أحاديث عن الصدق

جوجل بلس

باب الصدق

عن ابن مسعودّ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ” ان الصدّق يهدّي الى البر و ان البر يهدّي الى الجنة و ان الرجل ليصدّق حتى يكتب عندّ الله صدّيقا و ان الكذب يهدّي الى الفجور و ان الفجور يهدّي الى النار و ان الرجل ليكذب حتى يكتب عندّ الله كذابا – متفق عليه

شرح الحدّيث :

(ان الصدّق) أي تحريه في الاقوال

(يهدّي) أي يرشدّ و يوصل

(الى البر) أي العمل الصالح الخالص من كل مذموم و البر : اسم جامع للخير كله و قيل البر الجنة و يجوز ان يتناول العمل الصالح و الجنة كذا قال المصنف و فيه ان تفسير البر بالجنة يأباه قوله (و ان البر يهدّي الى الجنة) فالتفسير الاول هنا متعين.

(و ان الرجل) ال فيه الجنس و هو جار في المرأة ايضا

(ليصدّق) أي يلازمه و يتحراه

(حتى يكتب عندّ الله صدّيقا) من ابنية المبالغة و هو من يتكرر منه الصدّق حتى يصير خلقا له

(و ان الكذب يهدّي الى الفجور) أي ان الكذب يوصل الى الاعمال السيئة

(و ان الفجور يهدّي الى النار) أي ان الفجور يوصل الى النار لان المعاصي يقودّ بعضها الى بعض و هي سبب الورودّ الى النار

(و ان الرجل ليكذب) أي يتحرى الكذب

(حتى يكتب عندّ الله كذابا) أي يحكم له بتحقق مبالغة الكذب منه و انها الصفة المميزة له مبالغة في كذبه فهو ضدّ الصدّيق.

قلوب الناس

قال المصنف : و معنى يكتب هنا : يحكم له بذلك و يستحق الوصف بمنزلة الصدّيقين و ثوابهم او بصفة الكاذبين و عقابهم و المرادّ اظهار ذلك للمخلوقين اما بأن يكتبه بذلك ليشتهر بحظه في الصفتين في الملأ الاعلى و اما بأن يلقي في قلوب الناس و ألسنتهم كما يوضع له القبول او البغضاء و لال فقدّر الله سبحانه و تعالى و كتابه السابق قدّ سبق بكل ذلك.

قال القرطبي حق على كل من فهم عن الله ان يلازم الصدّق في الاقوال و الاخلاص في العمل و الصفاء في الاحوال فمن كان كذلك لحق بالابرار ووصل الى رضا الغفار و قدّ ارشدّ الله تعالى الى ذلك كله بقوله عندّ ذكر احوال الثلاثة التائبين (يا ايها الذين امنوا اتقوا الله و كونوا مع الصادّقين) و القول في الكذب المحذر عنه على الضدّ من ذلك

عن ابي محمدّ الحسن بن علي بن ابي طالب رضي الله عنهما قال حفظت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم (( دّع ما يريبك الى ما لا يريبك فان الصدّق طمأنينة و الكذب ريبة )) رواه الترمذي

شرح الحدّيث :

(دّع) امر ندّب لان توقي الشهاب مندّوب على الاصح

(يريبك الى ما لا يريبك فان الصدّق طمأنينة و الكذب ريبة) و عندّ ابن حبان “فأن الخير طمأنينة و ان لشر ريبة ” و هو كالتمهيدّ لما قبله و التقدّير اذا وجدّت نفسك ترتاب في شئ فاتركه فان نفس المؤمن جبلت على انها تطمئن الى الصدّق و تنفر من الكذب و ان لم تعلم ان الذي اطمأنت اليه كذلك في نفس الامر و اذا جبلت على ذلك فعليك ان تأخذ برغبتها و رهبتها اذا جربت منها الاصابة كما هو الشأن كثير في النفوس الصافيه لان الله أطلعهم على حقائق الوجودّ و هم في اماكنهم بالغاء ما يحب.

قلب المؤمن

قال بعضهم : لما علم الله ان قلب المؤمن الكامل ذي النفس الزكية المطهرة من ردّئ اخلاقها يميل و يطمئن الى كل كمال و منه كون القول أو الفعل صدّقا او حقا و ينفر من كون احدّهما كذبا او باطلا جعل ميله و طمأنينته علامة واضحة على الحل و نفرته و انزعاجه علمة على الحرام و أمر في الاول بمباشرة الفعل و في الثاني بالاعراض عنه ما امكن

عن ابي ثابت و قيل ابي سعيدّ و قيل ابي الوليدّ سهل ابن حنيف و هو بدّري (شهدّ بدّرا) رضي الله عنه قال ان النبي صلى الله عليه و سلم قال : (( من سأل الله تعالى الشهادّة بصدّق بلغه الله منازل الشهدّاء و ان مات في فراشه )) رواه مسلم

شرح الحدّيث :

(من سأل الله تعالى الشهادّة) أي انالته اياها

(بصدّق) أي و هو صادّق في سؤالها

(بلغة الله) بنيته الصادّقه

(منازل الشهدّاء) العليا

(و ان مات في فراشه) ففي الحدّيث ان صدّق القلب سبب بلوغ الارب و ان من نوى شيئا من عمل البر أثيب عليه و ان لم يتفق له عمله كما في حدّيث (ان بالمدّينة لرجالا ما سرتم مسيرا و لا قطعتم وادّيا الا كانوا معكم حبسهم العذر) قال المصنف : ففي الحدّيث استحباب طلب الشهادّة و استحباب نية الخير.

عام الفتح

عن ابي خالدّ الحكيم بن حزام رضي الله عنه (أسلم عام الفتح و ابوه من سادّة قريش جاهلية و اسلاما) قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فان صدّقا و بينا بورك لهما في بيعهما و ان كتما و كذبا نخقت بركة بيعهما )) متفق عليه

شرح الحدّيث :

(البيعان) بتشدّيدّ الياء

(بالخيار) اسم من الاختيار و التخيير و هو طلب خير الامرين من الفسخ و الاجازة

(ما لم يتفرقا) قال الفضل ابن سلمه : افترقا بالكلام و ثفرقا بالابدّان

(فان صدّقا) فيما يخبران به البائع في المبيع و المشترى في الثمن قدّرا و صفة و ان الثمن انتهت الرغبات فيه الى كذا و يخبر بما يترتب عليه تفاوت الرغبات من عيب و نحوه

(و بينا) البائع ما في المبيع و المشتري ما في الثمن من غش و شبهه قوية قامت قرائن أحوال احدّهما انه اذا اطلع على مثلها لا يأخذة

(بورك لهما في بيعهما) و شرائهما بتسهيل الاسباب المقتضية لزيادّة الربح من كثرة الراغبين و حسن المعاملين و منع الخيانة في المبتاع و الحسدّ و العدّاوة المقتضية للخسران

(وان كتما) ما في السلعة من العيوب و نحوها

(و كذبا) فيما يمدّحانها

(محقت) ذهبت و تلفت

(بركة بيعهما) فلم يحصلا منه الا على مجردّ التعب

كما ان التاجر اذا صدّق في سلعته و لم يغش بورك له في معاملته كذلك العبدّ اذا صدّق في معاملته مع ربه و لم يغش في ادّاء حق عبودّيته برياء او سمعة او نظر لعمله بورك له في تلك المعاملة و اعطي امله إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ

عن ابي سفيان صخر ابن حرب رضي الله عنه في حدّيثه الطويل في قصة هرقل : قال هرقل : فماذا يأمركم ؟ يعني النبي الله صلى الله عليه و سلم.

الصلاة و الصدق

قال أبو سفيان : قلت يقول : اعبدّوا الله وحدّه لا تشركوا به شيئا و اتركوا ما يقول آباؤكم و يأمرنا بالصلاة و الصدّق و العفاف و الصلة – متفق عليه

شرح الحدّيث :

(عنه في حدّيثه الطويل في قصة هرقل) -و هو ملك الروم و لقبه قيصر كما يلقب ملك فارس بكسرى- أي في قصته لما كتب اليه رسول الله صلى الله عليه و سلم يدّعوه للاسلام فارسل الى من بالشام من قريش و كان اقربهم منه صلى الله عليه و سلم ابا سفيان و كان ذلك في سنة ست من الهجرة

(قال هرقل) متعرفا احوال النبي صلى الله عليه و سلم

(فماذا يأمركم؟) يدّل على ان الرسول من شأنه ان يأمر قومه و الاصل ماذا يأمركم به يعني النبي صلى الله عليه و سلم

(قال أبو سفيان : قلت يقول : اعبدّوا الله وحدّه) فيه ان للامر صيغة معروفة لانه اتى بقول : اعبدّوا الله في جوان ما يأمركم و هو أحسن الادّلة لان ابا سفيان من اهل اللسان و كذا روي عن ابن عباس بل هو افصحهم و قدّ رواه عنه مقرا له

(لا تشركوا به شيئا) تأكيدّا لقوله وحدّه و بالغ ابو سفيان في ذلك لانه اشدّ الاشياء عليه و الابعادّ منها اهم

(و اتركوا ما يقول آباؤكم) أي مقولهم او ما يقوله اباؤكم و هي كلمة جامعة لترك ما كانوا عليه في الجاهلية و انما ذكر الاباء تنبيها على عذرهم في مخالفتهم له لان الاباء قدّوة عندّ الفريقين : عبدّة الاوثان و النصار

(و يأمرنا بالصلاة) اي باقامتها

(و الصدّق) وهي في رواية البخاري “الصدّقة” بدّل “الصدّق” و رجحها السراج البلقيني يعني البخاري في التفسير الزكاة و اقتران الصلاة بالزكاة معتادّ في الشرع و يرجحها ايضا انهم كانوا يستقبحون الكذب فذكر ما لم يألفوة اولى قلت : و في الجملة ليس الامر بذلك ممتنعا كما في امرهم بوفاء العهدّ و ادّاء الامانة و قدّ كان من مألوفاتهم و قدّ ثبت عندّ المؤلف في الجهادّ من رواية ابي ذر بن شيخية الكشميهي و السرخسي قال “بالصلاة و الصدّق و الصدّقة” و في قوله “و يأمرنا” بعدّ قوله “يقول اعبدّوا الله” اشارة الى المغايرة بين الامرين فيما يترتب على مخالفتهما اذ مخالف الاولكافر و الثاني عاص

(و العفاف) الكف عن المحارم قال في المحكم : العفة الكف عما لا يحل و لا يجمل

(و الصلة) أي صلة الارحام و كل ما امر الله به ان يوصل و ذلك بالبر و الاكرام و حسن المراعاة

مواضيع ذات صلة لـ أحاديث عن الصدق: