كثيراً ما تستوقفنا إحدى اللوحات الفنية, التي تسحرنا بألوانها وتفاصيلها, ربما نقف أمامها لحظات قصيرة نطيل بالنظر إليها والتمعن بها, وهذا يرتبط بشكل أو بأخر بحالتنا النفسية والظروف التي نمر بها, فقد تأثرنا الألوان الباردة أو الدافئة, ونشعر أنها تمثلنا وتحاكي واقعنا.
بما أننا نتكلم عن فن الرسم لابد من معرفة الألوان الأساسية التي تشتق منها جميع الألوان والتي تتمثل باللون الأحمر, والأزرق, والأخضر, ومن خلال مزج هذه الألوان مع بعضها بصورة ثنائية,فعند مزج اللون الأصفر مع اللون الأزرق نحصل على اللون الأخضر وجميع درجاته مع درجات اللون الأزرق تسمى بالألوان الباردة التي ترمز إلى الزرع والبساتين الخضراء والبحار والسماء وما شابه ذلك.
وبمزج اللون الأحمر مع اللون الأصفر نحصل على اللون البرتقالي, وتمسى مشتقات هذين اللونين بالألوان النارية أي أنها ترمز إلى النشاط والإثارة كلون الشمس والنار وما شابه ذلك, وبمزج اللون الأزرق مع اللون الأحمر نحصل على اللون الأرجواني الذي من خلال مزجه مع اللون البرتقالي نحصل على درجات اللون البني وهو لون الأرض. ويعتبر اللونان الأبيض والأسود ألوان أحادية تستخدم إما بإضافة الأبيض لتفتيح اللون أو الأسود لتعتيمه.
هو اللون الذي يجذب الانتباه ويعزز المنطق ويتردد صداه من الجانب الأيسر من الدماغ, أي جانب المنطق والإدراك, وبجانب أنه لون العقل والفكر فقد أشار العلماء بأنه يدل أيضاً على نفاذ الصبر والانتقاد, فعندما يرفع العلم الأصفر مثلاً في مباراة كرة القدم يعد علامة التحذير.
يشع الدفء والسعادة, لون الدفء والعاطفة ويدل على العطاء وتخطي الأزمات.
لون الثقة والمسؤولية, ويرمز هذا اللون إلى الصدق والإخلاص وتعزيز الاسترخاء الجسدي والعقلي, ولا يفضل أن يثير ضجة أو يحصل على لفت الانتباه, ومن منظور علم النفس يدل اللون الأزرق على الأمن الداخلي والثقة بالنفس كما أنه يسعى إلى السلام والهدوء فوق كل شيء.
لون دافىء وإيجابي يدل على روح رائدة وقيادية, ويعزز الطموح والعزيمة, فهو لون الطاقة والعاطفة ويدل أيضاً على قوة الإرادة ويمنح الثقة والنشاط, ويرمز للحرب والغضب.
لون النمو ولون الربيع والتجديد والنهضة. فهو يجدد الطاقة المستنفدة, وهو الملاذ للهروب من الحياة العصرية ويساعد على الاسترخاء, ومحبو هذا اللون يميلون للسلام ولديهم القدرة على الحب والعطاء للآخرين.
الفرق بين الأرجواني والبنفسجي هو أن الأخير يظهر واضحاً من ألوان الطيف “قوس قزح” في حين أن الأرجواني مزيج من اللونين الأحمر والأزرق وكلاهما يحتوي على طاقة وقوة الأحمر والروحانية والسلام من اللون الأزرق, وفي معنى الألوان الأرجواني والبنفسجي هما لوني الحالم الذي هو بحاجة للهروب من الجوانب العملية, ومن منظور علم النفس اللون فالأرجواني والبنفسجي لديهما القدرة على التناغم بين العقل والعواطف وبين الفكر وانشاط. وهو ملهم للحب غير المشروط ونكران الذات الخالية من “الأنا”, ويعتبر هذا اللون لون المبدعين في شتى المجالات الفنية والأدبية.
يثير فينا هذا اللون الحنين إلى الماضي وهو لون الأرض والخشب والصحراء وهو نغمات الأرض بدرجاته اللونية التي تجمع بين ألوانه القاتمة والفاتحة بلون الذهب البراق.
نبدأ من “بابلو بيكاسو” الذي مر بمرحلة خلال رسمه اللوحات أطلق عيه ” المرحلة الزرقاء” والتي كانت تشير إلى فترة من الحزن عاصرها وتألم منها, وكذا كانت المرحلة الوردية في حياته تشير إلى السعادة والبهجة.
أما الفنان “فان جوخ” فقد كشفت لنا لوحته الشهيرة “ليل النجوم” حالته النفسية في تلك المرحلة والتي أنتجها في بداية شعوره بالوحدة والاكتئاب وبداية نوبات الصرع التي كانت تداهمه, مما دعاه لإنتاج لوحات تضمنت سماء داكنة تظهر بها النجوم كشموس ملتهبة وأصبحت لوحاته أقل إضاءة بألوان قاتمة واختفى اللون الذهبي الذي أحبه وتحول إلى لون برنزوي قاتم, كما تحول الون الأحمر إلى لون بني علاوة على استخدان اللون الأزرق البروسي في لوحات عدة تعكس التشتت الذهني والجسدي الذي يعاني منه الفنان.
وفي لوحات الفنان “رامبرانت” ند أن اللونين البني الغامق والأسود هما الأكثر استخداماً, مما يمنح أعماله سمة الغموض والعمق البصري.