حدث أحدهم قال : بينما أنا أسير في طريق اليمن إذا أنا بغلام واقف على الطريق يمجد ربه بأبيات من شعر ، فسمعته يقول :
مليك في السماء به افتخاري عزيز القدر ليس به خفاءُ
فدنوت منه ، وسلمتُ عليه ، فقال : ما أنا براد عليك سلامك حتى تؤدي من حقي الذي يجب عليك ، قلت : وما حقك ؟ قال أنا غلام على مذهب إبراهيم الخليل ، أتغدي ولا أتعشى كل يوم حتى أسير الميل والميين في طلب الضيف ، فأجبته إلى ذلك ، فرحب بي وسار بي حتى قربنا خمية شعر ، فلما قربنا صاح : يا أختاه ، فأجابته جارية من الخيمة يا لبيكاه ، قال : قومي إلى ضيفنا هذا ، فقالت : اصبر حتي أشكر المولى الذي سبب لنا هذا الضيف ، فقامت وصلت ركعتين شكراً لله ، فأدخلني الخيمة ، فأجلسني ، فأخذ الغلام الشفرة وأخذ عناقاً له ليذبحها ، فلما جلستُ نظرت إلى دارية أحسن الناس وجهاً ، فكنت أرساقها النطر ، ففطنت لبعض لحظاتي ، فقالت لي : مه، أما علمتَ أنه قد نُقل إلينا عن صاحب يثرب أن “زني العينين النظر” ، أما إني ما أردت أن أوبخك ,لكني أردت أن أؤدبك لكيلا تعود لمثل هذا ، فلما كان وقت النوم بتُ أنا والغلام خارج الخيمة ، وباتت الجارية في الخيمة ، فكنت أسمع دوي القرآن الليل كله أحسن صوت يكون وأرقهُ ، فلما أن أصبحت قلت للغلام : صوتَ من كان ذلك ؟ فقال : تلك أختي تحيي الليل كله \حتى الصباح ، فقلتُ : يا غلام ، أنت أحق بهذا العمل من أختك ، أنت رجل ,هي امرأة ، فتبسم ثم قال : ويحك يا فتي أما علمت ، أنه موفق ومخذول