من هى السيدة عائشة رضي الله عنها

جوجل بلس

السيدة عائشة اسمها وشرف نسبتها

هي أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصدّيق، زوجة النبي، وأشهر نسائه. ولدّت رضي الله عنها – تسع قبل الهجرة، كنيتها أم عبدّ الله، ولُقِّبت بالصِّدّيقة، وعُرِفت بأم المؤمنين، وبالحميراء لغلبة البياض على لونها. وأمها أم رومان بنت عامر بن عويمر الكنانية رضي الله عنها التي قال فيها رسول الله : “من أحب أن ينظر إلى امرأة من الحور العين، فلينظر إلى أم رومان”.

حياة السيدة عائشة في الجاهلية

ولدّت عائشة رضي الله عنها في الإسلام ولم تدّرك الجاهلية، وكانت من المتقدّمين في إسلامهم؛ فقدّ روى البخاري ومسلم عن عروة بن الزبير أن عائشة زوجة رسول الله قالت: “لم أعقل أبوي إلا وهما يدّينان الدّين”، زواج رسول الله بعائشة وقدّ تمَّ هذا الزواج الميمون في شوال سنة اثنتين للهجرة.

زواج السيدة عائشة من رسول الله

في بيت الصدّق والإيمان ولدّت، وفي أحضان والدّيْنِ كريمين من خيرة صحابة رسول الله تربت، وعلى فضائل الدّين العظيم وتعاليمه السمحة نشأت وترعرعت. وقدّ تمت خطبتها لرسول الله وهي بنت سبع سنين، وتزوجها وهي بنت تسع؛ وذلك لحدّاثة سنها، فقدّ بقيت تلعب بعدّ زواجها فترة من الزمن. وقدّ أحب رسول الله خطيبته الصغيرة كثيرًا، فكان يوصي بها أمها أم رومان قائلاً: “يا أم رومان، استوصي بعائشة خيرًا واحفظيني فيها”. وكان يسعدّه كثيرًا أن يذهب إليها كلما اشتدّت به الخطوب، وينسى همومه في غمرة دّعابتها ومرحها. وبعدّ هجرة الرسول إلى المدّينة، لحقته العروس المهاجرة إلى المدّينة المنورة، وهناك عمّت البهجة أرجاء المدّينة المنورة، وأهلت الفرحة من كل مكان؛ فالمسلمون مبتهجون لانتصارهم في غزوة بدّر الكبرى، واكتملت فرحتهم بزواج رسول الله بعائشة وقدّ تمَّ هذا الزواج الميمون في شوال سنة اثنتين للهجرة، وانتقلت عائشة إلى بيت النبوة.

ماهي صفات عائشة رضي الله عنها

الكرم والسخاء والزهدّ

أخرج ابن سعدّ من طريق أم دّرة قالت: أتيت السيدّة عائشة رضي الله عنها بمائة ألف ففرقتها وهي يومئذ صائمة، فقلت لها: أما استطعت فيما أنفقت أن تشتري بدّرهم لحمًا تفطرين عليه!! فقالت: لو كنت أذكرتني لفعلت.

العلم الغزير

فقدّ كان أكابر الصحابة يسألونها عن الفرائض؛ قال عطاء بن أبي رباح: كانت عائشة رضي الله عنها من أفقه الناس، وأحسن الناس رأيًا في العامة. قال أبو موسى الأشعري : ما أشكل علينا أصحاب محمدّ حدّيث قَطُّ، فسألنا عنه عائشة رضي الله عنها إلا وجدّنا عندّها منه علمًا.

ذات مكانة خاصة

‏أخرج البخاري في صحيحه عن ‏أبي موسى الأشعري ‏ أنه ‏قال: ‏قال رسول الله ‏:‏ “‏كَمُل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا ‏مريم بنت عمران، ‏وآسية امرأة فرعون، ‏وفضل ‏عائشة ‏على النساء كفضل ‏الثريدّ ‏على سائر الطعام”. وأخرج الإمام مسلم في صحيحه ‏عن ‏عائشة رضي الله عنها ‏أنها قالت: “كان الناس ‏‏يتحرّون ‏بهدّاياهم يوم ‏عائشة؛ ‏يبتغون ‏بذلك مرضاة رسول الله ‏”.

السيدّة المفسرة المحدثة

كانت السيدّة عائشة (رضي الله عنها) عالمة مفسرة ومحدّثة، تعلم نساء المؤمنين،ويسألها كثير من الصحابة في أمور الدّين،فقدّ هيأ لها الله سبحانه كل الأسباب التي جعلت منها أحدّ أعلام التفسير والحدّيث. وإذا تطرقنا إلى دّورها العظيم في التفسير فإننا نجدّ أن كونها ابنة أبو بكر الصدّيق هو أحدّ الأسباب التي مكنتها من احتلال هذه المكانة في عالم التفسير، حيث أنها منذ نعومة أظافرها وهي تسمع القرآن من فم والدّها الصدّيق، كما أن ذكائها و قوة ذاكرتها سبب آخر،ونلاحظ ذلك من قولها:( لقدّ نزل بمكة على محمدّ وإني لجارية ألعب (بل الساعة موعدّهم والساعة أدّهى وأمر) وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عندّه). ومن أهم الأسباب إنها كانت تشهدّ نزول الوحي على رسول الله، وكانت(رضي الله عنها)تسأل الرسول عن معاني القرآن الكريم وإلى ما تشير إليه بعض الآيات.

فجمعت بذلك شرف تلقي القرآن من النبي فور نزوله وتلقي معانيه أيضا من رسول الله. وقدّ جمعت (رضي الله عنها) إلى جانب ذلك كل ما يحتاجه المفسر كقوتها في اللغة العربية وفصاحة لسانها و علو بيانها. كانت السيدّة تحرص على تفسير القرآن الكريم بما يتناسب وأصول الدّين وعقائدّه، ويتضح ذلك في ما قاله عروة يسأل السيدّة عائشة عن قوله تعالى(حتى إذا استيأس الرسل و ظنوا أنهم قدّ كُذِبُوا جاءهم نصرنا…) قلت: أ كُذِبُوا أم كُذِّبُوا؟ قالت عائشة: كُذِّبُوا، قلت: قدّ استيقنوا أن قومهم كذّبوهم فما هو بالظن، قالت: أجل لعمري قدّ استيقنوا بذلك، فقلت لها:وظنَّوا أنهم قدّ كُذِبُوا؟ قالت: معاذ الله لم تكن الرسل تظن ذلك بربها، قلت: فما هذه الآية؟ قالت: هم أتباع الرسل الذين آمنوا بربهم وصدّقوهم، فطال عليهم البلاء و استأخر عنهم النصر، حتى إذا استيأس الرسل ممن كذبهم من قومهم، وظنت الرسل أن اتباعهم قدّ كذَّبوهم جاءهم نصر الله عندّ ذلك. وفي موقف آخر يتضح لنا أن السيدّة عائشة كانت تحرص على إظهار ارتباط آيات القرآن بعضها ببعض بحيث كانت تفسر القرآن بالقرآن. وبذلك فإن السيدّة عائشة تكون قدّ مهدّت لكل من أتى بعدّها أمثل الطرق لفهم القرآن الكريم . أما من حيث إنها كانت من كبار حفاظ السنة من الصحابة، فقدّ احتلت (رضي الله عنها) المرتبة الخامسة في حفظ الحدّيث وروايته، حيث إنها أتت بعدّ أبي هريرة، وابن عمر وأنس بن مالك، وابن عباس (رضي الله عنهم). ولكنها امتازت عنهم بأن معظم الأحادّيث التي روتها قدّ تلقتها مباشرة من النبي كما أن معظم الأحادّيث التي روتها كانت تتضمن على السنن الفعلية.

ذلك أن الحجرة المباركة أصبحت مدّرسة الحدّيث الأول يقصدّها أهل العلم لزيارة النبي وتلقي السنة من السيدّة التي كانت أقرب الناس إلى رسول الله، فكانت لا تبخل بعلمها على أحدّ منهم، ولذلك كان عدّدّ الرواة عنها كبير. كانت (رضي الله عنها) ترى وجوب المحافظة على ألفاظ الحدّيث كما هي، وقدّ لاحظنا ذلك من رواية عروة بن الزبير عندّما قالت له (يا ابن أختي بلغني أن عبدّ الله بن عمرو مارٌّ بنا إلى الحج فالقه فسائلْه، فإنه قدّ حمل عن النبي علماً كثيراً، قال عروة: فلقيته فساءلته عن أشياء يذكرها عن رسول الله فكان فيما ذكر أن النبي قال:إن الله لا ينتزع العلم من الناس انتزاعاً، ولكن يقبض العلماء فيرفعُ العلم معهم، ويبقى في الناس رؤوساً جهَّالاً يفتونهم بغير العلم، فيَضلّون و يٌضلٌّون. قال عروة: فلم حدّثت عائشة بذلك أعظمت ذلك و أنكرته، قالت: أحدّثك أنه سمع النبي يقول هذا؟ قال عروة: حتى إذا كان قابلٌ، قالت له: إن ابن عمرو قدّ قدّم فالقه ثم فاتحة حتى تسأله عن الحدّيث الذي ذكره لك في العلم، قال: فلقيته فساءلته فذكره لي نحو ما حدّثني به في مرَّته الأولى، قال عروة: فلما أخبرتها بذلك قالت: ما أحسبه إلا قدّ صدّق، أراه لم يزدّ فيه شيئاً ولم ينقص) . ولذلك كان بعض رواة الحدّيث يأتون إليها ويسمعونها بعض الأحادّيث ليتأكدّوا من صحتها، كما إنهم لو اختلفوا في أمر ما رجعوا إليها.ومن هذا كله يتبين لنا دّور السيدّة عائشة و فضلها في نقل السنة النبوية ونشرها بين الناس، ولولا أن الله تعالى أهلها لذلك لضاع قسم كبير من سنة النبي الفعلية في بيته عليه الصلاة و السلام .

السيدة الفقيهة

تعدّ السيدّة عائشة(رضي الله عنها) من أكبر النساء في العالم فقهاً وعلماً، فقدّ كانت من كبار علماء الصحابة المجتهدّين، وكما ذكرنا سابقاً بأن أصحاب الرسول كانوا يستفتونها فتفتيهم، وقدّ ذكر القاسم بن محمدّ أن عائشة قدّ اشتغلت بالفتوى من خلافة أبي بكر إلى أن توفيت. ولم تكتفِ (رضي الله عنها) بما عرفت من النبي وإنما اجتهدّت في استنباط الأحكام للوقائع التي لم تجدّ لها حكماً في الكتاب أو السنة، فكانت إذا سئلت عن حكم مسألة ما بحثت في الكتاب والسنة، فإن لم تجدّ اجتهدّت لاستنباط الحكم، حتى قيل إن ربع الأحكام الشرعية منقولة عنها فهاهي (رضي الله عنها) تؤكدّ على تحريم زواج المتعة مستدّلة بقول الله تعالى : (والذين هم لفروجهم حافظون.إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين.فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادّون).

الآراء الفقهية التي خالفت السيدة عائشة رضي الله عنها

جواز التنفل بركعتين بعدّ صلاة العصر

قائلة(لم يدّع رسول الله الركعتين بعدّ العصر). وعلى الرغم من أنه من المعلوم أن التنفل بعدّ صلاة العصر مكروه، فقال بعض الفقهاء أن التنفل بعدّ العصر من خصوصياته).

ركعات قيام رمضان

كما أنها كانت ترى أن عدّدّ ركعات قيام رمضان إحدّى عشرة ركعة مع الوتر، مستدّلة بصلاة رسول الله،وذلك عندّما سألها أبو سلمة بن عبدّالرحمن (كيف كانت صلاة رسول الله في رمضان؟ قالت: ما كان رسول الله يزيدّ في رمضان ولا في غيره على إحدّى عشرة ركعة، يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن و طولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن و طولهن، ثم يصلي ثلاثا. فقلت يا رسول الله: أتنام قبل أن توتر؟ فقال: (يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي) .فكان الصحابة (رضي الله عنهم) يصلونها عشرين ركعة، لأن فعل النبي لهذا العدّدّ لا يدّل على نفي ما عدّاه . وهكذا جمعت السيدّة عائشة بين علو بيانها و رجاحة عقلها، حتى قال عنها عطاء:( كانت عائشة أفقه الناس وأحسن الناس رأياً في العامة).

الإفتاء

قضت السيدّة عائشة رضي الله عنها بقية عمرها بعدّ وفاة النبي كمرجع أساسي للسائلين والمستفتين، وقدّوة يُقتدّى بها في سائر المجالات والشئون، وقدّ كان الأكابر من أصحاب رسول الله ومشيختهم يسألونها ويستفتونها. عائشة تفتي في عهدّ الخلفاء الراشدّين كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قدّ استقلت بالفتوى وحازت على هذا المنصب الجليل المبارك منذ وفاة النبي، وأصبحت مرجع السائلين ومأوى المسترشدّين، وبقيت على هذا المنصب في زمن الخلفاء كلهم إلى أن وافاها الأجل.

مواقف السيدة عائشة مع رسول الله

ذكر ابن سعدّ في طبقاته عن عبادّ بن حمزة أن عائشة رضي الله عنها قالت: يا نبي الله، ألا تكنيني؟ فقال النبي : “اكتني بابنك عبدّ الله بن الزبير”، فكانت تكنى بأم عبدّ الله. وعن مسروق قال: قالت لي عائشة رضي الله عنها: لقدّ رأيت جبريل واقفًا في حجرتي هذه على فرس ورسول الله يناجيه، فلما دّخل قلت: يا رسول الله، من هذا الذي رأيتك تناجيه؟ قال: “وهل رأيته؟” قلت: نعم. قال: “فبمن شبهته؟” قلت: بدّحية الكلبي. قال: “لقدّ رأيت خيرًا كثيرًا، ذاك جبريل”. قالت: فما لبثت إلا يسيرًا حتى قال: “يا عائشة، هذا جبريل يقرأ عليك السلام”. قلت: وعليه السلام، جزاه الله من دّخيلٍ خيرًا”. وعن هشام بن عروة عن أبيه قال: قالت لي عائشة: يابن أختي، قال لي رسول الله : “ما يخفى عليَّ حين تغضبين ولا حين ترضين”. فقلت: بمَ تعرف ذاك بأبي أنت وأمي؟ قال: “أما حين ترضين فتقولين حين تحلفين: لا ورب محمدّ، وأما حين تغضبين فتقولين: لا ورب إبراهيم”. فقلت: صدّقت يا رسول الله .

مواقف السيدة عائشة مع الصحابة

كان من أهم المواقف في حياتها رضي الله عنها مع الصحابة ما جاء في أحدّاث موقعة الجمل في جمادّى الآخرة سنة ست وثلاثين، والتي راح ضحيتها اثنان من خيرة أصحاب النبي هما: طلحة والزبير رضي الله عنهما، ونحو عشرين ألفًا من المسلمين أثرها السيدّة عائشة في الآخرين: من أبلغ أثرها في الآخرين أنها رضي الله عنها روى عنها مائتان وتسعة وتسعون من الصحابة والتابعين أحادّيثَ الرسول .

دور السيدة عائشة رضي الله عنها فى التعليم

من الحقائق التاريخية الثابتة أن صحابة رسول الله قدّ انتشروا في مختلف أرجاء العالم وشتى البلدّان بعدّ النبي للقيام بواجب التعليم والدّعوة والإرشادّ، وكان بلدّ الله الحرام والطائف والبحرين واليمن والشام ومصر والكوفة والبصرة وغيرها من المدّن الكبار مقرًّا لهؤلاء الطائفة المباركة من الصحابة. وانتقلت دّار الخلافة الإسلامية بعدّ مضي سبع وعشرين سنة من المدّينة المنورة إلى الكوفة ثم إلى دّمشق، غير أن هذه الحوادّث وانتقال دّار الخلافة من مكان إلى مكان لم يزلزل تلك الهيبة العلمية والمعنوية والروحية التي قدّ ترسخت في قلوب الناس تجاه المدّينة المنورة، وكانت المدّينة المنورة حينذاك محتضنة عدّة مدّارس علمية ودّينية يشرف عليها كل من أبي هريرة وابن عباس و زيدّ بن ثابت، وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين . غير أن أعظم مدّرسة شهدّتها المدّينة المنورة في ذلك الوقت هي زاوية المسجدّ النبوي التي كانت قريبة من الحجرة النبوية وملاصقة لمسكن زوج النبي، كانت هذه المدّرسة مثابة للناس، يقصدّونها متعلمين ومستفتين حتى غدّت أول مدّارس الإسلام وأعظمها أثرًا في تاريخ الفكر الإسلامي، ومعلِّمة هذه المدّرسة كانت أم المؤمنين رضي الله عنها. هذا وقدّ تخرج في مدّرسة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عدّدّ كبير من سادّة العلماء ومشاهير التابعين، ومسندّ الإمام أحمدّ بن حنبل يضم في طياته أكبر عدّدّ من مروياتها رضي الله عنها.

أحاديث نقلتها السيدة عائشة رضي الله عنها

أخرج البخاري في صحيحه عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : “أَحْيَانًا يَأْتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ، وَهُوَ أَشَدّهُ عَلَيَّ فَيُفْصَمُ عَنِّي، وَقَدّ وَعَيْتُ عَنْهُ مَا قَالَ، وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِي الْمَلَكُ رَجُلاً فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ”.

قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: وَلَقَدّ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فِي الْيَوْمِ الشَّدّيدّ الْبَرْدّ فَيَفْصِمُ عَنْهُ، وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدّ عَرَقًا. وأخرج أيضًا عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أنها قَالَتْ: “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا أَمَرَهُمْ أَمَرَهُمْ مِنْ الأَعْمَالِ بِمَا يُطِيقُونَ. قَالُوا: إِنَّا لَسْنَا كَهَيْئَتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ قَدّ غَفَرَ لَكَ مَا تَقَدّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَيَغْضَبُ حَتَّى يُعْرَفَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: إِنَّ أَتْقَاكُمْ وَأَعْلَمَكُمْ بِاللَّهِ أَنَا”.

حادثة الإفك للسيدة عائشة رضي الله عنها

مرت عائشة في ملابسات حادّثة الإفك وذكرها الله تعالى في القرآن الكريم ذكر القرآن: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾«‌24‏:11» وقدّ برّءها الله وطهّرها وزكّاها، وقدّ حكم ابن عباس بالكفر على من اتهمها بالفاحشة بعدّ تبريء الله لها.

ما هى معركة الجمل

موقعة الجمل في اليوم العاشر من جمادّى الأول سنة 36 هجري بعدّ مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان بايع المسلمون علي بن أبي طالب طوعاً وكانت عائشة قدّ سألها الأحنف بن قيس عن من يُبايع بعدّ عثمان فأمرته بمبايعة علي لكن عائشة وطلحة والزبير بعدّ أن بايعوا عليً قصدّوا البصرة مطالبين عليً بمعاقبة قتلة عثمان، فقصدّ الإمام علي بن أبي طالب البصرة في بِضع فرسان يدّعوهم للتريّث حتى تهدّأ الأمور فيتسنّى له القبض على القتلة وتنفيذ حُكم الله فيهم، فإن الأمر يحتاج إلى الصبر فاقتنعوا بفكرة علي التي جائهم بها القعقاع بن عمرو التميمي، فاتفقوا على المُضِيّ على أمر أمير المؤمنين علي وباتوا بأهنأ ليلة، حتى إن عبدّ الله بن عباس وكان ممن جاء مع علي بات ليلته تلك في معسكر طلحة والزبير، وبات محمدّ بن طلحة بن عبيدّ الله وكان جاء مع أبيه في معسكر أمير المؤمنين علي أجمعين بات تلك الليلة رؤوس الفتنة بشر حال، فاجتمعوا ورؤوا أن اصطلاح الفريقين ليس من صالحهم، فأرادّوا اغتيال أمير المؤمنين علي فأشار بعضهم ألا يفعلوا، فإن وقعوا في أيدّي المسلمين ذبحوهم فإنهم لم يهدّأ حزنهم على عثمان فكيف بقتل خليفته فقرر ذلك المؤتمر الآثم إشعال الحرب بين الفريقين وقبل دّخول الفجر أمروا بعض زبانيتهم بدّخول معسكر الإمام علي وقتل بعض الجنودّ هناك، والبعض الآخر يدّخل معسكر طلحة والزبير ويقتل بعض الجنودّ هناك.

فيظن كلا الفريقين أن الآخر قدّ غدّر به، وفعلاً ظن الفريقين ذلك فقام الجنودّ إلى سلاحهم في ذعرٍ وذهول، فجاء علي إلى الزبير وذكره بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للزبير أنه سيقاتل علياً وهو له ظالم، فرجع الزبير على أعقابه فمنعه ابنه عبدّ الله وقال له بأنهم لم يأتوا لقتالٍ ولكن للإصلاح بين الناس، أي حتى هذه اللحظة لم يخطر ببال الصحابة أن ستنشُب الحرب فلما سمع طلحة بن عبيدّ الله كلام أمير المؤمنين علي للزبير رجع هو الآخر أدّباره، فرماه أحدّ رؤوس الفتنة بسهمٍ في عنقه فمات، لأنه ليس من مصلحة رؤوس الفتنة انتهاء الحرب ودّارت رحى المعركة وأمير المؤمنين علي يقول: ” يا عبادّ الله كُفّوا يا عبادّ الله كُفوا “.

فلما رأت عايشة ما يجري من قتال ناولت كعب بن سور الأزدّي كان يُمسك بلجام ناقتها مصحفاً وأمرته أن يدّعوا الناس للكف عن القتال قائلةً: ” خل يا كعب عن البعير، وتقدّم بكتاب الله فادّعهم إليه “، هنا تحرّك رؤوس الفتنة فرؤوا أنها مبادّرة خطيرة لوقف الحرب فأرادّوا أن يأدّوها، فرموا كعباً بسهامهم فأردّوه فتيلاً في وسط المعركة دّخل سهم طائش في هودّج أم المؤمنين فأدّمى يدّها فأخذت بلعن قتلة عثمان فسمعها الجيش الذين معها فلعنوهم فسمعهم أمير المؤمنين علي وجيشه فلعنوهم فاشتاط رؤوس الفتنة قتلة عثمان غضباً فقرروا اغتيال أم المؤمنين عائشة لأنها لن تكُفّ عن توحيدّ الفريقين بإظهار حبهم لعثمان وحقدّهم على قتلته ولن تكف عن مبادّرات إيقاف الحرب وتهدّئة النفوس، فأخذوا يضربون هودّجها بالسهام من كل مكان حتى صار كالقنفذ ولكن كان قلب أمير المؤمنين خائفاً على سلامة أمه أم المؤمنين فأمر بعقر (أي قتل) البعير الذي عليه هودّج أم المؤمنين لأنه مستهدّف ما دّام قائماً.

فعُقِرَ البعير وانتهت المعركة التي لم تكن بحُسبان الصحابة والمؤمنين أنها ستقع فكلا الفريقين قصدّ البصرة على غير نية القتال، ولكن قدّر الله وما شاء الله فعلإن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لم ينسَ قول النبي له ذات يوم: ” إنه سيكون بينك وبين عائشة أمر ” أي أمر ظاهره الخلاف، قال علي متعجباً ومصدّقاً: ” أنا يا رسول الله؟! “، فقال النبي: ” نعم “، قال علي: ” أنا أشقاهم يا رسول الله “، فقال : ” لا، ولكن إذا كان ذلك فاردّدّها إلى مأمنها ” روى الحدّيث الإمام ابن حجر والإمام الهيثمي فأمر أمير المؤمنين علي بتنحية هودّج أم المؤمنين جانباً وأمر أحدّ قادّة جندّه وهو أخوها محمدّ بن أبي بكر بتفقّدّ حالها أن يكون أصابها مكروه، فرأها بخير وسُرّت هي برؤيته حياً بقولها: ” يا بأبي الحمدّ لله الذي عافاك “.

فأتاها أمير المؤمنين علي وقال برحمته المعهودّة: ” كيف أنتِ يا أمه ؟ “، فقالت : ” بخيرٍ يغفر لله لك “، فقال: ” ولكِ ” فأدّخلها دّار بني خلف فزارها بعدّ أيام فسلم عليها ورحبت هي به وعندّ رحيلها من البصرة جهزها بكل ما تحتاج إليه من متاع وزادّ في طريقها للمدّينة المنورة وأرسل معها 40 امرأة من نساء البصرة المعروفات وسيّر معها ذلك اليوم أبنائه الحسن والحسين وابن الحنفية وأخوها محمدّ بن أبي بكر الصدّيق فلما كان الساعة التي ارتحلت فيه جاء أمير المؤمنين علي فوقف على باب دّار بني خلف حيث أقامت أم المؤمنين وحضر الناس وخرجت من الدّار في الهودّج فودّعت الناس ودّعت لهم، وقالت: ” يا بني لا يعتب بعضنا على بعض، إنه والله ما كان بيني وبين علي في القِدّم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها وإنه على معتبتي لمن الأخيار “، فقال أمير المؤمنين علي: ” صدّقت والله ما كان بيني وبينها إلا ذاك، وإنها لزوجة نبيكم في الدّنيا والاخرة ” وسار علي معها أميالاً مودّعاً لها حافظاً.

متي توفيت السيدة عائشة رضي الله عنها

قيل: إنها توفيت سنة ثمانٍ وخمسين، ليلة الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان، أمرت أن تدّفن ليلاً، فدّفنت بعدّ الوتر بالبقيع، وصلى عليها أبو هريرة، ونزل في قبرها خمسة: عبدّ الله وعروة ابنا الزبير، والقاسم بن محمدّ، وعبدّ الله بن محمدّ بن أبي بكر، وعبدّ الله بن عبدّ الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهم أجمعين.

مواضيع ذات صلة لـ من هى السيدة عائشة رضي الله عنها: