مواضيعتعليممفاهيم عامةموقف الإباضِيَّة من الصحابة

موقف الإباضِيَّة من الصحابة

بواسطة : admin | آخر تحديث : 15 مارس، 2021 | المشاهدات: 269

موقف الإباضِيَّة من الصحابة

يرى الإباضية أنَّ لِصحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مكانة سامية، وفضلًا كبيرًا على الأمة، فهم أفضل القرون بعده بما نالوه من شرف صحبته، والجهاد معه والمشاركة في تبليغ الدعوة.
فالصحابة – رضوان اللَّه عليهم – في حكم الاصطفاء والولاية ويشملهم حب المؤمنين لهم في الله تعالى بالنظر إلى عمومهم، أما أفرادهم فيرجع أمر ذلك إلى ما يصدر عنهم من استقامة أو ضدها ولا عصمة إلا للأنبياء، ولذا فقد أقام النبي صلى الله وسلم على بعضهم الحدود وارتد بعضهم عن الإسلام.
والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان يتولَّى من يتولاه منهم بحكم الظاهر عندما تظهر له منهم الاستقامة والبر إلا إن أوحي إليه في أحد بعينه أنَّه مرضي عند الله، فيتولاه بموجب ذلك ولاية الحقيقة بحيث يقطع بسعادته.
وحب الصحابة – رضوان اللَّه عليهم – إنما هو حب إيمان وبصيرة مضبوط بضوابط الشرع الشريف، يقول شاعر العرب العلَّامَة أبو مسلم البهلاني:
وهُم وإن شرفوا من أجلِ صُحْبتهِ//فحكم تُكليفهم كالحكِم في البشَرِ
ومدحُه لهٌم فرعُ استقامِتهم//في طاعِة الله لا مْدحًا على الغِيَرِ
هذا، وإن البحث وراء أحداث من سبقنا للتحقُّق من حالة أشخاص خاضوا في فتن مُنيت بها أمة الإسلام عبر تاريخها ليس من وراءه فائدة ولا مصلحة ولا أثر محمود ينفع الأمة في مستقبلها بل لا يزيد شملها إلا تشتيتا ولا شقة الخلاف بينها إلا انفراجا.
على أنَّ التوصل إلى الحقيقة التي تطمئن إليها النفس يصعب جدا مع ما نراه في كتب التاريخ من تضارب أخبارها واختلاف رواياتها وكثرة التدليس فيها عمدا أو انسياقًا مع الهوى أو خضوعا للسياسة فالخير كل الخير للمسلم أن يقف عن الداخلين فيها مِمَّن اشتبه حالهم ويكتفي بولاية وبراءة الجملة ويستبرئ لدينه وعرضه .
ويرى علماؤنا أنَّ البحث عن الفتنة بغيةَ الولاية والبراءة غير جائز وهو من التجسس الممنوع، يقول أحد علماء الإباضية السابقين، وهو الإمام أفلح بن عبد الوهاب الرستمي: “لا يبرأ من المسلم مطلقًا بشهادة الشهود حتى يكون حاضرًا يدافع عن نفسه”.
يقول الإمام السالمي:
نحنُ الأُولى نسْكتُ عمَّا قَدْ مَضَى//ولا نعّد الشتَم دنيًا يُرْتَضَى
وفي صنوف طاعة الرحمن//شُغلَ عن الفضولِ باللّسانِ
فهذه بلاُدنا لا تلقى//فيها لسب الصًّحْبِ قطّ نطْقا
وكان من قولهم فيما مضى//ليس علينا فيه أمرٌ فرضا
فما مضى قبلك لو بساعة//فَدعهُ ليس البحُث عنه طاعةْ
ولئن وجد الباحثون أنَّ في لهجة بعض الإباضية الأوائل شدة في تناول الأحداث، وفي الإشارة إلى بعض الصحابة فإنما هي شدة تحاول أن تنطلق من قاعدة عدم العصمة لغير الأنبياء التي استقوها من القرآن الكريم والسنَّة المشرَّفة.
ويعلل العلَّامَة خلفان بن جميل السيابي (ت 1493هـ 1973م) سبب ذلك إلى المشاهدة والعيان وقربهم الزمني من الأحداث يقول “أما الاحداث التي جرت بين الصحابة فكلهم ( أي العلماء الذين قالوا بالبراءة أو الولاية) مجتهد وملتمس للحق، أما القدماء فكانوا منهم المشاهد للأمر وحاضره، ومنهم من كان قريبًا من ذلك، وتبلغهم الحقائق بصحيح النقل أو برفيعة من العدول ونقول: حكموا بما علموا وقامت به الحجة عليهم، أما اليوم فلسنا نحن مثلهم، ولا علمنا في ذلك كعلمهم، ولا نقلد ديننا الرجال، وما كلفنا الله التفتيش والتنقيب عن عيوب الناس”.
ويقول هذا العالم النزيه في إجابته عن سؤال آخر: “أما الآن وقد طال الزمن، ومضت تلك القرون وكثرت التعصبات واختلفت النقول، فلا يلزمنا البحث عن حال من مضى، بل لا يجوز ذلك” ثمَّ أردف قائلا.. “وإذا لم يكونوا هم الرجال، فمن إذن؟ أنحن وأمثالنا جيف الليل، ذباب النهار! فالسلامة في الكف عن الخوض في الأعراض، لا سيما الماضين من الصحابة والتابعين الذين هم خير القرون”.
ويقول سماحة الشيخ أحمد الخليلي: “ ومع هذا فإني أقول: بأن جميع الإباضِيَّة هم على أتم الاستعداد لأن يطووا صحائف تلك الفتن التي حدثت في عهد رسول الله -صَلَّى اللَّه عليهِ وسَلَّم-، ولا ينبسوا فيها ببنت شفة، ولا يخطوا فيها حرفًا واحدا، ولكن لا بد من احترام أهل النهروان أيضًا، وعدم النيل منهم، فيجب على المسلمين جميعا أن يتساعدوا على الكف عن الخوض في تلك الفتن حتى تعود للمسلمين وحدتهم، ولا يثيروا ما يشتت شمل الأمة من القول في أحداث وقعت قبل أربعة عشر هم في ألف غنى عن إثارتها في هذا العصر، الذي هم فيه أحوج ما يكون إلى ما يجمع الشمل ويؤلف القلوب”.
زر ( عن البرنامج) ثم (مكنون الروابط) للاطلاع على جواب مطول لسماحة الشَّيخ أحمد بن حمد الخليلي.

الكلمات المفتاحية: