مازن بن غضوبة السعدي
هو مازن بن غضوبة بن سبيعة بن شماسة بن حيان بن مر بن حيان بن أبي خطامة بن سعد بن نبهان بن عمرو بن الغوث بن طي.
أول من أسلم من أهل عمان، من سمائل الفيحاء، سيد في قومه، وهو القيِّم بأمورهم حيث كان سادنا لصنمهم ناجر (باجر).
وخبر ارتحال الصحابيِّ الجليل مازن بن غضوبة -رضِيَ اللَّه عنه-خبر شائق ماتع تهفو له النفوس، كيف لا؟ وهو بذرة الإسلام في قطره عمان.
بعدما تيقن من خبر ظهور الإسلام حطَّم الصنم واتجه إلى الحجاز في السنة السادسة للهجرة فتشرّف بلقاء النبي -صَلَّى اللَّه عليهِ وسَلَّم- ومجالسته ودخول الإسلام على يديه -صَلَّى اللَّه عليهِ وسَلَّم-، وكان بصحبته غلامه صالح بن المتوكل الذي أعتقه مازن بعد أن قال له النبي -صَلَّى اللَّه عليهِ وسَلَّم-: “استوص به خيرا”، ومن ذرية صالح هذا الحسن بن كثير الذي روى قصة إسلام مازن.
في لقاءه الأول بالنبي الأكرم -صَلَّى اللَّه عليهِ وسَلَّم- لم ينس مازن قومه فكان أن سأل النبي -صَلَّى اللَّه عليهِ وسَلَّم- الدعاء لأهل عمان فدعى النبي -صَلَّى اللَّه عليهِ وسَلَّم- لهم ومازن يستزيده، ثمَّ سأل النبي -صَلَّى اللَّه عليهِ وسَلَّم- أن يدعو له بترك ما نشب فيه من براثن الجاهلية الجهلاء، يقول مازن: فأذهب اللَّه -تعالى- عني ما كنت أجد من الطرب والنشاط لتلك الأسباب، وحججت حججا وحفظت شطر القرآن وتزوجت أربع عقائل من العرب ورزقت ولدًا سميته حيان بن مازن، وأخصبت عمان في تلك السنة وما بعدها وأقبل عليها الخف والظلف، وكثر صيد البحر وظهرت الأرباح في التجارات، وآمن عدد من أهل عمان.
وله في ذلك شعرا:
إليك رسول اللَّه خبّت مطيتي//تجوب الفيافي من عمان إلى العرج
لتشفع لي يا خير من وطئ الحصى//فيغفر لي ربي فأرجع بالفلج
إلى معشر جانبت في اللَّه دينهم//فلا دينهم ديني ولا شرجهم شرجي
وكنت امرءًا باللَّهو والخمر مولعا//شبابي إلى أن أذن الجسم بالنهج
فبدلني بالخمر أمنا وخشية//وبالعهر احصانا فحصن لي فرجي
فأصبحت همي في الجهاد ونيتي//فَلِلَّه ما صومي ولله ما حجي
عاد مازن إلى بلده سمائل فكان بناءه مسجده المعروف اليوم بمسجد المضمار أول ما صنعه اقتداء بالنبي -صَلَّى اللَّه عليهِ وسَلَّم-.
روى مازن حديثًا في المعجم الأوسط نصه عن النبي صلوات اللَّه وسلامه عليه: “عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى الجنة”.
لم يلبث مازنٌ -رضِيَ اللَّه عنه-في سمائل حتى هاجه الشوق إلى النبي -صَلَّى اللَّه عليهِ وسَلَّم- فسافر مرة أخرى إلى المدينة المنورة في السنة السابعة للهجرة على رأس وفد من قومه طي، ليطلع رسول اللَّه -صَلَّى اللَّه عليهِ وسَلَّم- بالمستجدات من دخول الناس في الإسلام وما أنعم اللَّه به على العباد من الخير الجزيل والنعم الجليلة، فقال النبي -صَلَّى اللَّه عليهِ وسَلَّم-: “ديني دين الإسلام، سيزيد اللَّه أهل عُمان خصبُا وصيدًا، فطوبى لمن آمن بي ورآني، وطوبى لمن آمن بي ولم يرني ولم ير من رآني، وأن اللَّه سيزيد أهل عُمان إسلامًا”.
ولقد كان لمازن ببركة دعاء الرسول -صَلَّى اللَّه عليهِ وسَلَّم- ذرية صالحة سكن بعضها بالموصل ونُسب إليها، منهم حرب بن محمد بن علي بن حيان بن مازن وكان رجلًا نبيهًا ذا همة، رحل في طلب العلم وكتب عن مالك بن أنس وتُوفِّيَ سنة 226هـ.
قُدِّرَ لمازن بن غضوبة أن يختم حياته بأشرف الطاعات وأجل القربات فشارك في الفتوحات زمن الإمام عثمان بن عفان وبصحبته صالح بن المتوكل ورزقهما اللَّه الشهادة ودُفِنَا في بردعة في أقصى أذربيجان سنة 25 للهجرة، وطويت صفحة حياته الناصعة لِيَحِلَّ الإسلام في عمان قويّا عظيمًا.