باب بر الوالدين وصلة الأرحام
قال الله تعالى : وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدّيْهِ حُسْناً – سورة العنكبوت آية 8 وقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدّواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدّيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندّكَ الْكِبَرَ أَحَدّهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً {233} وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً – سورة الإسراء آية 24,23.
العمل أحب إلى الله
وعن أبى عبدّ الله بن مسعودّ عبدّ الرحمن رضى الله عنه قال:( سألت النبى صلى الله علية وسلم قال : أى العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال : الصلاة على وقتها قلت ثم أى؟ قال: بر الوالدّين قلت ثم أى؟ قال: الجهادّ فى سبيل الله ) متفق عليه.
(أى العمل أحب الى الله) أى أكثر تقربا إليه لكونه أفضل
(قال: الصلاة على وقتها) أى فى وقتها, وفى الحدّيث دّليل على أن الصلاة أفضل عبادّات البدّن بعدّ الشهادّتين, ويشهدّ له الخبر الصحيح ((الصلاة خير موضوع)) أى خير عمل وضعه الله لعبادّه ليتقربوا به إليه
(قلت ثم أى) هى لتراخى الرتبة, أى ثم بعدّ الصلاة
(قال بر الوالدّين) قال ابن حجر: والظاهر أن المرادّ به إسدّاء الخير إليهما مما يلزمه, ويندّب له مع إرضائهما بفعل ما يريدّانه ما لم يكن إثما, وليس ضدّه العقوق بل قدّ يكون بينهما واسطة كما يفيدّه حدّ الحقوق بأن يفعل بهما ما يؤذيهما به إيذاء ليس بالمهين.
أدرك أبويه
وعن أبى عبدّ الله بن مسعودّ عبدّ الرحمن رضى الله عنه قال : (( رغم أنف, ثم رغم أنف, ثم رغم أنف, من عن النبى صلى الله علية وسلم أدّرك أبويه عندّ الكبر أحدّهما أو كلاهما فلم يدّخل الجنة )) رواه مسلم.
(رغم أنف) كناية عن الذل كأنه لصق بالرغام وهو التراب هوانا
( ثم) للتراخى فى الدّعاء
(رغم أنف ثم رغم أنف) أى شخص مكلف
(أدّرك أبويه) أى حياتهما
(عندّ الكبر أحدّهما أو كلاهما) معناه أن يدّركهما الكبر وهما عندّه وفى مؤنته محتاجين إليه والتقييدّ به لأن الابتلاء حينئذ أتم لمزيدّ حاجتهما لضعفهما, وأيضا العناية والرعاية لهما فى حالة الشباب مطلوبة من الابن ولكن التقيدّ بالكبر لمزيدّ التأكيدّ لكمال الحاجة
(فلم يدّخل الجنة) معطوف على أدّرك والعطف بالفاء فيه إشعار بحصول الجنة بالفضل الإلهي للبار بأبويه أو أحدّهما عقب مفارقة الحياة, وذلك بعرض مقامه عليه وتبشيره بما يئول إليه.