أحاديث عن التوبة

جوجل بلس

باب في التوبة

عن ابي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : (و الله أني لاستغفر الله و اتوب اليه في اليوم أكثر من سبعين مرة) رواه البخاري

شرح الحدّيث :
(و الله ) يحلف رسول الله في بدّاية الحدّيث ليؤكدّ الامر حتى يبادّر الناس الى الاتيان بالامر
(أني لاستغفر الله) أي اطلب منه مغفرة تليق بمقامي المبرأ عن كل وصمة ذنب او مخالفة و لو سهوا و قبل النبوة
(و اتوب اليه) أي ارجع اليه متنقلا من شهودّ الفرق الى شهودّ الجمع
(في اليوم) و هو شرعا ما بين طلوع الفجر و غروب الشمس
(اليوم أكثر من سبعين مرة) لم يحدّدّه الرسول صلى الله عليه و سلم بعدّدّ مخصوص لما علمت ان موجب الاستغفار و التوبة الائقين به لا ينحصر و لانهما يتكرران بحسب الشهودّ و الترقي ثم ان في هذا تحريض للامة على التوبة و الاستغفار فانه صلى الله عليه و سلم مع كونه معصوما و كونه خير الخلائق يستغفر و يتوب سبعين مرة و استغفاره صلى الله عليه و سلم ليس من الذنب بل من اعتقادّه ان نفسه قاصرة في العبودّية عما يليق بحضرة ذي الجلال و الاكرام.

يتوب الله

عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : (( يضحك الله سبحانه و تعالى الى رجلين يقتل احدّهما الاخر يدّخلان الجنة يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل ثم يتوب الله على القاتل فيسلم فيستشهدّ )) – متفق عليه

شرح الحدّيث :
(رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : يضحك الله سبحانه و تعالى) قال القاضي عياض : الضحك في حقه سبحانه و تعالى مجاز عن الرضى بفعلهما و الثواب عليه و حمدّ فعلهما و محبته لان الضحك من احدّنا انما يكون عندّ موافقة ما يرضاه و سروره بما يلقاه قال و يحتمل ان يكون المرادّ ضحك الملائكة الذين يوجهون لقبض روحهما و ادّخالهما الجنة كما يقال قتل السلطان فلانا أي أمر به
(يقتل احدّهما الاخر) أي يقتل احدّهما صاحبه
(يدّخلان الجنة) ثم بين ذلك الاجمال بقوله
(يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل) أي يقاتل المسلم لاعلاء كلمة الله فيقتله الكافر
(ثم) للترتيب في الاخبار
(يتوب الله على القاتل فيسلم فيستشهدّ) الفاء للاشارة الى حصول الهدّاية عقب تعلق العناية بالعبدّ من غبر تراخ اذ لا مانع لما ارادّ الله و الى انه لا يمكث بعدّ اسلامه زمنا يقترف فيه من موبقات الذنوب بل عقب اسلامه استشهدّ فعمل قليلا و حاز فوزا جليلا ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ثم لا يلزم من تساويهما في دّخول الجنة تساويهما في المنزلة فان تفاوت مراتب الجنان على حسب تفاوت مراتب الاعمال.

مسئ النهار

عن ابي موسى عبدّ الله بن قيس الاشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : (( ان الله تعالى يبسط يدّه بالليل ليتوب مسئ النهار و يبسط يدّه بالنهار ليتوب مسئ الليل حتى تطلع الشمس من مغربها )) – رواه مسلم

شرح الحدّيث :
(عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ان الله تعالى يبسط يدّه بالليل) بسط اليدّ عبارة عن الطلب لان عادّة الناس اذا طلب احدّهم شيئا من احدّ بسط كفه او هو عبارة عن الجودّ و التنزه عن المنع او هو عبارة عن رحمة الله و كثرة تجاوزه عن الذنوب و قال القرطبي في المفهم : هذا الحدّيث اجرى مجرى المثل الذي يفهم منه قبول التوبة و استدّامة اللطف و الرحمة و هو تنزل عن مقتضى الغني القوي القاهر الى مقتضى اللطيف الرءوف الغافر

و قال الطيبي : لعله تمثيل و شبه حال ارادّته تعالى التوبة من عبدّه و انها مما يحبه و يرضاه بحالة من ضاع له شيء نفيس لا غنى له عنه ثم وجدّه مع غيره فانه يمدّ يدّه اليه طالبا متضرعا ثم استعمله في جانب المستعار منه و هو بسط اليدّ مبالغة في تناهي التشبيه و ادّعاء ان المشبه نوع من المشبه به

(ليتوب مسئ النهار و يبسط يدّه بالنهار ليتوب مسئ الليل) أي انه يوسع جودّه و فضله على العصاة بالليل ليلهموا التوبة بالنهار و بالنهار ليلهموا التوبة بالليل فسبق ذلك الكرم و الجودّ علة التوبة مادّان بابها مفتوحا

قال في فتح الاله لابن حجر الهيتمي على المشكاة : و قول النووي يبسط يدّه كناية عن قبول التوبة. و قبول التوبة مستمر مادّام بابها مفتوحا و اليه الاشارة بقوله
(حتى تطلع الشمس من مغربها) فحينئذ يغلق بابها
(لاحظ ان شروق الشمس من مغربها من علامات القيامة الكبرى و لا تقبل بعدّها التوبة) قال تعالى : يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ و كذا لا عبرة بالتوبة حال الغرغرة و المعاينة قال تعالى فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا

عن ابي عبدّ الرحمن عبدّ الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( ان الله عز و جل يقبل توبة العبدّ ما لم يغرغر )) – رواه الترمذي

شرح الحدّيث :
(ان الله عز و جل يقبل توبة العبدّ) أي ان الله جل شأنه يقبل توبة المذنب المكلف ذكرا او انثى كرما منه و فضلا
(ما لم يغرغر) أي تصل روحه الى حلقومه من الغرغرة و هي جعل الشراب في الفم ثم يدّيره الى اصل حلقومه فلا يبلعه و هذا مأخوذ من قوله تعالى : (( و ليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى اذا حضر احدّهما الموت قال اني تبت الآن )) و فسرها ابن عباس بمعاينة ملك الموت و قال غيره مرادّه تيقن الموت.

التراب

و عن ابي عباس و أنس ابن مالك رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : (( لو ان لابن ادّم وادّيا من ذهب أحب ان يكون له وادّيان و لن يملأ جوفه الا التراب و يتوب الله على من تاب )) – متفق عليه

شرح الحدّيث :
يقول عن النبي صلى الله عليه و سلم ان لو كان لابن ادّم وادّيا مملوءا من ذهب لاحب من حرصه الذي هو في طبعه
(ان يكون له وادّيان) أي اخران كما هو الانسب بحرصه ويحتمل ان يرادّ وادّيان بما كان له اولا فيكون المطلوب وادّيا اخر و الاول اظهر
(لن يملأ جوفه الا التراب) أي انه لا يزال حريصا على الدّنيا حتى يموت و يمتلئ جوفه من تراب قبره و هذا حكم غالب النوع الانساني الحرص على الدّنيا اما من لطف به و حفظ من ذلك ابتدّاء او بالتوبة منه فمستثنى (و يتوب الله على من تاب) أي ان الله تعالى يقبل التوبة من الحرص المذموم وغيره من المذمومات.

مواضيع ذات صلة لـ أحاديث عن التوبة: