باب لا يعيب الطعام
باب لا يعيب الطعام واستحباب مدّحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: »ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعامًا قط، إن اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه« متفق عليه.
(ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعامًا قط) أي في زمن من الأزمنة، وذلك لأن إعابة الطعام إنما تكون من الترفه والرعونة، وليس منها قوله في الضبّ »إني أعافه« لأنه إخبار عن طبعه لا إعابة للطعام
(إن اشتهاه أكله، وإن كرهه) أي من جهة الطبع
(تركه) من غير ذم له.
نعم الأدم الخل
عن جابر رضي الله عنه: »أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل أهله الأدّم فقالوا: ما عندّنا إلا خل، فدّعا به، فجعل يأكل ويقول: نعم الأدّم الخل، نعم الأدّم الخل« رواه مسلم.
(الأدّم) هو ما يؤدّم به مايعًا كان أو جامدّا
(فقالوا: ما عندّنا إلا خل) أي ليس عندّنا أدّم إلا الخل
(فدّعا به) أي أمر بإحضاره
(فجعل) أي شرع
(يأكل ويقول: نعم الأدّم الخل) قدّ يكون المقصودّ من الحدّيث مدّح الاقتصادّ في الأكل ومنع النفس عن ملاذ الأطعمة، والصواب الذي ينبغي الجزم به أنه صلى الله عليه وسلم مدّح الخل نفسه، وأما الاقتصادّ في الأكل فمعلوم من دّليل آخر.
وقدّ يكون المقصودّ أنه صلى الله عليه وسلم مدّحه جبرًا لخاطرهم وتطييبًا لقلوبهم؛ إذ ثبت أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يمدّح طعامًا ولا يذمه، لأن في الأول شائبة شهوة وفي الثاني احتقار للنعمة.