عبد اللَّه بن حميد السالمي

جوجل بلس

عبد اللَّه بن حميد السالمي

هو الإمام العلَّامَة المجدد أبو محمد عبد اللَّه بن حميد بن سلوم بن عبيد بن خلفان بن خميس السالمي من بني ضبة وهي من القبائل النزاريّة.
فقيه مدقق ومجتهد محقِّق ومرجع عمان في عصره وناظم للشعر.
وُلِدَ سنة 1286هـ، ببلدة الحوقين من أعمال الرستاق، وهناك حفظ القرآن ثمَّ انتقل إلى الرستاق البلد فتلقَّى العلم على يد الشَّيخ راشد بن سيف اللمكي والشَّيخ ماجد بن خميس العبري والشَّيخ عبد اللَّه بن محمد الهاشمي.
ابتُلي بفقد البصر فأنار اللَّه بصيرته فكان ذا فطنة عجيبة وذكاء حاد منذ نعومة أظفاره.
التحق نور الدين السالمي بمدرسة الشَّيخ صالح بن علي الحارثي في الشرقية سنة 1308هـ، فتعلم مختلف الفنون، وقد قال فيه شيخه: “شاهدت اليوم ولدًا سالميّا من الحوقين، يكاد يلتهم العلم التهامًا، ولئن بارك اللَّه فيه ليكوننَّ مجددًا لهذا الدين، وقدوة للمسلمين”.
شارك الإمام السالمي شيخه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعد أن رأى منه الشَّيخ صالح الصبر وقوة العزيمة.
كان دائم الفكر شديد الغيرة والتمسك بالدين، زاهدًا في الدنيا كثير الرماد قلَّما تناول طعامًا وحده، ذا هيبة عظيمة، يرتجل الخطب الطوال، همه الكبير جمع الشمل وتوحيد المسلمين وإحقاق الحق مستشعرًا عِظَم المسؤولية، تراه في مجلسه أو طريقه رافعًا يديه إلى السماء متضرعًا إلى اللَّه متوجعًا من حال أمته بقوله:
حرب النصارى اليوم بالدواهي//والكل منَّا غافل ولاهي
فيأخذون الدار بالخدايع//وإنها أقوى من المدافع
وكثيرًا ما يتمثل بقول دعبل:
ما أكثر الناس لا بل ما أقلّهم//اللَّه يعلم أني لم أقل فَنَدَا
إني لأفتح عيني حين أفتحها//على كثير؛ ولكن لا أرى أحدا
ويكرر قوله: “ولكن لا أرى أحدا”، لما يجيش في صدره من الأمور التي لم يجد من يساعده على القيام بها.
ويصف أمير البيان الشيخ عبد اللَّه بن علي الخليلي هذا الإمام وإرادته بقوله:” الذي همَّ فضاقت عن هممه همم الدهر، وأراد فعجزت عن نفي إرادته إرادة الزمن “.
حتى بعث اللَّه علي يديه إمامة تلميذه الإمام سالم بن راشد الخروصي ومن بعده الإمام محمد بن عبد اللَّه الخليلي اللذان تخرّجا من مدرسة الإمام المربي كحال أغلب علماء عصرهما.
كانت له علاقات مع أعلام عصره، منهم السلطان فيصل بن تركي، يقول السالمي عن نفسه: “… فمررت على السلطان فيصل ذاهبًا وراجعا، وقابلني هو وأولاده بالإجلال والاحترام، ومن لم يشكر الناس لن يشكر اللَّه؛ وطلبت منه الخلوة على لسان ولده تيمور، وكلمته في اجتماع الشمل والقيام بالعدل وجمع العرب تحت راية واحدة” وللإمام السالمي قصيدة ينصحه فيها، ومنهم الزعيم الشَّيخ سليمان بن باشا الباروني الليبي والشَّيخ العلَّامَة امحمد بن يوسف اطْفَيِّش الجزائري، وهو الذي لَقَّب السالمي بـ”نور الدين”، كما أنَّ الشَّيخ السالمي هو الذي لُقِّب الشَّيخ اطْفَيِّش بـ”قطب الأئمة” وغيرهم، وله حوارات مع علماء المذاهب الإسلاميَّة الأخرى.
للإمام السالمي شعر بديع ينبئ عن عاطفة إسلاميَّة خالصة، منه قوله في مطلع قصيدة:
المجدُ يُدرك بالقَنا الحسَّاسِ//في كَفِّ مِقدامٍ شديدِ الباسِ
يرمي بهِ نحرَ العدوِّ فلا تَرى//إلا الكَمي يخِرُّ بين الناسِ
ترك لنا الإمام السالمي آثارًا علمية قيِّمة تربو على الثلاثين في علوم الشريعة واللغة العربية والتأريخ تشي عناوينها بسمو نفس الشَّيخ وتفاؤله الكبير، ولا يزال بعض من مؤلفاته مخطوطا، من آثاره المطبوعة: تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان، في التأريخ.
وطلعة الشمس شرح على ألفيته شمس الأصول في أصول الفقه، ومدارج الكمال نظم مختصر الخصال للإمام إبراهيم بن قيس الحضرمي في الفقه، ثمَّ شرَح مدارج الكمال وسمَّاه “معارج الآمال” وحالت المنية بينه وبين إتمامه.
وله الحجج المقنعة في أحكام صلاة الجمعة، وكذلك منظومة جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام تقارب أبياتها 14000 بيت، والمنهل الصافي في العروض والقوافي، وشرح الجامع الصحيح “مسند الإمام الربيع” في الحديث.
وله في علم الكلام منظومة غاية المراد ومنظومة أنوار العقول شرحها مرتين شرحًا مطولا هو مشارق الأنوار والآخر مختصرًا وهو بهجة الأنوار.
كان في طريقه إلى الشَّيخ ماجد بن خميس العبري ليناقشه في بعض المسائل فاصطدم بشجرة مِمَّا أدى إلى سقوطه مريضا، وكان من خبره بعد سقوطه قوله قولة المتفائل الواثق باللَّه: سنقتسم مغانم الهند إن شاء اللَّه.
لم يلبث الإمام السالمي أياما إلى أن تُوفِّيَ- عليه شآبيب الرحمة والرضوان- وذلك سنة 1332هـ، بعد ست وأربعين سنة، أنجز فيها ما لم ينجزه من عاش مئات السنين، فكان جديرًا أن يُعَدُّ من أقطاب مجددي الفكر الإسلاميِّ وباعثي نهضته.

مواضيع ذات صلة لـ عبد اللَّه بن حميد السالمي: