محتويات المقال
الإيمان بالبعث يعد من مسائل العقيدة الهامة، وهو من أركان الإيمان التي لا يصح إيمان المسلم إلا بها وقد أهتم القرآن الكريم بالبعث إهتماماً عظيماً وأقام الأدلة على إثباته وإذا أردنا إقامة الدليل على البعث فإننا لا نجد قولاً أبلغ ولا بياناً أوضح ولا حجة أقوى من أسلوب القرآن الكريم في إثبات البعث.
هو إعادة الإنسان روحاً وجسداً كما كان في الدنيا، ولا يستطيع الإنسان معرفة هذه النشأة الأخرى لآنها تختلف تمام الإختلاف عن النشأة الأولى للإنسان.
الاستدلالات على أسلوب مخاطبة القرآن للعقل
دعا القرآن إلى إطلاق العقول من أسرها ودفعها للتأمل في ملكوت السموات والأرض واستعمالها في مختلف شؤون الحياة.
قال تعالى: ﴿ أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ﴾
وهو استدلال من الوضوح والجلاء، بحيث لا يحتاج إلى مزيد من التفكير وذلك لأن المنكرين يقرون بالبدء أو الخلق الأول، ويعترفون به لأنه أمر محسوس ومشاهد، فلا يستطيعون إنكار أننا كنا أمواتاً ثم أحيانا الله وأوجدنا بعد عدم.
يقول تعالى: ﴿ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾
قال تعالى: “يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة… الآية.
وقال: ” وترى الأرض هامدة … الآية من سورة الحج, فما العلاقة بين خلق الإنسان واهتزاز الأرض وإنباتها من كل زوج بهيج؟
حيث أكد الله – سبحانه – الأمر بحجة قاهرة، وبرهان ظاهر، يتضمن جواباً عن سؤال ملحد آخر يقول: العظام إذا صارت رميماً عادت طبيعتها باردة يابسة، والحياة لا بد أن تكون مادتها وحاملها طبيعته حارة رطبة.
بما يدل على أمر البعث، ففيه الدليل والجواب معاً فقال: ﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ ﴾
حيث يؤكد الله سبحانه على إحياء العظام، وهي رميم بأخذ الدلالة من الشيء الأجل الأعظم على الأيسر الأصغر، فإن كل عاقل يعلم أن من قدر على العظيم الجليل، فهو على ما دونه بكثير أقدر وأقدر.
جاء في شرح العقيدة الطحاوية أنه: “لما كان الخلق يستلزم قدرة الخالق على مخلوقه، وعلمه بتفاصيل خلقه، أتبع ذلك بقوله: ﴿ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ﴾.
فهو عليم بتفاصيل الخلق الأول وجزئياته، ومواده وصورته، فكذلك الثاني، فإذا كان تام العلم، كامل القدرة، كيف يتعذر عليه أن يحيي العظام وهي رميم؟
استدل سبحانه على البعث بخلق الإنسان، وأنه لم يخلق عبثاً فقال تعالى: ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ ﴾
وذلك بأنه كثيراً ما يموت الظالمون دون أن يقتص منهم، ويموت المظلومون دون أن يقتص لهم، ويأخذوا حقهم فليس من الحكمة ولا من لوازم العدالة أن لا يكون هناك جزاء للإنسان من إثابة المطيع على طاعته والمحسن على إحسانه.
وعقاب العاصي على معصيته، والمسيء على إساءته، حتى لا يستوي المحسن والمسيء، وإذا لم يتحقق هذا في الدنيا فلا بد أن يتحقق في الآخرة.
j.b