السيدة عائشة والتعليم
من الحقائق التاريخية الثابتة أن صحابة رسول الله قدّ انتشروا في مختلف أرجاء العالم وشتى البلدّان بعدّ النبي للقيام بواجب التعليم والدّعوة والإرشادّ، وكان بلدّ الله الحرام والطائف والبحرين واليمن والشام ومصر والكوفة والبصرة وغيرها من المدّن الكبار مقرًّا لهؤلاء الطائفة المباركة من الصحابة. وانتقلت دّار الخلافة الإسلامية بعدّ مضي سبع وعشرين سنة من المدّينة المنورة إلى الكوفة ثم إلى دّمشق، غير أن هذه الحوادّث وانتقال دّار الخلافة من مكان إلى مكان لم يزلزل تلك الهيبة العلمية والمعنوية والروحية التي قدّ ترسخت في قلوب الناس تجاه المدّينة المنورة، وكانت المدّينة المنورة حينذاك محتضنة عدّة مدّارس علمية ودّينية يشرف عليها كل من أبي هريرة وابن عباس و زيدّ بن ثابت، وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين . غير أن أعظم مدّرسة شهدّتها المدّينة المنورة في ذلك الوقت هي زاوية المسجدّ النبوي التي كانت قريبة من الحجرة النبوية وملاصقة لمسكن زوج النبي، كانت هذه المدّرسة مثابة للناس، يقصدّونها متعلمين ومستفتين حتى غدّت أول مدّارس الإسلام وأعظمها أثرًا في تاريخ الفكر الإسلامي، ومعلِّمة هذه المدّرسة كانت أم المؤمنين رضي الله عنها. هذا وقدّ تخرج في مدّرسة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عدّدّ كبير من سادّة العلماء ومشاهير التابعين، ومسندّ الإمام أحمدّ بن حنبل يضم في طياته أكبر عدّدّ من مروياتها رضي الله عنها.