشَّخْصِيَّةِ عَلَى أَسَاسٍ مِنَ الْقِيَمِ وَالأَخْلاَقِ الرَّفِيعَةِ، تَكُونُ مُنْذُ نَشْأَةِ الإِنْسَانِ وَصِغَرِهِ وَتَعَلُّمِهِ، وَمَا الْعِلْمُ فِي جَوْهَرِهِ إِلاَّ تَجْسِيدٌ لِلأَخْلاَقِ، وَإِعْلاَءٌ لِلْقِيَمِ، وَقَدْ رَبَطَ الإِسْلاَمُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالأَخْلاَقِ رِبَاطًا وَثِيقًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا) ([12]).
فَفِي الآيَةِ الْكَرِيمَةِ تَوْجِيهٌ إِلَى الأَدَبِ وَالتَّوَاضُعِ عِنْدَ الْمُعَلِّمِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ، وَاسْتِئْذَانِهِ فِي سُؤَالِهِ، وَالْمُبَالَغَةِ فِي احْتِرَامِهِ([13]). وَالتَّرْبِيَةُ وَالأَدَبُ مَعَ الْمُعَلِّمِ تَنْتَقِلُ إِلَى خَارِجِ الْمَدْرَسَةِ فِي الْمُجْتَمَعِ، فَعِنْدَمَا يَتَشَبَّعُ الطُّلاَّبُ بِهَذِهِ التَّرْبِيَةِ فِي مَدْرَسَتِهِمْ تَتَرَسَّخُ مُجْتَمَعِيًّا وَوَاقِعًا عَمَلِيًّا.
وَجَاءَتِ الْمُبَادَرَةُ السَّامِيَةُ لِتَدْرِيسِ « التَّرْبِيَةِ الأَخْلاَقِيَّةِ » مُسْتَمِدَّةً قُوَّتَهَا مِنْ تَعَالِيمِ الإِسْلاَمِ السَّمْحَةِ وَقِيَمِهِ النَّبِيلَةِ؛ لِتُعِيدَ لِلإِنْسَانِ تَوَازُنَهُ فِي هَذَا الزَّمَانِ، وَإِنَّ إِدْرَاجَهَا ضِمْنَ الْمَنَاهِجِ وَالْمُقَرَّرَاتِ الدِّرَاسِيَّةِ فِي الدَّوْلَةِ دَعْمٌ لِلْعَمَلِيَّةِ التَّعْلِيمِيَّةِ؛ لِتَنْشِئَةِ جِيلٍ وَاعٍ، يَتَزَوَّدُ بِالإِيمَانِ، وَيَتَمَسَّكُ بِالأَصَالَةِ وَالْقِيَمِ وَالْمَبَادِئِ، وَيَتَّخِذُ مِنَ الْعَادَاتِ وَالتَّقَالِيدِ الأَصِيلَةِ لِشَعْبِ دَوْلَةِ الإِمَارَاتِ الْعَرَبِيَّةِ الْمُتَّحِدَةِ سَبِيلاً وَطَرِيقًا وَمَنْهَجًا، تَغْلِبُ عَلَيْهِ مُفْرَدَاتُ التَّسَامُحِ وَالْمَحَبَّةِ وَاحْتِرَامِ الآخَرِ دُونَ تَفْرِيقٍ أَوْ تَمْيِيزٍ لِلَوْنٍ أَوْ لِمِلَّةٍ أَوْ لِعِرْقٍ أَوْ لِدِينٍ، وَتَرْتَقِي بِهِمْ إِلَى أَعْلَى الْقِيَمِ وَالأَخْلاَقِ، فِي دَوْلَةٍ تَنْطَلِقُ فِي تَوَجُّهَاتِهَا وَمَنْهَجِيَّتِهَا الرَّاسِخَةِ مِنْ مَبَادِئِ دِينِنَا الْحَنِيفِ، وَمِنْ قِيَمِ الآبَاءِ وَالأَجْدَادِ؛ لِتَزْرَعَ فِي هَذَا الْجِيلِ حُبَّ الاِنْتِمَاءِ لِلْوَطَنِ، وَالْحِرْصَ عَلَى رِفْعَتِهِ وَتَقَدُّمِهِ، وَهَذِهِ التَّرْبِيَةُ الأَخْلاَقِيَّةُ تُسْهِمُ فِي تَكَامُلِ الْفَرْدِ مَعْرِفِيًّا وَأَخْلاَقِيًّا وَذِهْنِيًّا، فَيَتَشَرَّبُهَا أَبْنَاؤُنَا الطُّلاَّبُ لِتُرَافِقَهُمْ وَتُلاَزِمَهُمْ فِي جَمِيعِ تَعَامُلاَتِهِمْ، وَلِيَكُونُوا الْقُدْوَةَ الْحَسَنَةَ، وَالأُنْمُوذَجَ النَّافِعَ؛ فَيَسْتَلْهِمُوا الْحَاضِرَ مِنَ الْمَاضِي، وَهُمْ يَتَطَلَّعُونَ إِلَى مُسْتَقْبَلٍ مُشْرِقٍ زَاهِرٍ، مُعْتَزِّينَ بِدِينِهِمْ، فَخُورِينَ بِعُرُوبَتِهِمْ، مُحْتَرِمِينَ غَيْرَهُمْ.
