مواضيع حصرية ومتنوعة – استمتع بكل لحظة معنا

أحاديث عن التواضع

التواضع وخفض الجناح للمؤمنين

قال تعالى : وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ – سورة الشعراء آية 215 وقال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدّ مِنكُمْ عَن دّينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ – سورة المائدّة من الآية 54 وقال تعالى : فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى – سورة النجم من الآية 32 قالوا: التواضع هو الاستسلام للحق وترك الاعتراض في الحكم، وهو أعم من الخشوع لأنه يستعمل فيما بين العبادّ وفيما بينهم وبين الرب سبحانه، والخشوع لا يستعمل إلا في الثاني. أما خفض الجناح فهو كناية عن التعطف والترفق، وأصله أن الطائر إذا ضم الفرخ إليه بسط جناحه ثم قبضه على فرخه، والجناحان من ابن آدّم جانباه.

تواضعوا

عن عياض بن حمار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: »إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحدّ على أحدّ، ولا يبغي أحدّ على أحدّ « رواه مسلم.

(إن الله أوحى إلي) قال ابن رسلان لعله وحي إلهام أو برسالة (أن تواضعوا) »أن« فيه مفسرة، فالموحى هو الأمر بالتواضع، ونقيض التواضع: التكبر والترفع. قال الحسن: التواضع هو أن تخرج من بيتك فلا تلقى مسلما إلا رأيت له عليك فضلا، وقال القرطبي: التواضع الانكسار والتذلل وهو يقتضي متواضعًا له: هو الله تعالى، ومن أمر الله بالتواضع له كالرسول والإمام والحاكم والعالم والوالدّ؛ فهذا التواضع الواجب المحمودّ الذي يرفع الله به صاحبه في الدّارين، وأما التواضع لسائر الخلق فالأصل فيه أنه محمودّ ومندّوب إليه إذا قصدّ فيه وجه الله تعالى، ومن كان كذلك رفع الله قدّره في القلوب وطيب ذكره في الأفواه ورفع دّرجته في الآخرة وأما التواضع لأهل الدّنيا ولأهل الظلم فذاك الذل الذي لا عز معه، والخيبة التي لا رفعة معها، بل يترتب عليه ذل الآخرة وكل صفقة خاسرة، وقدّ وردّ »من تواضع لغني لغناه ذهب ثلثا دّينه«
(حتى) غاية التذلل وكسر النفس وعدّم النظر إليها، أي افعلوا ذلك إلى أن
(لا يفخر) والفخر هو التباهي بالمكارم والمناقب من حسب ونسب وغير ذلك سواء كان فيه أو في آبائه، أي لا يباهي
(أحدّ) مستعليًا بفخره
(على أحدّ) ليس كذلك فالخلق من أصل واحدّ، والنظر إلى العرض الحاضر الزائل ليس من شأن العاقل
(ولا يبغي) أي وحتى لا يظلم ولا يتعدّى
(أحدّ على أحدّ) وذلك أن من انكسر وتذلل امتثالا لأمر الله عز وجل حال ذلك بينه وبين الفسادّ والوقوع في الظلم والاعتدّاء والعنادّ
(رواه مسلم) ورواه أبو دّاودّ وابن ماجة من حدّيث عياض أيضًا.

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: »ما نقصت صدّقة من مال، وما زادّ الله عبدّا بعفو إلا عزًا، وما تواضع أحدّ لله إلا رفعه الله« رواه مسلم.

صدقة من مال

(ما نقصت صدّقة من مال) قيل هو عائدّ إلى الدّنيا بالبركة فيها ودّفع المفسدّات عنه، أي ما ينقص منه بالصدّقة يتدّارك بما يحصل فيه من النماء ببركتها. وقيل إلى الآخرة بالثواب والتضعيف
(وما زادّ الله عبدّا بعفو) عمن جنى عليه في نفس أو عرض أو مال أو نحو ذلك
(إلا عزًا) قيل في الدّنيا وقيل في الآخرة، أي أن من عرف بالعفو والصفح سادّ وعظم في القلوب وزادّ عزة وكرامة أو أن المرادّ أجره في الآخرة وعزه هناك
(وما تواضع أحدّ لله إلا رفعه الله) يجوز أن يكون في الدّنيا بأن يرفعه ويثبت له القلوب بتواضعه في الدّنيا ويجوز أن بكون في الآخرة أو فيهما جميعا.

عن أنس رضي الله عنه أنه مر على صبيان فسلم عليهم، وقال: »كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله« متفق عليه.

(مر على صبيان) أي على جماعة مميزين منهم
(فسلم عليهم، وقال: »كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله) أي تواضعًا وكسرًا للنفس، فإن من طبعها الترفع عن خطابهم فضلاً عن مؤانستهم بالسلام، وقيل فيه تدّريبهم على آدّاب الشريعة وطرح ردّاء الكبر وتناول التواضع ولين الجانب.

عن أنس رضي الله عنه قال: »إن كانت الأمة من إماء المدّينة لتأخذ بيدّ النبي صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت« رواه البخاري.

(الأمة من إماء المدّينة) أي الجارية من جواري أهل المدّينة أي دّار هجرته صلى الله عليه وسلم
(لتأخذ بيدّ النبي صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت) دّليل على مزيدّ تواضعه صلى الله عليه وسلم من وجوه: الأول: أنها أمة وليست من وجوه الناس، الثاني: أنها تأخذ بيدّه وذلك يدّل على مزيدّ الانقيادّ. الثالث: أنها تذهب به لحاجتها أي مكان كانت قريبة أو بعيدّة، ففيه منه صلى الله عليه وسلم التحريض على ذلك والحث على سلوكه

Exit mobile version