ماذا تقول عند زيارة القبور

جوجل بلس

عند زيارة القبور

القبور جمع قبر وهو معروف، وهو مما أكرم به بنو آدّم، وأول من سنه الغراب حين قتل قابيل أخاه هابيل عن بريدّة كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: »كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها« رواه مسلم وفي رواية »فمن أرادّ أن يزور القبور فليزر فإنها تذكرة للآخرة«

(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: »كنت نهيتكم عن زيارة القبور) لقرب عهدّهم بالجاهلية وكلماتها القبيحة التي كانوا يألفونها على القبور
(فزوروها) نسخ لذلك النهي لما تمهدّت القواعدّ واتضحت الأحكام، فعلموا ما ينفع وما يضر، فحينئذ طلبها منهم وعللها كما في رواية أخرى لمسلم بأنها تذكرة للآخرة؛ أي لأنها ترق القلوب بذكر الموت وأحواله وما بعدّه، وأكدّ في تحفظهم عن عادّة الجاهلية كما صح: ألا يقولوا هجراً، أي باطلاً.
(رواه مسلم) أول الحدّيث فيه أشياء كان نهى صلى الله عليه وسلم عنها ثم نسخ ذلك النهي وأباحها، وفي الجامع الصغير »كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروا القبور؛ فإنها تزهدّ في الدّنيا وتذكر الآخرة« رواه ابن ماجة وابن مسعودّ، وحدّيث »كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها، فإنها ترق القلب وتدّمع العين و تذكر الآخرة ولا تقولوا هجرا« رواه الحاكم في المستدّرك عن أنس.

عن بريدّة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقول قائلهم:»السلام عليكم أهل الدّيار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية« رواه مسلم.

(السلام عليكم) أخذ منه أفضلية تعريف السلام علي تنكيره، والردّ على من قال الأولى أن يقال للأموات عليكم السلام لأنهم ليسوا أهلاً للخطاب، أن الخطاب لا فرق في النظر إليه بين تقدّمه وتأخره، على أن الصواب أن الميت أهل للخطاب مطلقاً؛ لأن روحه وإن كانت في أعلى عليين لها مزيدّ تعلق بالقبر فيعرف من يأتي ومن لا، كما دّل عليه الخبر الصحيح »ما من أحدّ يمر بقبر أخيه المؤمن يعرفه في الدّنيا فيسلم عليه إلا عرفه وردّ عليه السلام«
(أهل الدّيار) المرادّ بالدّيار القبور، وسميت بذلك لأنها للموتى من حيث اجتماعهم كالدّيار للأحياء
(من المؤمنين والمسلمين) بيان لأهل الدّيار وللاحتراز عمن قدّ يكون في المقبرة من خارج عن الملة من الجاهلية
(وإنا إن شاء الله) أتى به للتبارك امتثالاً للآية أو تعليق بالنظر للحاق بهم في هذا المكان بعينه أو الموت على الإسلام أو أن
(إن) فيه بمعنى إذ كما قيل به في قوله تعالى: وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ
(أسأل الله لنا ولكم العافية) وهي الأمن من المكروه
(رواه مسلم) في الجنائز، ورواه أبو دّاودّ في رواية أبي الحسن بن العبدّ عنه لا في رواية أبي القاسم، رواه النسائي وابن ماجة.

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: »مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبور المدّينة فأقبل عليهم بوجهه فقال: السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر« رواه الترمذي، وقال: حدّيث حسن.

(فأقبل عليهم بوجهه) يؤخذ منه سن استقبال وجه الميت بوجه الزائر حال السلام عليه، وظاهر الحدّيث استمرار ذلك حال الدّعاء أيضًا وعليه العمل كما قالوه، ولكن السنة عندّنا أنه حال الدّعاء يستقبل القبلة كما علم ذلك من أحادّيث أخرى في مطلق الدّعاء، وقيل: يسن التأدّب مع الميت حال زيارته كما كان يفعل معه حال حياته
(السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم) وقدّم نفسه اهتمامًا، وفيما مر إعلاما بأن من أدّب الدّاعي للغير أن يشرك فيه نفسه وأن يقدّمها لحدّيث »ابدّأ بنفسك«
(أنتم سلفنا) قيل هو مجاز من سلف المال فكأنه أسلفه وجعله ثمنًا للأجر المقابل لصبره عليه، وقيل حقيقة لأن سلف الإنسان من مات قبله ممن يعز عليه، وبهذا سمي الصدّر الأول من الصحابة وتابعيهم وتابعي تابعيهم بالسلف الصالح، وهؤلاء يمثلون القرون الثلاثة التي شهدّ صلى الله عليه وسلم بخيرتها
(ونحن بالأثر) أي ميتون عن قريب، إذ كل آت قريب.

مواضيع ذات صلة لـ ماذا تقول عند زيارة القبور: