معني اسم الله الوارث
الوارث اسم فاعل للموصوف بالوراثة من غيره ، يقال : ورث فلان أباه يرثه وراثة وميراثا ، وورث الرجل ولده مالا أي أشركه في ماله ، والوراثة في حقنا انتقال المال أو الملك من المتقدم إلى المتأخر ، ومنه وارث مال الميت الذي يملك تركته ، ووارث الملك يرث سلطانه .
والوارث سبحانه هو الباقي الدائم بعد فناء الخلق ، قال ابن منظور : ( الوارث صفة من صفات الله عز وجل وهو الباقي الدائم الذي يرث الخلائق ويبقى بعد فنائهم والله عز وجل يرث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين ، أي يبقى بعد فناء الكل ويفنى من سواه ، فيرجع ما كان ملك العباد إليه وحده لا شريك له ) .
وإذا كان الخلائق يتعاقبون على الأرض فيرث المتأخر المتقدم ، ويرث الولد والده والزوج زوجته وهكذا يستمر التوارث حتى ينقطع حبل الحياة في الدنيا ، فإنه لا يبقى إلا مالك الملك الوارث الكبير ، قال تعالى : (( وَلِلهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ )) [آل عمران:180] ، فالوارث سبحانه هو الباقي بعد فناء الخلق أو الوارث لجميع الأشياء بعد فناء أهلها ، والوارث أيضا هو الذي أورث المؤمنين ديار الكافرين في الدنيا كما قال تعالى : (( وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تطَئُوها وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرا )) [الأحزاب:27] ، وكذلك أورث المؤمنين مساكنهم في الجنة فجعل لهم البقاء مخلدين فيها كما قال : (( وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ )) [الزمر:74] ، وقال : (( تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيّاً )) [مريم:63] ، وتوريث المؤمنين الجنة لا يعني أنها تشارك الله في البقاء والإرث ، لأن خلد الجنة وأهلها إلى ما لا نهاية إنما هو بإبقاء الله وإرادته فبقاء المخلوقات ليس من طبيعتها ولا من خصائصها الذاتية ، بل من طبيعتها جميعا الفناء ، أما بقاء الله ودوامه وميراثه وسائر أوصافه فهي باقية ببقائه ملازمة لذاته سبحانه وتعالى ، لأن البقاء صفة ذاتية له فهو الوارث لجميع الخلائق في الدنيا والآخرة .