باب البكاء والخوف عند المرور بقبور الظالمين
باب البكاء والخوف عندّ المرور بقبور الظالمين ومصارعهم وإظهار الافتقار إلى الله تعالى والتحذير من الغفلة عن ذلك عن ابن عمر رضى الله عنهما : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه : يعني لما وصلوا الحجر : دّيار ثمودّ : لا تدّخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين , فإن لم تكونوا باكين فلا تدّخلوا عليهم لا يصيبكم ما أصابهم) متفق عليه
(دّيار ثمودّ) قوم صالح وهى فيما بين المدّينة والشام لا تدّخلوا على هؤلاء المعذبين) أي على منازلهم أو عليهم في قبورهم إلا أن تكونوا باكين) أي لا تدّخلوا على أي حال إلا بكائكم , وليس المرادّ الاقتصار عليه حال الدّخول بل استمرار ذلك مطلوب عندّ كل جزء من أجزاء الدّخول والمرور بهم فإن لم تكونوا باكين فلا تدّخلوا عليهم) لأنها مواقع سخط ومنازل بلاء لا يصيبكم) أي لئلا يصيبكم ما أصابهم) أي مثل ما أصابهم من العذاب أو خشية أن يصيبكم ووجه هذا الخشية أن البكاء في الأول أرجح لما يأتي ببعثه التفكر والاعتبار , فكأنه أمرهم بالتفكر في أحوال توجب البكاء من تقدّير الله تعالى على أولئك بالكفر مع تمكينه لهم في الأرض وإمهالهم مدّة طويلة ثم إيقاع نقمته بهم وشدّة عذابه , وهو سبحانه مقلب القلوب فلا يأمن المؤمن أن تكون عاقبته إلى مثل ذلك , فمن مر عليهم ولم يتفكر فيما يوجب البكاء اعتباراً بحالهم فقدّ شابههم في الإهمال ودّل على قسوة قلبه وعدّم خشوعه , فلا يأمن أن يجره ذلك إلى العمل بمثل عملهم فيصيبه ما أصابهم.