فَالتَّرْبِيَةُ الأَخْلاَقِيَّةُ تَصْنَعُ الرِّجَالَ الَّذِينَ يُحَافِظُونَ عَلَى تُرَاثِ الأَجْيَالِ، وَيَحْرُسُونَ الْوَطَنَ مِنَ الأَعْدَاءِ.
فَاللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِطَاعَتِكَ أَجْمَعِينَ، وَطَاعَةِ رَسُولِكَ سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ r وَطَاعَةِ مَنْ أَمَرْتَنَا بِطَاعَتِهِ، عَمَلاً بِقَوْلِكَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ) ([14]).
نَفَعَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَبِسُنَّةِ نَبِيِّهِ الْكَرِيمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

– الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَعَلَى أَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَيَا أَيُّهَا الْمُصَلُّونَ، إِنَّ أَوَّلَ مَا نَتَوَاصَى بِهِ تَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَتَفْعِيلُ الدَّوْرِ الْمُشْتَرَكِ لِلْمُؤَسَّسَاتِ التَّعْلِيمِيَّةِ وَالتَّرْبَوِيَّةِ فِي إِعْدَادِ النَّشْءِ وَتَرْبِيَتِهِ، وَبِنَاءِ شَخْصِيَّتِهِ الْفَاعِلَةِ وَالطَّمُوحَةِ، حَيْثُ يَتَعَاظَمُ دَوْرُ الأُسْرَةِ فِي هَذِهِ الْمَرْحَلَةِ أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ مَرْحَلَةٍ سَابِقَةٍ، قَالَ تَعَالَى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى) ([15]).
وكَذَا دَعْمُ الْجُهُودِ الْمَدْرَسِيَّةِ لَدَى الأَبْنَاءِ لِلاِلْتِزَامِ بِالأَخْلاَقِ الْفَاضِلَةِ، الَّتِي نُحَافِظُ بِهَا عَلَى حَضَارَتِنَا، فَالشَّيْخ/ زايد طَيَّبَ اللَّهُ ثَرَاهُ وَإخْوَانُهُ الْمُؤَسِّسُونَ الَّذِينَ بَنَوْا هَذِهِ الدَّوْلَةَ كَانُوا مَدْرَسَةً لِلأَخْلاَقِ الرَّاقِيَةِ وَالْقِيَمِ الْعَالِيَةِ، فَعَلَى الْجِيلِ النَّاشِئِ أَنْ يَمْتَثِلَ أَخْلاَقَ أَجْدَادِهِ وَأَهْلِهِ، فَصَاحِبُ الأَخْلاَقِ الْحَسَنَةِ يَحْظَى بِالْقُرْبِ مِنَ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا، وَمِنْ رَسُولِ اللَّهِ r فِي الآخِرَةِ، حَيْثُ قَالَ r :
« إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلاَقاً»([16]). قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ: الدِّينُ هُوَ الْخُلُقُ، فَمَنْ زَادَ عَلَيْكَ فِي الْخُلُقِ زَادَ عَلَيْكَ فِي الدِّينِ.
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أُمِرْتُمْ بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :« مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً»([17]). اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ. اللَّهُمَّ احْفَظْنَا فِي أَخْلاَقِنَا وَأَقْوَالِنَا وَأَفْعَالِنَا، واهْدِنَا لأَحْسَنِ الأَخْلاَقِ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
اللَّهُمَّ ارْحَمْ شُهَدَاءَ الْوَطَنِ وقُوَّاتِ التَّحَالُفِ الأَبْرَارَ، وَأَنْزِلْهُمْ مَنَازِلَ الأَخْيَارِ، وَارْفَعْ دَرَجَاتِهِمْ فِي عِلِّيِّينَ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ، يَا عَزِيزُ
يَا كَرِيمُ. اللَّهُمَّ اجْزِ خَيْرَ الْجَزَاءِ أُمَّهَاتِ الشُّهَدَاءِ وَآبَاءَهُمْ وَزَوْجَاتِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ جَمِيعًا، اللَّهُمَّ انْصُرْ قُوَّاتِ التَّحَالُفِ الْعَرَبِيِّ، الَّذِينَ تَحَالَفُوا عَلَى رَدِّ الْحَقِّ إِلَى أَصْحَابِهِ، اللَّهُمَّ كُنْ مَعَهُمْ وَأَيِّدْهُمْ.
اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَهْلَ الْيَمَنِ إِلَى كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْمَعْهُمْ عَلَى كَلِمَةِ الْحَقِّ وَالشَّرْعِيَّةِ، وَارْزُقْهُمُ الرَّخَاءَ وَالاِسْتِقْرَارَ يَا أَكْرَمَ الأَكْرَمِينَ.
اللَّهُمَّ ارْضَ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ الأَكْرَمِينَ. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ، عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، وَنَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ لَنَا وَلِوَالدينَا، وَلِمَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَيْنَا، وَلِلْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ.
اللَّهُمَّ وَفِّقْ رَئِيسَ الدَّوْلَةِ، الشَّيْخ خليفة بن زايد، وَأَدِمْ عَلَيْهِ مَوْفُورَ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ، وَاجْعَلْهُ يَا رَبَّنَا فِي حِفْظِكَ وَعِنَايَتِكَ، وَوَفِّقِ اللَّهُمَّ نَائِبَهُ الشيخ محمد بن راشد لِمَا تُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ، وَأَيِّدْ إِخْوَانَهُ حُكَّامَ الإِمَارَاتِ وأولياءَ عُهودِهم أجمعينَ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، اللَّهُمَّ ارْحَمِ الشَّيْخ زَايِد، والشيخ راشد، وَالشَّيْخ مَكْتُوم، وَشُيُوخَ الإِمَارَاتِ الَّذِينَ انْتَقَلُوا إِلَى رَحْمَتِكَ ، وَأَدْخِلِ اللَّهُمَّ فِي عَفْوِكَ وَغُفْرَانِكَ وَرَحْمَتِكَ آبَاءَنَا وَأُمَّهَاتِنَا وَجَمِيعَ أَرْحَامِنَا وَمَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَيْنَا.
اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعًا مَرْحُوْمًا، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقًا مَعْصُوْمًا، وَلاَ تَدَعْ فِيْنَا وَلاَ مَعَنَا شَقِيًّا وَلاَ مَحْرُوْمًا. اللَّهُمَّ احْفَظْ دَوْلَةَ الإِمَارَاتِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَأَدِمْ عَلَيْهَا الأَمْنَ وَالأَمَانَ وسائرَ بلادِ المسلمينَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ ([18]). رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
عِبَادَ اللَّهِ: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ([19])
اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكرُوهُ علَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (وَأَقِمِ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) ([20]).

مواضيع ذات صلة لـ خطبة عن التربية الأخلاقية: