مواضيعالاسلامتفسير القرآن الكريمتفسير قوله تعالى ” أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض “

تفسير قوله تعالى ” أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض “

بواسطة : admin | آخر تحديث : 16 يناير، 2021 | المشاهدات: 281

تفسير قوله تعالى ” أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض “

( أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير ( 33 ) ويوم يعرض الذين كفروا على النار أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ( 34 ) فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون ( 35 ) ) .

يقول تعالى : ( أولم يروا ) أي : هؤلاء المنكرون للبعث يوم القيامة ، المستبعدون لقيام الأجساد يوم المعاد ( أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن ) أي : ولم يكرثه خلقهن ، بل قال لها : ” كوني ” فكانت ، بلا ممانعة ولا مخالفة ، بل طائعة مجيبة خائفة وجلة ، أفليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ؟ كما قال في الآية الأخرى : ( لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) [ غافر : 57 ] ، ولهذا قال : ( بلى إنه على كل شيء قدير ) .

[ ص: 305 ] ثم قال متهددا ومتوعدا لمن كفر به : ( ويوم يعرض الذين كفروا على النار أليس هذا بالحق ) أي : يقال لهم : أما هذا حق ؟ أفسحر هذا ؟ أم أنتم لا تبصرون ؟ ( قالوا بلى وربنا ) أي : لا يسعهم إلا الاعتراف ، ( قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ) ثم قال تعالى آمرا رسوله – صلى الله عليه وسلم – بالصبر على تكذيب من كذبه من قومه ، ( فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ) أي : على تكذيب قومهم لهم . وقد اختلفوا في تعداد أولي العزم على أقوال ، وأشهرها أنهم : نوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ، وخاتم الأنبياء كلهم محمد – صلى الله عليه وسلم – قد نص الله على أسمائهم من بين الأنبياء في آيتين من سورتي ” الأحزاب ” و ” الشورى ” ، وقد يحتمل أن يكون المراد بأولي العزم جميع الرسل ، وتكون ) من ) في قوله : ( من الرسل ) لبيان الجنس ، والله أعلم . وقد قال ابن أبي حاتم :

حدثنا محمد بن الحجاج الحضرمي ، حدثنا السري بن حيان ، حدثنا عباد بن عباد ، حدثنا مجالد بن سعيد ، عن الشعبي ، عن مسروق قال : قالت لي عائشة [ رضي الله عنها ] : ظل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – صائما ثم طواه ، ثم ظل صائما ثم طواه ، ثم ظل صائما ، [ ثم ] قال : ” يا عائشة ، إن الدنيا لا تنبغي لمحمد ولا لآل محمد . يا عائشة ، إن الله لم يرض من أولي العزم من الرسل إلا بالصبر على مكروهها والصبر عن محبوبها ، ثم لم يرض مني إلا أن يكلفني ما كلفهم ، فقال : ( فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ) وإني – والله – لأصبرن كما صبروا جهدي ، ولا قوة إلا بالله ”

( ولا تستعجل لهم ) أي : لا تستعجل لهم حلول العقوبة بهم ، كقوله : ( وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا ) [ المزمل : 11 ] ، وكقوله ( فمهل الكافرين أمهلهم رويدا ) [ الطارق : 17 ] .

( كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار ) ، كقوله ( كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها ) [ النازعات : 46 ] ، وكقوله ( ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين ) [ يونس : 45 ] ، [ وحاصل ذلك أنهم استقصروا مدة لبثهم في الدنيا وفي البرزخ حين عاينوا يوم القيامة وشدائدها وطولها ] .

وقوله : ( بلاغ ) قال ابن جرير : يحتمل معنيين ، أحدهما : أن يكون تقديره : وذلك لبث بلاغ . والآخر : أن يكون تقديره : هذا القرآن بلاغ .

وقوله : ( فهل يهلك إلا القوم الفاسقون ) أي : لا يهلك على الله إلا هالك ، وهذا من عدله تعالى أنه لا يعذب إلا من يستحق العذاب .

آخر تفسير سورة الأحقاف .

الكلمات المفتاحية: