مدرسة الإمام السالمي

جوجل بلس

مدرسة الإمام السالمي

“لا نبالغ إذا قلنا إن رجال العلم اليوم بعمان جلهم من تلاميذه، وقد نبغ منهم كثير وحسبك أن صفوة الأمة هناك، والذين قامت عليهم الإمامة والملك هم من تلاميذه، وهذه الروح التي بثها فيهم حتى كانوا حمى للدين والأمة من أكبر الشواهد على إخلاصه وعلو شأنه”.اهـ؛ العلَّامَة أبو إسحاق إبراهيم اطْفَيِّش.
سعى الإمام السالمي -رضوان اللَّه عليه- لِبَثِّ الوعي في أوساط الأمة ورفع معنوياتها، وخلق فيها روح الأمل لاستعادة أمجادها التي قوَّضها البغي والعدوان في تلك الفترة.
وفي ظروف عصيبة جدا، استطاع أن يكوّن نخبة متميِّزة من تلاميذه الأفاضل الذين رباهم على الأخلاق الإسلاميَّة الأصيلة، ونفخ فيهم روح الجهاد في سبيل اللَّه، وأهَّلهم لحمل أمانة العلم ورفع راية الدعوة الإسلاميَّة.
ثم انطلق بهم في فترة دقيقة لينهضوا بعبء المسؤولية وليضطلعوا بحمل لواء الحق.
وما هي إلا فترة وجيزة حتى أصبح طلابه ملء السمع والبصر وصاروا قادة للأمة ونبغوا في المعقول والمنقول، فكان منهم الإمام العادل والقائد المظفر والقاضي المحنك.
استقطبت مدرسة الإمام السالمي في مدينة القابل مختلف الطلبة من ربوع عمان للتخصص في العلوم الشرعية واللغوية إلى جانب ما يكتسبونه من الأخلاق والشخصية الإسلاميَّة.
وكان من عادة الشَّيخ نور الدين إذا أصبح أن يسأل تلاميذه: من منكم رأى رؤيا؟ اقتداء بسنة النبي -صَلَّى اللَّه عليهِ وسَلَّم-، وإذا قعدوا لقراءة القرآن، قال لأصحابه: ليفكر كل واحد منكم أثناء القراءة في آية من الذي قرأناه؛ وليبحث عنها بعد القراءة، حتى تكون سببًا للتعليم وحصول الفائدة، أمَّا بين العشائين فكان الدرس في تفسير القرآن.
بعد سنوات من الجهود المباركة لإحياء الإمامة اجتمع نور الدين بالعلماء والأعيان وطلبوا سالم بن راشد الخروصي.
فقال له الشَّيخ: المسلمون رأوا أن يبايعوك إمامًا لهم، فتلكأ عن البيعة لهيبة المقام، وقال: أنا ما صحبتكم لهذا، ولا أصلح أن أكون إمامًا.
ولحزم الشَّيخ على تمام الأمر، وخوف دخول الفشل في التريّث، نادى في الحال أبا زيد عبد اللَّه بن محمد الريامي، فقال: اقطع رأسه، فشهر أبو زيد سيفه، وجاء ممتثلًا أمر شيخه.
فلما سمع سالم ذلك قال: ما تكون منزلتي معكم إن قتلتموني؟ قال: نبرأ منك لأنك شققت عصى المسلمين، وفرقت ذات بينهم بعدما التأمت.
قال: أعوذ باللَّه من أن أنزل هذه المنزلة، رضيت بما يرضاه المسلمون، فبايعوه إمامًا.
وقام بالواجب خير قيام.
-كان الشَّيخ نور الدين يقول في مرضه: ما أخاف عليكم من جهل وفيكم عامر بن خميس، وما أخاف عليكم من وهن وفيكم سالم بن راشد.
-حدث الشَّيخ سعيد بن حمد الحارثي عن والده قال: دخلت المسجد ذات يوم وأنا صغير، وقد فرغ الناس من الصلاة فرأيت سالم بن راشد يبكي ودموعه تنحدر من وجنتيه، فأخبرت خالي (يعني الشَّيخ عيسى) فقال: أنَّه يبكي لما فاتته الجماعة.
وحدثَّ عنه القائم في مسجد القابل قائلًا: ما دخلت المسجد إلّا ووجدت سالم بن راشد على المحراب ووجدت عبد اللَّه بن محمد(يعني أبا زيد) منكبًّا على القراءة.
– ووجد ذات يوم الإمامَ الخليلي – وكانا طالبين- وجده يغسل ثيابه من الفلج، ويعصرها خارجه.
فقال له: ليس لك ذلك، اعصرها داخل الفلج، لِأَنَّ هذا الماء ملك لصاحبه.
-وكان إذا طلع نخلة ليخرف (يجني) رطبًا، ربط عينيه خوف أنَّ يرى جوف بيت أجنبي، فيخرف باللمس لا بالنظر.
– ويقول -حسَّان عمان – أبو مسلم البهلىني في رسالة بعثها إلى الإمام سالم بن راشد الخروصي من زنجبار، ويذكره باسم العبد الصالح: “إن اللَّه نظر نظرة إلى عباده فرآك للوقت أصلبهم عودًا وأنقاهم قلبًا وأنفذهم بصيرة وأزكاهم نفسا وأوفاهم ميزانا وأعظمهم صبرًا وأشدهم شكيمة وأنفذهم عزيمة وأزهدهم في الدنيا وأرغبهم في العقبى ولا يصلح للخلافة الكبرى إلا من كانت هذه الصفات صفاته” والأخبار في هذا الباب كثيرة من يقرأها يستحضر ما كان عليه الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز -رضوان اللَّه عليه- ومن قبله جده الفاروق -حشرنا اللَّه معه-.

مواضيع ذات صلة لـ مدرسة الإمام السالمي: