معني اسم الله الأعلى
الأعلى في اللغة أفعل التفضيل ، فعله علا يعلو علوا ، فالأعلى هو الذي ارتفع عن غيره وفاقه في وصفه ، وهي مفاضلة بين اثنين أو الجميع في عظمة وصف أو فعل ، أو مفاضلة بين صاحب العلو والأعلى منه ، فالأعلى ذو العلا والعلاء والمعالي ( ) ، قال تعالى : (( وَللهِ المَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ )) [النحل:60] ، وقال : (( وَلَهُ المَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ )) [الروم:27] ، قال الألوسي : ( وله المثل الأعلى أي الصفة العجيبة الشأن التي هي مثل في العلو مطلقا ، وهو الوجوب الذاتي ، والغنى المطلق ، والجود الواسع ، والنزاهة عن صفات المخلوقين ، ويدخل فيه علوه تعالى عما يقولون علوا كبيرا ) .
واسم الله الأعلى دل على علو الشأن وهو أحد معاني العلو ، فالله عز وجل تعالى عن جميع النقائص والعيوب المنافية لإلهيته وربوبيته ، وتعالى في أحديته عن الشريك والظهير والولي والنصير ، وتعالى في عظمته أن يشفع أحد عنده دون إذنه ، وتعالى في صمديته عن الصاحبة والولد وأن يكون له كفوا أحد ، وتعالى في كمال حياته وقيوميته عن السنة والنوم ، وتعالى في قدرته وحكمته عن العبث والظلم ، وتعالى في علمه عن الغفلة والنسيان ، وعن ترك الخلق سدي دون غاية أو ابتلاء أو امتحان ، وتعالى في غناه يُطعِمُ وَلا يُطعَمُ ويرزُق ولا يُرزَق ، بل هو على كل شيء قدير ، وكل شيء إليه فقير ، وكل أمر عليه يسير ، لا يحتاج إلى شيء ، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، تعالي في صفات كماله ونعوت جلاله عن التعطيل والتمثيل .
والله عز وجل يجوز في حقه قياس الأولي بدليل قوله : (( وَلِلهِ المَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ )) [النحل:60] ، فإنه من المعلوم أن كل كمال أو نعت ممدوح لنفسه لا نقص فيه يكون لبعض الموجودات المخلوقة المحدثة فالرب الخالق الصمد القيوم هو أولى به ، وكل نقص أو عيب يجب أن ينزه عنه بعض المخلوقات المحدثة فالرب الخالق القدوس السلام هو أولى أن ينزه عنه ، قال ابن تيمية : ( ولهذا كانت الطريقة النبوية السلفية أن يستعمل في العلوم الإلهية قياس الأولى كما قال الله تعالى : (( وَلِلهِ المَثَلُ الأَعْلَى )) ، إذ لا يدخل الخالق والمخلوق تحت قضية كلية تستوي أفرادها ولا يتماثلان في شيء من الأشياء ، بل يعلم أن كل كمال لا نقص فيه بوجه ثبت للمخلوق فالخالق أولى به وكل نقص وجب نفيه عن المخلوق فالخالق أولى بنفيه عنه ) ، فقياس الأولى جائز في حق الله وأسمائه وصفاته وأفعاله أما المحرم الممنوع فهو قياس التمثيل والشمول .