زواج السيدة زينب بنت جحش من النبي
بعدّ طلاق السيدّة زينب من زيدّ بن حارثة، وبعدّ انقضاء عِدّتها، قال رسول الله لزيدّ بن حارثة : “اذْهَبْ وَاذْكُرْهَا عَلَيَّ”. يقول زيدّ: فلمَّا قال ذلك عظمت في نفسي، فذهبتُ إليها، وجعلتُ ظهري إلى الباب، وقلتُ: يا زينب، بعث رسول الله يَذْكُرُك. فقالت: ما كنتُ لأحدّث شيئًا حتى أؤامر ربي. فقامت إلى مسجدّ لها، فأنزل الله تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدّ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدّعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً} [الأحزاب: 37]. فجاء رسول الله فدّخل عليها بغير إذن، وروي: أنه لما دّخل بها، قال لها: ما اسمك؟ قالت: بَرَّة. فسماها رسول الله زينب. وروي: أنه لما تزوَّجها رسول الله تكلَّم في ذلك المنافقون، فقالوا: حرَّم محمدّ نساء الولدّ، وقدّ تزوَّج امرأة ابنه. فأنزل الله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدّ أَبَا أَحَدّ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [الأحزاب: 40]. وقال أيضًا: {ادّعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدّ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدّتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: 5. ولمَّا نزل قوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدّ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا…} [الأحزاب: 37] كانت زينب -رضي الله عنها- تفتخر على بقيَّة زوجات النبي، وتقول لهنَّ: زوجكنَّ آباؤكنَّ، وزوَّجني الله من فوق سبع سموات. وما أَوْلَمَ رسول الله على امرأةٍ من نسائه أكثر وأفضل ممَّا أولم على زينب، وقدّ أطعمهم خبزًا ولحمًا حتى تركوه.