روبرت فويت، الطيار المبرمج
تعود بدايات دخول الكابتن طيار روبرت فويت في عالم إنتاج برمجيات الحاسوب إلى عام 1990 حينما كان عمره وقتها 30 سنة، ويعمل كطيار تجاري على طائرات نقل الركاب على خطوط شركة نورث ويست الأمريكية . استغل روبرت فترات راحته في متابعة هوايته الأولى: التصوير الرقمي. رغم أن عمل روبرت كان الطيران، لكن عشقه الأول كان علوم الحاسوب، وهو أحب تجربة البرامج التي كان تتيح له تعديل الصور الرقمية وطبع هذه الصور من خلال حاسوبه الخاص.
بفكرة بسيطة وبداية متواضعة، صمم روبرت برنامجًا بسيطاً حوى مجموعة من وظائف تحرير الصور رقمياً، وطرحه للتنزيل الإلكتروني بنظام المشاركة والتجربة في حقبة ما قبل شبكة إنترنت والتي سادتها النشرات الإلكترونية BBS ،وهو دعا المستخدمين لتجربة البرنامج الذي سماه محل التلوين أو Shop Paint وعرض آرائهم ومقترحاتهم فيه عليه. [بداية البرنامج الشهير فوتو شوب كانت في عام 1989 – أي قبل بداية روبرت بعام واحد ].
كم كانت تكاليف بداية روبرت؟ فقط الورق والأظرف والطوابع، التي استخدمها لطباعة شيفرات Codes تسجيل برنامجه للمستخدمين الذين قرروا شراء البرنامج. عبر هذه الشيفرات، يتمكن المستخدمون من تعطيل رسالة في البرنامج كانت تذكرهم بضرورة شرائه.
رغم إشهار روبرت لشركته “برمجيات جاسيك” (اختصاراً لجملة: Company Software And Jets والتي عنت شركة الطائرات والبرمجيات) في عام 1991 في مدينة مينيتونكا في ولاية مينوسوتا الأمريكية، إلا إنه استمر في العمل كطيار تجاري لمدة أربع سنوات بعدها، وهو يقول عن هذه الفترة “: كنت اذهب لأطير، ثم أعود إلى بيتي لأجد قائمة من طلبات التسجيل، لأقوم بالعمل على تلبيتها والرد عليها. ” في أبريل من عام 1992 ،وظف روبرت مساعداً له يتولى الرد على الاتصالات الهاتفية، ومتابعة طلبات العملاء، ما أعطى روبرت فسحة أكبر من الوقت ليقضيها في البرمجة.
الإقبال على استخدام شبكة إنترنت وذيوع شهرتها كان ذا معنى واحد لنشاط روبرت: المزيد والكثير من الطلبات الإضافية. اعتمادًا على مقترحات وآراء مستخدمي البرنامج، خرج روبرت بنسخة أحدث من برنامجه سماها برو (النسخة الاحترافية) واستمر في بيعها تحت مبدأ المشاركة والتجربة. يؤكد روبرت أنه لولا انترنت التي ساعدته بقوة على تسويق وتوزيع برنامجه، لاحتاج منه الأمر للحصول على مبلغ مكون من ستة أرقام كي يتبع إستراتيجية تسويقية تحقق له ما حققته ثورة الإنترنت.
على أن روبرت قرر في عام 1997 أنه بلغ مرحلة توجب عليه توزيع كتالوجات لبرامجه على محلات بيع البرامج، لتعمل كطريقة توزيع موازية للتوزيع عبر شبكة إنترنت. عندها كان بينت شوب برو قد ثبت أقدامه ورسخها، إذ بلغ عدد المستخدمين المسجلين 80 ألفاً، وعدد الموظفين العاملين 40 موظفاً، وتجاوزت عائدات الشركة السنوية 6 ملايين ونصف دولار، كما حصد البرنامج التشجيع والمديح والشكر والعرفان من الصحافة ومواقع إنترنت المختصة.
رحب الموزعون وشركات بيع البرامج بهذا القرار، ولذا لا عجب في أن يأتي ترتيب الشركة في عام 1998 عند المرتبة 161 في قائمة أسرع 500 شركة أمريكية نمواً، كما استمرت مبيعات الشركة في الازدياد حتى بلغت في نهاية هذا العام قرابة 17 مليون دولار أمريكي . في فبراير من عام 1998 ، قرر روبرت فويت التنحي عن منصب مدير الشركة مفسحًا المجال لخليفته كريس تفتو والذي حول الشركة من مبتدئة إلى محترفة، ومن شركة قائمة على فكرة بسيطة إلى شركة تنافس عمالقة الشركات مثل أدوبي وكوريل.
علم روبرت أيضًا في قرارة نفسه أن الشركة في حاجة لما هو أكثر من ذلك لكي تنافس بشكل أفضل في السوق، ولذا في عام 2004 أتم بيع الشركة بالكامل إلى شركة كوريل (المصممة والمنتجة لبرامج مثل كوريل درو وبينت والمطورة الحالية لحزمة برفكت أوفيس وغيرها الكثير، وهي كانت بدورها قد تم بيعها في العام الذي قبله إلى مجموعة استثمارية ضخمة).
في خلال عشرة سنوات، تحولت فكرة بسيطة إلى شركة كبيرة تحقق عوائد تفوق 30 مليون دولار، وهي اعتمدت على مقترحات المستخدمين وآرائهم للتطوير وتقديم كل ما هو جديد. اليوم تباع النسخة الكاملة من البرنامج بسعر 99 دولار للنسخة الإلكترونية، و109 دولار للنسخة الفعلية (قرص مدمج مع دليل استخدام في صندوق كرتوني) وأما سعر الترقية من إصدارة سابقة فهو قرابة 49 دولار.
إذا لم تبـدو الفكـرة سـخيفة لأول وهلة، فاحتمالات نجاحها ضعيفة آينشتين.