تاريخ اليمن في عهد الدولة الصليحية
سقطت دولة بني زياد عام 1018 وقامت دولة بني نجاح عام 1022 في تهامة وعاصمتهم زبيد كذلك. ظهر علي بن محمد الصليحي في نفس الفترة في المرتفعات وكان إسماعيليا ،وتمكن الصليحي من تأسيس ماعرف بالدولة الصليحية عام 1040. كانت البلاد تحكم من قبل عشائر عديدة وصغيرة مثل بنو معن الأصابحة وهم حكام عدن ولحج في تلك الفترة، وبنو الكرندي المعافر وكانوا يسيطرون على تعز وإب وغيرهم كانوا يسيطرون على حصون عديدة في صعدة وحول صنعاء وحراز. ويصف أحد المؤرخين صنعاء بأنها كالخرقة كل شهر عليها حاكم جديد. علي بن محمد الصليحي نفسه من منطقة حراز ولا زالت هذه المنطقة من أهم معاقل الإسماعيلية إلى اليوم ولكن الصليحي كان سنياً في الحقيقة بل والده كان قاضيا شافعيا، اعتنق علي بن محمد الصليحي المذهب الإسماعيلي لتأثره بدعوة رجل الدين سليمان الزواحي.
سيطر الصليحي على صنعاء عام 1040 ثم راسل الخليفة الفاطمي المستنصر بالله في مصر يطلب منه السماح باظهار الدعوة الإسماعيلية بعد أن كانت سرية، والسبب في ذلك يعود لخشية الصليحي أن تقوم الدولة العباسية في بغداد بإرسال جيش إلى اليمن لقمع الإسماعيلية فرأى في الفاطميين في مصر حليفا موثوقا مافكر العباسيون بقمع حركته. لم يعلن علي الصليحي دعوته حتى العام 1047 بعد توافد قبائل يام وهمدان. لم تكن كل همدان ففروع من حاشد التفت حول زعماء إقطاعيين إلا أن الصليحي تمكن من القضاء عليهم ثم توجه جنوباً فسيطر على مخلاف الجند (تعز) ومخلاف جعفر (إب) وعدن وزبيد ثم حضرموت وبحلول عام 1062 كان حكم الصليحيين قد شمل بلاد اليمن واتخذ من صنعاء عاصمة لدولته. سيطر علي بن محمد الصليحي على مكة عام 1063. كان يُدعى له هو وابنة عمه وزوجته أسماء بنت شهاب في خطب الجمعة وهو مالم يحدث في أي مكان في المنطقة العربية بعد الإسلام.
توفي علي بن محمد الصليحي ليخلفه ابنه المكرم أحمد بن علي الصليحي عام 1084 الذي ولى سلالة بنو زريع على عدن، ولم يدم حكمه لأكثر من ثلاث سنين فاضطر لتسليم السلطة لزوجته أروى بنت أحمد الصليحي عام 1087 لإصابته بشلل العصب الوجهي قامت الملكة أروى بنقل العاصمة من صنعاء إلى جبلة بمحافظة إب حالياً وسبب ذلك يعود لموقع جبلة الإستراتيجي في مرتفعات اليمن الوسطى الخصبة زراعياً وسهولة الوصول للمناطق الجنوبية من البلاد وبالذات عدن[92] أرسلت الملكة دعاة إسماعيلية إلى الهند حيث تشكل مجتمع إسماعيلي بارز لا يزال متواجداً إلى اليوم.
رغم أن ملوك بنو صليح كانوا إسماعيلية، إلا أن الملاحظ أنهم لم يحاولوا فرض مذهبهم على أحد ولم يضطهدوا الشافعية والزيدية. حكمت السيدة الحرة كما تُعرف في كتب التاريخ اليمنية باقتدار ولا تزال تذكر باعجاب ومحبة ويشهد على ذلك كتب التاريخ والأدب اليمني والتقاليد الشعبية حتى أنها سُميت بلقب بلقيس الثانية في إشارة لملكة سبأ الأسطورية. سقطت دولة الصليحيين عام 1138 بوفاة الملكة أروى عن عمر ناهز الثمانين عاماً. وبوفاتها انقسمت البلاد إلى خمس سلالات متنازعة على طول الخطوط الدينية. وهو ماسهل على الدولة الأيوبية دخولها إلى اليمن عام 1174.