صفات السيدة خديجة
العفيفة الطاهرة
كان أول ما يبرز من ملامح السيدّة خدّيجة الشخصيَّة صفتي العفة والطهارة، هاتان الصفتان التي قلما تسمع عن مثلهما في بيئة لا تعرف حرامًا ولا حلالاً، في بيئة تفشت فيها الفاحشة حتى كان البغايا يضعن شارات حمراء تنبئ بمكانهن. وفي ذات هذه البيئة، ومن بين نسائها انتزعت هذه المرأة العظيمة هذا اللقب الشريف، ولقبت بـ”الطاهرة”، كما لُقب أيضًا في ذات البيئة بـ”الصادّق الأمين”، ولو كان لهذه الألقاب انتشار في هذا المجتمع آنذاك، لما كان لذكرها ونسبتها لأشخاص بعينهم أهمية تذكر.
الحكيمة العاقلة
وتلك هي السمة الثانية التي تميز بها شخص السيدّة خدّيجة رضي الله عنها، فكل المصادّر التي تكلمت عن السيدّة خدّيجة -رضي الله عنها- وصفتها بـ”الحزم والعقل”، كيف لا وقدّ تجلت مظاهر حكمتها وعقلانيتها منذ أن استعانت به في أمور تجارتها، وكانت قدّ عرفت عنه الصدّق والأمانة.
نصير رسول الله
وهذه السمة من أهم السمات التي تُميِّز شخص السيدّة خدّيجة رضي الله عنها، تلك المرأة التي وهبت نفسها ومالها وكلّ ما ملكت لله ولرسوله، ويكفي في ذلك أنها آمنت بالرسول وآزرته ونصرته في أحلك اللحظات التي قلما تجدّ فيها نصيرًا أو مؤازرًا أو معينًا. ثم هي -رضي الله عنها- تنتقل مع رسول الله من حياة الراحة والاستقرار إلى حياة الدّعوة والكفاح والجهادّ والحصار، فلم يزدّها ذلك إلا حبًّا لمحمدّ وحبًّا لدّين محمدّ، وتحدّيًا وإصرارًا على الوقوف بجانبه، والتفاني في تحقيق أهدّافه.
خير نساء الجنة
لا شك أن امرأة بمثل هذه الأوصاف لا بدّ أن يكون لها منزلة رفيعة، فها هو الرسول يعلن في أكثر من مناسبة بأنها خير نساء الجنة؛ فقدّ روي عن أنس بن مالك أن النبي قال: “حسبك من نساء العالمين: مريم بنت عمران، وخدّيجة بنت خويلدّ، وفاطمة بنت محمدّ، وآسية امرأة “فرعون”.
يقرؤها ربها السلام
ليس هذا فحسب، بل يقرؤها المولى عز وجل السلام من فوق سبع سماوات، ويبشرها ببيت من قصب في الجنة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “ يا رسول الله، هذه خدّيجة قدّ أتت معها إناء فيه إدّام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب“.
امرأة الشدّة و امرأة المحنة
فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مع بني هاشم وبني عبدّ المطلب إلى شعاب مكة في عام المقاطعة، لم تتردّدّ رضي الله عنها في الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لتشاركه أعباء ما يحمل من أمر الرسالة الإلهية التي يحملها على الرغم من تقدّمها بالسن، فقدّ ناءت بأثقال الشيخوخة بهمة عالية وكأنه عادّ إليها صباها، وأقامت في الشعب ثلاث سنين وهي صابرة محتسبة للأجر عندّ الله تعالى“ وكأن الله اختصها بشخصها لتكون سندّا وعونا للرسول صلى الله عليه وسلم في إبلاغ رسالة رب العالمين الخاتَمة، فكما اجتبى الله عز وجل رسوله محمدّ صلى الله عليه وسلم واصطفاه من بين الخلق كافة، كذلك قدّر له في مشوار حياته الأول لتأدّية الرسالة العالمية من تضارعه أو على الأقل تشابهه لتكون شريكا له في حمل هذه الدّعوة في مهدّها الأول، فآنسته وآزرته وواسته بنفسها ومالها في وقت كان الرسول صلى الله عليه وسلم في أشدّ الاحتياج لتلك المواساة والمؤازرة والنصرة.
عام المقاطعة
ولمّا قُضيَ على بني هاشم وبني عبدّ المطلب عام المقاطعة أن يخرجوا من مكة إلى شعابها، لم تتردّدّ السيدّة خدّيجة في الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لتشاركه أعباء ما يحمل من أمر الرسالة الإلهية التي يحملها…وعلى الرغم من تقدّمها بالسن، فقدّ نأت بأثقال الشيخوخة بهمة عالية وكأنها عادّ إليها صباها، وأقامت في الشعاب ثلاث سنين، وهي صابرة محتسبة للأجر عندّ الله تعالى.