مواضيع حصرية ومتنوعة – استمتع بكل لحظة معنا

كيف دخل أهل عمان في الإسلام

إسلام أهل عمان

لقد كانت رسالة الإسلام منعطفًا هامًّا في تاريخ عمان، حيث استجاب أهل عمان لدعوة الرسول -صَلَّى اللَّه عليهِ وسَلَّم- ودخلوا الإسلام طواعية وسلمًا، ثمَّ ما لبثوا أن لعبوا دورًا رائدًا في تثبيت دعائم الدعوة ونشر راية الإسلام شرقًا وغربا.
وكانت عمان من أوائل البلاد التي اعتنقت الإسلام في عهد الرسول الكريم، فلقد بعث الرسول -صَلَّى اللَّه عليهِ وسَلَّم- إليهم خمسة وفود وأربعة رسائل أهمها وفد عمرو بن العاص إلى جيفر وعبد ابني الجلندى بن المستكبر ملكًا عمان حينذاك ليدعوهما إلى الإسلام وكان ذلك حوالي عام 8 هـ_ 630 م، ونص الرسالة: “بسم اللَّه الرحمن الرحيم، من محمد رسول اللَّه إلى جيفر وعبد ابني الجلندى السلام على من اتبع الهدى أمَّا بعد فإنني ادعوكما بدعاية الإسلام اسلما تسلما فاني رسول اللَّه إلى الناس كافة لأنذر من كان حيًّا ويحق القول على الكافرين وأنكما إن أقررتما بالإسلام وليتكما وان أبيتما أن تقرا بالإسلام فان ملكما زائل عنكما وخيلي تطأ ساحتكما وتظهر نبوتي على ملككما”.
بقي عمرو بن العاص في عمان يجمع الزكاة من أغنياء البلاد ويوزعها على فقرائهم، إلى جانب الصحابيِّ الجليل أبي زيد الأنصاري الذي تولَّى مهمة تعليم أهل عمان أمور دينهم.
بلغ عمرو بن العاص المصاب الجلل بوفاة الرسول -صَلَّى اللَّه عليهِ وسَلَّم- فرجع إلى المدينة وبصُحبته وفد مكوَّن من سبعين رجلًا من وجهاء أهل عمان على رأسهم عبد بن الجلندى أحد ملكي عمان وجعفر بن جشم العتكي وأبو صفرة سارق بن ظالم.
وقد خطب فيهم الصديق قائلًا: “معاشر أهل عمان إنكم أسلمتم طوعًا لم يطأ رسول اللَّه ساحتكم بخف ولا حافر ولم تعصوه كما عصيه غيركم من العرب، ولم ترموا بفرقة ولا تشتت شمل، فجمع اللَّه على الخير شملكم ثمَّ بعث إليكم عمرو بن العاص بلا جيش ولا سلاح فأجبتموه إذ دعاكم على بعد داركم وأطعتموه إذ أمركم على كثرة عددكم وعدتكم فأي فضل أبر من فضلكم وأي فعل أشرف من فعلكم كفاكم قوله -عليه السلام- شرفًا إلى يوم الميعاد ثمَّ أقام فيكم عمرو ما أقام مكرما ورحل عنكم إذ رحل مسلمًا وقد من اللَّه عليكم بإسلام عبد وجيفر أبني الجلندى وأعزكم اللَّه به وأعزه بكم ولست أخاف عليكم أن تغلبوا على بلادكم ولا أن ترجعوا عن دينكم، جزاكم اللَّه خيرًا”.
وفي عهد أبي بكر الصديق أسهم العمانيون في حروب الردة، وفي فتوح بلاد الشام والعراق، وقد كان عبد بن الجلندى من بين الذين ووجَّههم الخليفة أبو بكر الصديق – رضِيَ اللَّه عنه -إلى حرب آل جفنة الغساسنة في بلاد الشام، ويذكر بعض المؤرخين حادثة دبا ضمن حوادث الردة، وللمؤرخين العمانيين وجهة نظر مختلفة (راجعها في كتاب تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان للإمام السالمي).
ولما تُوفِّيَ الخليفة الأول أبوبكر الصديق أقر الخليفة الثاني عمر بن الخطاب عبد وجيفر على عمان وبعث عثمانَ بن أبي العاص الثقفي عاملًا من قبله ليتولَّى جمع الصدقات والزكاة على أن يترك شؤون عمان الداخلية للأخوين عبد وجيفر إكرامًا لهما على حسن إسلامهما.
شكَّل عثمان بن أبي العاص جيشًا يبلغ زهاء 3000 مقاتل انطلق به لفتح أجزاء من فارس فوصلوا عن طريق البحر سنة 15 ه- وكُلِّلت الحملة -بفضل اللَّه- بالنجاح.
ثم تتابعت الحملات بعد ذلك بمشاركة عمانية بأمر من الفاروق عمر إلى سيراف وشطوط الهند ومن بعده الخليفة ذو النورين عثمان بن عفان لتبلغ السند وآسيا الوسطى.
ولم يقتصر دور العمانيين في الجانب العسكري فحسب، بل كان لهم حضور علمي بارز فكانوا من أوائل المؤلفين في الإسلام كالخليل بن أحمد الفراهيدي من باطنة عمان مؤسس علم العروض وصاحب كتاب العين أول معجم لغوي، ومنهم ابن دريد والمبرد ونفطويه وغيرهم، كما أنَّ مسند الربيع بن حبيب من أوائل ما بلغنا من كتب الحديث، وديوان جابر بن زيد والذي ذهب مع آلاف الكتب في حادثة مكتبة الحكمة المأساوية في بغداد مع غزو المغول وبقيت نسخة منه في مكتبة تاهرت في المغرب الأوسط في الدولة الرستمية لتلقى نفس المصير على يد الفاطميين.
ومنهم ابن الذهبي أبو محمد عبد اللَّه بن محمد الأزدي الذي وُلِدَ في صحار وتُوفِّيَ في الأندلس سنة 456 للهجرة فقد تجاوز ابن الهيثم في نظرية الإبصار، وسبق ابن النفيس إلى اكتشاف الدورة الدموية الصغرى وزاد عليه اكتشافه الدورة الدموية الكبرى، والتقى بالبيروني، وتتلمذ عند ابن سينا.
ألّف كتاب “الماء” الذي هو أول معجم طبي لغوي في التأريخ العلمي لا للعرب فحسب.

Exit mobile version