معنى اسم الله الجواد
الجواد في اللغة صفة مشبهة للموصوف بالجود ، فعله جادَ يَجود جَوْدة ، والجَيِّد نقيض الرديء ، وقد جاد جَوْدة وأَجاد يعني أَتى بالجَيِّد من القول أَو الفعل ، والجود هو الكرم ، ورجل جَواد يعني سخي كثير العطاء ، والجود من المطر هو الذي لا مطر فوقه في الكثرة ، وفلان يَجُود بنفسه أَي يخرجها ويدفعها كما يدفع الإِنسان ماله ويجود به ، وعند البخاري من حديث أسامة بن زيد t قَالَ : ( كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَهُ رَسُولُ إِحْدَى بَنَاتِهِ .. أَنَّ ابْنَهَا يَجُودُ بِنَفْسِهِ ، فَبَعَثَ إِلَيْهَا : لِلَّهِ مَا أَخَذَ ، وَلِلَّهِ مَا أَعْطَى كُلٌّ بِأَجَلٍ فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ ) (، والذي يجود بنفسه عند الموت لا دخل له في إخراج الروح أو إبقائها ، وإنما ذلك لله عز وجل الذي يأمر ملائكته باستخراجها ، ولكن عبر بأنه يجود بنفسه تكريما له إذ لا حيلة في دفع الموت ، أو لرضاه بقدر الله واستعداده للقائه ورغبته في أن يلقى الله مؤمنا ، كما في حديث عمران بن حصين t في المرأة الجهنية التي رجمت بحد الزنا قال صلى الله عليه وسلم : ( وَهَلْ وَجَدْتَ تَوْبَةً أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا للهِ تَعَالَى ) ، فالجود سهولة البذل والإنفاق وتجنب ما لا يحمد من الأخلاق ويكون بالعبادة والصلاح وبالسخاء والسماح
والجواد سبحانه هو الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته ، الذي ينفق على خلقه بكثرة جوده وكرمه ، وفضله ومدده ، فلا تنفد خزائنه ، ولا ينقطع سحاؤه ، ولا يمتنع عطاؤه ، روى البخاري من حديث أَبِي هريرة t أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يَدُ اللهِ مَلأَى لاَ يَغِيضُهَا نَفَقَة سَحَّاء الليْلَ وَالنَّهَارَ ، أرَأيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذ خَلقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا في يَدهِ ) ( ) ، وهو سبحانه من فوق عرشه عليم بموضع جوده في خلقه ، فلا يعطي إلا بمقتضى عدله وحكمته ، وما يحقق مصلحة الشيء وغايته ، ولذلك جاء عقب ذكر جوده ونفقته : ( عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ وَبِيَدِهِ الأخْرَى المِيزَان يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ ) ( ) .
وهو الذي يهدي عباده أجمعين إلى جادة الحق المبين ، هداهم سبل الشرائع والأحكام وتمييز الحلال من الحرام ، وبين لهم أسباب صلاحهم في الدنيا والآخرة ودعاهم إلى عدم إيثار الدنيا على الآخرة ، قال تعالى : (( وَاللهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ )) [يونس:25] ، وقال سبحانه : (( إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ )) [هود:56] .