متهمون نحن بالأرهاب نزار قباني

جوجل بلس

متهمون نحن بالأرهاب نزار قباني

 

إن نحن دافعنا عن بكل جرأة
عن شعر بلقيس …

وعن شفاة ميسون …
وعن هند … وعن دعد …

وعن لبنى … وعن رباب …
عن مطر الكحل الذي

ينزل كالوحي من الأهداب !!
لن تجدوا في حوزتي

قصيدة سرية …
أو لغة سرية …

أو كتبا سرية أسجنها في داخل
الأبواب

وليس عندي أبدا قصيدة واحدة
تسير في الشارع وهي ترتدي

الحجاب

متهمون نحن بالإرهاب
أذا كتبنا عن بقايا وطن …

مخلع … مفكك مهترئ
أشلاؤه تناثرت أشلاء …

عن وطن يبحث عن عنوانه …
وأمة ليس لها سماء !!

عن وطن .. لم يبق من أشعاره

العظيمة الأولى …
سوى قصائد الخنساء !!

عن وطن لم يبق في آفاقه

حرية حمراء .. أو زرقاء … أو
صفراء …

عن وطن … يمنعنا ان نشتري

الجريدة
أو نسمع الأنباء …

عن وطن … كل العصافير به
ممنوعة دوما من الغناء …

عن وطن …
كتابه تعودوا أن يكتبوا

من شدة الرعب …
على الهواء !!

عن وطن يشبه حال الشعر في

بلادنا
فهو كلام سائب …

مرتجل …
مستورد…

وأعجمي الوجه واللسان …
فما له بداية …

ولا له نهاية …
ولا له علاقة بالناس … أو

بالأرض …
أو بمأزق الإنسان !!

عن وطن …

يمشي إلى مفاوضات السلم
دونما كرامة …

ودونما حذاء !!

عن وطن رجاله بالوا على
أنفسهم خوفا …

ولم يبق سوى النساء !!

الملح … في عيوننا …
والملح في شفاهنا..

والملح … في كلامنا
فهل يكون القحط في نفوسنا

إرثا أتانا من بني قحطان ؟؟
لم يبق في أمتنا معاوية …

ولا أبو سفيان …
لم يبق من يقول (لا) …

في وجه من تنازلوا
عن بيتنا .. وخبزنا .. وزيتنا …

وحولوا تاريخنا الزاهي…
إلى دكان !!

لم يبق في حياتنا قصيدة …

ما فقدت عفافها …
في مضجع السلطان…

لقد تعودنا على هواننا ..

ماذا من الإنسان يبقى …
حين يعتاد الهوان؟؟

عن أسامة بن منقذ …

وعقبة بن نافع …
عن عمر … عن حمزة …

عن خالد يزحف نحو الشام …
ابحث عن معتصم بالله …

حتى ينقذ النساء من وحشية
السبي …

ومن ألسنة النيران !!
ابحث عن رجال آخر

الزمان…
فلا أرى في الليل إلا قططا

مذعورة …
تخشى علي أرواحها …

من سلطة الفئران !!

هل العمي القومي …قد أصابنا
وهو أبكم ؟

أم نحن نشكو من عمى الألوان

متهمون نحن بالإرهاب …
أذا رفضنا موتنا …

بجرافات إسرائيل …
تنكش في ترابنا …

تنكش في تاريخنا …
تنكش في إنجيلنا …

تنكش في قرآننا …
تنكش في تراب أنبيائنا …

إن كان هذا ذنبنا
ما أجمل الإرهاب ….

متهمون نحن بالإرهاب …

إذا رفضنا محونا ….
على يد المغول … واليهود

… والبرابرة …
إذا رمينا حجرا …

على زجاج مجلس الأمن الذي
استولى عليه القياصرة !!

متهمون نحن بالإرهاب …

إذارفضنا أن نفاوض الذئب
وأن نمد كفنا لعاهرة !!

أمريكا …

ضد ثقافات البشر…
وهي بلا ثقافة …

ضد حضارات الحضر
وهي بلا حضارة

أمريكا …
بناية عملاقة

ليس لها حيطان !!

متهمون نحن بالإرهاب …
إذا رفضنا زمنا

صارت به أمريكا
المغرورة … الغنية … القوية

مترجما محلفا …
للغة العبرية !!

متهمون نحن بالإرهاب …

إذا رمينا وردة …
للقدس …

للخليل …
أو لغزة …

والناصرة …
إذا حملنا الخبز والماء …

إلى طروادة المحاصرة …

متهمون نحن بالإرهاب …
إذا رفعنا صوتنا

ضد كل الشعوبيين من قادتنا …
وكل من قد غيروا سروجهم …

وانتقلوا من وحدويين …
إلى سماسرة !!

إذا اقترفنا مهنة الثقافة …

إذا تمردنا على أوامر
الخليفة

العظيم .. والخلافة …
إذا قرأنا كتبا في الفقه

… والسياسة …
إذا ذكرنا ربنا تعالى…

إذا تلونا (سورة الفتح) ..
وأصغينا إلى خطبة يوم الجمعة

فنحن ضالعون في الإرهاب !!
متهمون نحن بالإرهاب …

إن نحن دافعنا عن الأرض
وعن كرامة التراب

إذا تمردنا على اغتصاب الشعب
واغتصابنا …

إذاحمينا آخر النخيل في
صحرائنا …

وآخر النجوم في سمائنا …
وآخرالحروف في أسمائنا …

وآخر الحليب في أثداء أمهاتنا
إن كان هذا ذنبنا …

ما أروع الإرهاب !!

أنا مع الإرهاب …
إن كان يستطيع أن ينقذني

من المهاجرين من روسيا …
ورومانيا، وهنقاريا، وبولونيا …

وحطوا في فلسطين على أكتافنا
ليسرقوا … مآذن القدس …

وباب المسجد الأقصى …
ويسرقوا النقوش …

والقباب …

أنا مع الإرهاب …
إن كان يستطيع أن يحرر

المسيح …
ومريم العذراء …

والمدينة المقدسة …
من سفراء الموت والخراب !!

بالأمس …

كان الشارع القومي في بلادنا
يصهل كالحصان …

وكانت الساحات أنهارا
تفيض عنفوان …

وبعد أوسلو …
لم يعد في فمنا أسنان …

فهل تحولنا إلى شعب
من العميان .. والخرسان ؟؟

متهمون نحن بالإرهاب …

إن نحن دافعنا بكل قوة
عن إرثنا الشعري

عن حائطنا القومي ..
عن حضارة الوردة ..

عن ثقافة النايات .. في جبالنا
وعن مرايا الأعين السوداء

متهمون نحن بالإرهاب …

إن نحن دافعنا بما نكتبه …
عن زرقة البحر …

وعن رائحة الحبر
وعن حرية الحرف …

وعن قدسية الكتاب !!

أنا مع الإرهاب …
إن كان يستطيع أن يحرر الشعب

من الطغاة .. والطغيان …
وينقذ الإنسان من وحشية الإنسان

ويرجع الليمون والزيتون
والحسون

للجنوب من لبنان …
ويرجع البسمة للجولان ….

أنا مع الإرهاب …

إن كان يستطيع أن ينقذني
من قيصر اليهود …

أو من قيصر الرومان !!

أنا مع الإرهاب …
ما دام هذا العالم الجديد …

مقتسما
ما بين امريكا .. وإسرائيل

بالمناصفة !!

أنا مع الإرهاب …
بكل ما أملك من شعر

ومن نثر …
وممن أنياب …

ما دام هذا العالم الجديد …
بين يدي قصاب !!(جزار)

أنا مع الإرهاب

ما دام هذا العالم الجديد
قد صنفنا

من فئة الذباب !!

أنا مع الإرهاب …
إن كان مجلس الشيوخ في

أمريكا ..
هو الذي في يده الحساب

وهو الذي يقرر الثواب …
والعقاب !!

أنا مع الإرهاب …

ما دام هذا العالم الجديد …
يكره في أعماقه

رائحة الأعراب !!

انا مع الإرهاب …
ما دام هذا العالم الجديد …

يريد أن يذبح أطفالي …
ويرميهم إلى الكلاب !!

من أجل هذا كله …

أرفع صوتي عاليا :
أنا مع الإرهاب !!

أنا مع الإرهاب !!
أنا مع الإرهاب !!…

مواضيع ذات صلة لـ متهمون نحن بالأرهاب نزار قباني: