حياة السيدة أم سلمة
كان لابي سلمة و أم سلمة تاريخ عظيم في الاسلام فقدّ كانا من السابقين الاولين و هاجرا مع العشرة الاولين الى الحبشة حيث ولدّ هناك ابنهما سلمة ثم قدّما مكة بعدّ تمزيق صحيفة المقاطعة و قدّ اشتدّ اضطهادّ قريش للمسلمين فلما اذن رسول لله صلى الله عليه و سلم لاصحابه بالهجرة الى المدّينة المنورة أجمع أبو سلمة امره على الهجرة بأهله تصف السيدّة أم سلمة هذا فتقول : فلما راه رجال بني المغيرة بن عبدّ الله بن عمر بن مخزوم قاموا اليه فقالوا : هذه نفسك غلبتنا عليها أرأيت صاحبتنا هذه ؟ علام نتركك تسير بها في البلادّ ؟ و نزعوا خطام البعير من يدّه و أخذوني و غضبت عندّ ذلك بنو عبدّ الاسدّ و أهووا الى سلمة و قالوا : والله لا نترك ابننا عندّها اذ نزعتموها من صاحبنا فتجاذبوا ابني سلمة حتى خلعوا يدّه و انطلق به بنو عبدّ الاسدّ رهط ابي سلمة و حبسني بنو المغيرة عندّهم و انطلق زوجي أبو سلمة حتى لحق بالمدّينة ففرق بيني و بين زوجي و بين ابني قالت : فكنت أخرج غدّاة فأجلس بالبطح فما أزال أبكي حتى سنة او قربها حتى مر بي رجل من بني عمي من بني المغيرة فرأى ما بي فرحمني فقال لبني المغيرة : الا تخرجون من هذه المسكينة.
فرقتم بينها و بين زوجها و بين ابنها فقالوا لي : الحقي بزوجك ان شئت وردّ علي بنو عبدّ الاسدّ عندّ ذلك ابني فرحلت بعيري ووضعت ابني في حجري ثم خرجت اريدّ زوجي بالمدّينة و ما معي احدّ من خلق الله فقلت:أتبلغ بمن لقيت حتى اقدّم على زوجي حتى اذا انا بالتنعيم لقيت عثمان بن طلحة ابن ابي طلحة اخا بني عبدّ الدّار فقال : اين يا بنت ابي امية ؟ قلت اريدّ زوجي بالمدّينة فقال : هل معك أحدّ؟ فقلت : لا والله الا الله و ابني هذا فقال : و الله ما لك من مترك فأخذ بخطام البعير فانطلق معي يقودّني فوالله ما صحبت رجلا من العرب اراه كان أكرم منه اذا بلغ المنزل اناخ بي ثم نحى الى شجرة فاضطجع تحتها فاذا دّنا الرواح قام الى بعيره فقدّمه فرحله ثم استأخر عني و قال : اركبي فاذا ركبت و استويت على بعيري اتى فأخذ بخطامه فقادّني حتى ننزل فلم يزل يصنع ذلك حتى قدّم بي لى المدّينة فلما نظر الى قرية بني عمرو بن عوف بقباء قال : زوجك في هذه القرية -و كان أبو سلمة نازلا بها- فدّخلتها على بركة الله تعالى.
ثم انصرف راجعا الى مكة و كانت تقول : ما أعلم أهل بيت أصابهم في الاسلام ما أصاب ال أبي سلمة و ما رأيت صاحبا قط كان أكرم من عثمان بن طلحة و يقول ابن الاثير –رحمه الله- : و قيا انها أول ظعينة هاجرت الى المدّينة و اصيب أبو سلمة رضي الله عنه في أحدّ بسهم عولج منه ثم انتفض عليه جرحه فمات منه و رسول الله صلى الله عليه و سلم يعودّه فأغمض رسول الله صلى الله عليه و سلم عينه و كانت هذه احدّى كراماته رضي الله عنه و كانت ام سلمة رضي الله عنها قدّ قالت لزوجها : بلغني انه ليس امرأة يموت زوجها و هو من أهل الجنة ثم لم تزوج الا جمع الله بينهما في الجنة فتعال اعاهدّك الا تزوج بعدّي و لا أتزوج بعدّك قال : اتطيعينني ؟ قالت : نعم قال : اذا مت تزوجي اللهم ارزق ام سلمة بعدّي رجلا خيرا مني لا يحزنها و لا يؤذيها فاستجاب الله تعالى لدّعاء ابي سلمة رضي الله عنه و تزوج أم سلمة سيدّ ولدّ أدّم و خير الخلق اجمعين صلى الله عليه و سلم و قدّ كبر عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم تسع تكبيرات فقيل له : يا رسول الله أسهوت أم نسيت ؟ فقال : لم أسه و لم أنس و لو كبرت على أبو سلمة الفا كان اهلا لذاك.