– الْوَفَاءُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ كَرِيمِ الْعَطَاءِ، جَمِيلِ الثَّنَاءِ، أَمَرَ عِبَادَهُ بِالْوَفَاءِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، قُدْوَةُ الأَوْفِيَاءِ، وَإِمَامُ الأَتْقِيَاءِ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى نَبِيِّنَا سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ ومَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ وَطَاعَتِهِ، قَالَ تَعَالَى: ]ﭐ بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ [ ([1]).
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ الْوَفَاءَ مِنَ الصِّفَاتِ الْحَمِيدَةِ، وَالأَخْلاَقِ الْفَاضِلَةِ، وَالشِّيَمِ الْكَرِيمَةِ التي نَسَبَهَا الْحَقُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى ذَاتِهِ الْعَلِيَّةِ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ]ﭐ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ [ ([2]) وَوَرَدَتْ بِهَا الأَوَامِرُ الإِلَهِيَّةُ، حيث قَالَ سُبْحَانَهُ: ]ﭐ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [ ([3]). فَالْوَفَاءُ مِنْ عَلاَمَاتِ الصِّدْقِ، وَمَظَاهِرِ التَّقْوَى، وَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى الْمُوفِينَ بِالْعَهْدِ فَـقَالَ: ]ﭐ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ [ ([4]). وَالْوَفَاءُ خُلُقُ الأَنْبِيَاءِ وَالأَتْقِيَاءِ؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ نَبِيِّهِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: ]ﭐ وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى [ ([5]) وَهُوَ مِنْ صِفَاتِ أُلِي الأَلْبَابِ وَالْحِكْمَةِ، وَالْعَقْلِ وَالْفِطْنَةِ، قَالَ جَلَّ شَأْنُهُ: ]ﭐ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ* الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ [ ([6]).كما أنَّ الْوَفَاءَ مِنْ شِيمَةِ الأَخْيَارِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :« خِيَارُ عِبَادِ اللَّهِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُوفُونَ الْمُطَيِّبُونَ»([7]). أَيِ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ الطَّيِّبَاتِ.
وَلَقَدْ عَظَّمَ اللَّهُ تَعَالَى شَأْنَ الْوَفَاءِ، فَقَالَ: ]ﭐ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً [ ([8]).
أَيُّهَا الْمُصَلُّونَ: إِنَّ لِلْوَفَاءِ فِي حَيَاتِنَا صُوَرًا عَدِيدَةً، وَمَجَالاَتٍ كَثِيرَةً، وَأَوَّلُهَا الْوَفَاءُ لِلَّهِ تَعَالَى بِطَاعَتِهِ، فَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وتعالى الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ عَلِيْنا بِالوفاءِ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ]ﭐ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ* وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ [ ([9]). وَقَدَّمَ لَنَا رَسُولُنَا الْكَرِيمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَثَلَ الرَّاقِيَ فِي الْقِيَامِ لِلَّهِ تَعَالَى بِحَقِّ طَاعَتِهِ، وَالاعْتِرَافِ بِفَضْلِهِ، وَالْوَفَاءِ بِشُكْرِهِ، فَبَلَّغَ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، شَرْعَ السماءِ إلى أهْلِ الأَرضِ.
ومِنْ صُوَرِالوفاءِ: الْوَفَاءُ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحُبِّهِ وَكَثْرَةِ الصَّلاَةِ والسلام عَلَيْهِ وَاتِّبَاعِ سُنَّتِهِ، وَالتَّحَلِّي بِأَخْلاَقِهِ فِي الأَقْوَالِ وَالأَفْعَالِ، وَالاِقْتِدَاءِ بِهَدْيِهِ، قَالَ تَعَالَى: ]ﭐ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [[10]).
وَالْوَفَاءَ لِلْوَطَنِ وهو مِنْ أَهَمِّ صُوَرِ الْوَفَاءِ، وَذَلِكَ بِحِرَاسَةِ تُرَابِهِ وَمُنْجَزَاتِهِ، وَصِيَانَةِ حُرُمَاتِهِ، وَالْحِفَاظِ عَلَى مُقَدَّرَاتِهِ، وَالْعَمَلِ عَلَى خِدْمَتِهِ وَتَطْوِيرِهِ، فَقَدْ تَرَبىَّ الْمَرْءُ فِي أَكْنَافِهِ، وَنَهِلَ مِنْ خَيْرَاتِهِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَكَرَ وَطَنَهُ حَنَّ إِلَيْهِ، وَتِلْكَ مِنْ شِيَمِ الأَوْفِيَاءِ، قَالَ الْأَصْمَعِيُّ : « إذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ وَفَاءَ الرَّجُلِ وَوَفَاءَ عَهْدِهِ فَانْظُرْ إلَى حَنِينِهِ إلَى أَوْطَانِهِ»( ([11]).
وَمِنْ أَجَلِّ صُوَرِ الْوَفَاءِ: الْوَفَاءُ لِلْحَاكِمِ وَالْوَلاَءُ لَهُ، فَإِنَّهُ يَبْذُلُ الكثِيرَ مِنْ جُهْدِهِ وَوَقْتِهِ لإِسْعَادِ شَعْبِهِ، وَاسْتِقْرَارِ وَطَنِهِ؛ حتى تزدهرَ البلادُ ويَعُمَّ الخيرُ العبادَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :« خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ»([12]). أَيْ: تَدْعُونَ لَهُمْ، وَيَدْعُونَ لَكُمْ. وَلَا نَنْسىَ الْوَفَاءَ لِلْوَالِدَيْنِ بِبِرِّهِمَا، وَالدُّعَاءِ لَهُمَا، وَإِنْفَاذِ عَهْدِهِمَا، وَصِلَةِ الرَّحِمِ الَّتِي لاَ تُوصَلُ إِلاَّ بِهِمَا، فَإِنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْتَفْتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمِّهِ، تُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :« فَاقْضِهِ عَنْهَا»([13]).
وَقد ثبت عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ أَعْرَابِيًّا لَقِيَهُ بِطَرِيقِ مَكَّةَ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ، وَحَمَلَهُ عَلَى دَابَّةٍ، كانت معه وَأَعْطَاهُ عِمَامَةً كَانَتْ عَلَى رَأْسِهِ، فَقِيلَ لَهُ: لِمَ أَعْطَيْتَهُ كلَّ هذا وهو اعرابي يكفيهِ القليلُ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ أَبَا هَذَا كَانَ وُدًّا -أَيْ: صَدِيقًا- لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:« إِنَّ أَبَرَّ الْبِرِّ صِلَةُ الْوَلَدِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ»([14]). ومِنْ أجملِ صُوَرِ الْوَفَاءِ مَا يَكُونُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَقَدْ عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ، فَقَدَّمَ صُورَةً رَائِعَةً بِوَفَائِهِ لِلسَّيِّدَةِ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي حَيَاتِهَا وَبَعْدَ وَفَاتِهَا، وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُهَا بِكُلِّ خَيْرٍ، وَيُعَدِّدُ مَنَاقِبَهَا، وَيُهْدِي إِلَى صَدِيقَاتِهَا، فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: إِنْ كَانَ لَيَذْبَحُ الشَّاةَ ثُمَّ يُهْدِيهَا إِلَى خَلاَئِلِهَا([15]) تعني صديقاتها.
