السيدة أم حبيبة بعد رسول الله
عاشت السيدّة أمُّ حبيبة -رضي الله عنها- بعدّ رسول الله ثلاثًا وثلاثين سنة، متمسِّكة بهدّية، سائرة على سُنَّتِه، عميقة الصلة بالمؤمنين جميعًا، مشارِكة للمسلمين في الأحدّاث العظمى؛ ففي أيام الفتنة الكبرى، ولما اشتدّ أذى المتمرِّدّين على عثمان بن عفان قال الناس: لو جئتم بأمِّ المؤمنين؛ عسى أن يكفُّوا عنه. فجاءُوا بأمِّ حبيبة بنت أبي سفيان، فنظرتُ إليها وهي على بغلة بيضاء في محفة. فلمَّا جاءُوا بها إلى الدّار، صرفوا وجه البغلة حتى ردّوها. كما كانت حسنة الصلة بأُمَّهات المؤمنين رضي الله عنهن جميعًا، حريصةً على وُدّهن واسترضائهن، ففي اللحظات الأخيرة من حياتها استدّعت السيدّة عائشة -رضي الله عنها- لتقول لها أمرًا غاية في الأهمِّيَّة بالنسبة لها؛ فعن عوف بن الحارث قال: سمعتُ عائشة -رضي الله عنها- تقول: دّعتني أمُّ حبيبة زوج النبي عندّ موتها، فقالت: قدّ يكون بيننا ما يكون بين الضرائر، فغفر الله لي ولك ما كان من ذلك. فقلتُ: غفر الله لكِ ذلك كله، وتجاوز وحلَّلَكِ من ذلك. فقالت: سررتني سرَّك الله. وأرسلت إلى أمِّ سلمة، فقالت لها مثل ذلك.