أين يوجد المسيح الدجال
فأمّا مكان خروجِه فَمِن أرض الفِتن، أرض المَشرق، حيث يتبعه مِن أهلها مَن وصفهم لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي والحاكم بسند صحيح عن أبي بكر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: » إنّ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ مِن أرْضٍ بِالمَشرِقِ يُقالُ لَها خُراسان، يَتْبَعُهُ أقوامٌ كَأَنَّ وُجوهَهُم المَجَانُّ المُطْرَقَة ُ« . أي وجوههم كالأترسة الممدودة، وهي صفة للتتار والترك.
سبب خروج الدجال
وأمّا سبب خروجه، فقد روى الإمام مسلم في الصحيح عن أمِّ المؤمنين حفصة بنت عمر رضي الله عنهما أنها قالت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قـال: » إنّما يخرج مِنْ غَضْبَةٍ يَغْضَبُه «. وفي رواية » إنّ أوَّلَ ما يبعَثُهُ على الناسِ غَضَبٌ يغْضَبُهُ « . ونحن لا ندري ما يغضب الدجال: هل هو تحرير بيت المقدس من أيدي اليهود ؟ أم هل هو انهيار القوى الصليبية بعد انتصار المسلمين على النصارى – الذين يسيرهم اليهود في العالم-؟ الله تعالى أعلم، لكن نستطيع القول أن ما يغضبه هو أمر في صالح الأمة الإسلامية، فنسأل الله تعالى أن يعجل النصر القريب. وعندما يخرج الدجال تكون همّته المدينة المنورة – حفظها الله – لسبب الله أعلم به، ولعلها تكون في ذلك الوقت معقلاً للإسلام والمسلمين، كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: » إن الإسلام بدأ غريباً وسَيَعودُ كما بَدَأَ، وهُوَ يَأْرِزُ بَيْنَ المَسجِدَيْنِ كما تَأرزُ الحيَّةُ في جُحْرِها « . روى الإمام مسلم والإمام أبو عبد الله أحمد بن حنبل- رحمهما الله – عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: » يَأْتي الْمَسيحُ مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ وهِمَّتُهُ المدينَةُ حَتّى يَنْزِلَ دُبُرَ أُحُدٍ، ثُمَّ تَصْرِفُ المَلائِكَةُ وَجْهَهُ قِبَلَ الشّامِ وهُناكَ يَهْلِكُ « . إن عدم استطاعة الدَّجَّال دخول المدينة منقبة من مناقبها الكثيرة، فهي محمية تحرسها الملائكة، كما جاء في الأحاديث الصحيحة. روى مالك وأحمد والشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: » عَلى أنْقابِ المَدينَةِ مَلائِكَةٌ، لا يَدْخُلُها الطاعونُ ولا الدَّجَّالُ «. وَفي رِواية لأَنَسِ بن مالك رضي الله عنه عند البخاري والنسائي، قال صلى الله عليه وسلم: » لَيْسَ منْ بَلَدٍ إلاّ سَيَطَؤه الدَّجَّالُ ، إلاّ مَكَّةَ والمَدينَةَ، ولَيسَ نَقْبٌ مِنْ أنْقابها إلاَّ عَلَيهِ مَلائكَةٌ حافِّينَ تَحْرُسُها، فَيَنْزِلُ بالسَّبْخَةِ ، فَتَرْجُفُ المَدينَةُ بِأهْلِها ثلاثَ رَجفاتٍ، يَخرجُ إليهِ مِنها كُلُّ كافِرٍ ومُنافِقٍ «. لذلك سمَّاها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم طيبة وأنّها تنفثُ خبَثَها كما ينفث الكيرُ خبثَ الحَديد. روى البخاري عن أبي بكرة رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: » لا يَدْخُلُ المَدينَةَ رُعبُ المسيحِ، لَها يَومَئذٍ سَبعَةُ أبواب، على كلِّ بابٍ مَلَكان « . والأحاديث في هذا الشأن كثيرة.