عِبَادَ اللَّهِ: ولاَ تَقُومُ حَيَاةُ النَّاسِ بِغَيْرِ الْوَفَاءِ، فَإِنَّهُمْ مُضْطَرُّونَ إِلَى التَّعَامُلِ وَالتَّعَاوُنِ، وَلاَ يَتِمُّ تَعَاوُنُهُمْ إِلاَّ بِمُرَاعَاِة الْعُهُودِ، وَالْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ وَالْوُعُودِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ]ﭐ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [ ([16]). وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَدِيدَ الْحِرْصِ عَلَى الْوَفَاءِ فِي الْمُعَامَلاَتِ، وَحَثَّ عَلَى الْوَفَاءِ بِالدُّيُونِ؛ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :« مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أخذها يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ»([17]). وقد تحلى الْمُسْلِمُونَ الأوائل بخُلُقِ الْوَفَاءِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَمَعَ غَيْرِهِمْ قَوْلاً وَعَمَلاً فِي مُعَامَلاَتِهِمِ الْمَعِيشِيِّةِ وَالتِّجَارِيَّةِ، فَكَانَ لذلك تَأْثِيرٌ كَبِيرٌ فِي نُفُوسِهِمْ، مِمَّا سَاعَدَ عَلَى انْتِشَارِ الإِسْلاَمِ فَاللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنْ عِبَادِكَ الأَوْفِيَاءِ وَوَفِّقْنَا جَمِيعًا لِطَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ سيدنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَاعَةِ مَنْ أَمَرْتَنَا بِطَاعَتِهِ, عَمَلاً بِقَوْلِكَ: ]ﭐ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ [ ([18]).
نَفَعَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَبِسُنَّةِ نَبِيِّهِ الْكَرِيمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَعَلَى أَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أما بعد: فَأُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ وَطَاعَتِهِ،واعلموا أنَّ أَوْلَى مَا يَتَوَاصَى بِهِ الْمُسْلِمُونَ تَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالتَّحَلِّي بِخُلُقِ الْوَفَاءِ، فَإِنَّ أَهْلَ الْوَفَاءِ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى حُسْنُ الثَّوَابِ، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ]ﭐ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا [ ([19]). فَالْوَفَاءُ بِعَهْدِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ أَسْبَابِ الْفَوْزِ بِالْجِنَانِ وَالنَّعِيمِ بِالرِّضْوَانِ، قَالَ تَعَالَى: ]ﭐ أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ [ ([20]). وَالْوَفَاءُ يُعَزِّزُ الثِّقَةَ بَيْنَ أَفْرَادِ الْمُجْتَمَعِ، وَيُقَوِّي أَوَاصِرَ التَّرَابُطِ وَالتَّعَاوُنِ، وَيُشَجِّعُ عَلَى التَّفَاعُلِ وَالتَّعَامُلِ بَيْنَ النَّاسِ فِي شَتَّى مَجَالاَتِ الْحَيَاةِ، وَمَنْ كَانَ الْوَفَاءُ خُلُقَهُ وَشِيمَتَهُ؛ فَقَدْ أَطَاعَ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَأَسَّى بِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أُمِرْتُمْ بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :« مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً»([21]). اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ الْمُوفِينَ بِالْعُهُودِ، الْمُنْجِزِينَ لِلْوُعُودِ، وَارْزُقْنَا جَنَّةَ الْخُلُودِ يَا رَؤُوفُ يَا وَدُودُ.
اللَّهُمَّ ارْحَمْ شُهَدَاءَ الْوَطَنِ وقُوَّاتِ التَّحَالُفِ الأَبْرَارَ، وَأَنْزِلْهُمْ مَنَازِلَ الأَخْيَارِ، وَارْفَعْ دَرَجَاتِهِمْ فِي عِلِّيِّينَ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ، يَا عَزِيزُ يَا غَفَّارُ. اللَّهُمَّ اجْزِ خَيْرَ الْجَزَاءِ أُمَّهَاتِ الشُّهَدَاءِ وَآبَاءَهُمْ وَزَوْجَاتِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ جَمِيعًا، اللَّهُمَّ انْصُرْ قُوَّاتِ التَّحَالُفِ الْعَرَبِيِّ، الَّذِينَ تَحَالَفُوا عَلَى رَدِّ الْحَقِّ إِلَى أَصْحَابِهِ، اللَّهُمَّ كُنْ مَعَهُمْ وَأَيِّدْهُمْ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَهْلَ الْيَمَنِ إِلَى كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْمَعْهُمْ عَلَى كَلِمَةِ الْحَقِّ وَالشَّرْعِيَّةِ، وَارْزُقْهُمُ الرَّخَاءَ وَالاِسْتِقْرَارَ يَا أَكْرَمَ الأَكْرَمِينَ. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، وَاهْدِنَا لأَحْسَنِ الأَخْلاَقِ، فَإِنَّهُ لاَ يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إِلاَّ أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنَا سَيِّئَهَا، فَإِنَّهُ لاَ يَصْرِفُ عَنَّا سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنْتَ. اللَّهُمَّ ارْضَ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ الأَكْرَمِينَ. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ لَنَا وَلِوَالدينَا، وَلِمَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَيْنَا، وَلِلْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ.
اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا رَئِيسَ الدولةِ، الشيخ خليفة بن زايد وَأَدِمْ عَلَيْهِ مَوْفُورَ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ، وَاجْعَلْهُ يَا رَبَّنَا فِي حِفْظِكَ وَعِنَايَتِكَ، وَوَفِّقِ اللَّهُمَّ نَائِبَهُ الشيخ محمد بن راشد لِمَا تُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ، وَأَيِّدْ إِخْوَانَهُ حُكَّامَ الإِمَارَاتِ وأولياءَ عُهودِهم أجمعين.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، اللَّهُمَّ ارْحَمِ الشَّيْخ زَايِد، وَالشَّيْخ راشد، وَالشَّيْخ مَكْتُوم، وَشُيُوخَ الإِمَارَاتِ الَّذِينَ انْتَقَلُوا إِلَى رَحْمَتِكَ، وَأَدْخِلِ اللَّهُمَّ فِي عَفْوِكَ وَغُفْرَانِكَ وَرَحْمَتِكَ آبَاءَنَا وَأُمَّهَاتِنَا وَجَمِيعَ أَرْحَامِنَا وَمَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَيْنَا.
اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ الْمَغْفِرَةَ والثَّوَابَ لِمَنْ بَنَى هَذَا الْمَسْجِدَ وَلِوَالِدَيْهِ، وَلِكُلِّ مَنْ عَمِلَ فِيهِ صَالِحًا وَإِحْسَانًا، وَاغْفِرِ اللَّهُمَّ لِكُلِّ مَنْ بَنَى لَكَ مَسْجِدًا يُذْكَرُ فِيهِ اسْمُكَ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعًا مَرْحُوْمًا، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقًا مَعْصُوْمًا، وَلاَ تَدَعْ فِيْنَا وَلاَ مَعَنَا شَقِيًّا وَلاَ مَحْرُوْمًا. اللَّهُمَّ إنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذابِ جَهَنَّم، ونَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذابِ القَبْر، ونَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المسِيحِ الدَّجَّال، ونَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المحْيَا والممَات.
اللَّهُمَّ احْفَظْ دَوْلَةَ الإِمَارَاتِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَأَدِمْ عَلَيْهَا الأَمْنَ وَالأَمَانَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
اللَّهُمَّ أَنْتَ اللَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْغَنِيُّ وَنَحْنُ الْفُقَرَاءُ، أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ، وَاجْعَلْ مَا أَنْزَلْتَ لَنَا قُوَّةً وَبَلَاغًا إِلَى حِينٍ» «اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا» «اللَّهُمَّ اسْقِ عِبَادَكَ، وَبَهَائِمَكَ، وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ، وَأَحْيِ بَلَدَكَ الْمَيِّتَ» «اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا، مَرِيئًا مَرِيعًا، نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ، عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ».
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
عِبَادَ اللَّهِ: ]ﭐ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [ ([22])
اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكرُوهُ علَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ] وَأَقِمِ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ [ ([23]).