مواضيع حصرية ومتنوعة – استمتع بكل لحظة معنا

خطبة عن العدل

الْعَدْلُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْحَكَمِ الْعَدْلِ، قَوْلُهُ الْفَصْلُ، وَلَهُ الْمِنَّةُ وَالْفَضْلُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، يَقْضِي الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، أَعْدَلُ النَّاسِ حُكْمًا، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا ونَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ ومَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِتَقْوَى اللَّهِ، قَالَ سُبْحَانَهُ: ] اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ  [ ([1]).
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لَقَدْ خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ عَلَى أُسُسٍ عَظِيمَةٍ، وَثَوَابِتَ قَوِيمَةٍ، وَمِنْ أَعْظَمِهَا وَأَرْسَخِهَا: الْعَدْلُ، فَبِهِ قَامَتِ الدُّنْيَا، وَبِهِ اسْتَقَامَتِ الْحَيَاةُ، قَالَ جَلَّ فِي عُلاَهُ: ] وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ  [ ([2]). أَيْ: وَضَعَ فِي الْأَرْضِ الْعَدْلَ وأَمَرَ بِهِ([3]). وَبِالْعَدْلِ نَزَلَ الْقُرْآنُ، قَالَ سُبْحَانَهُ: ] اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانِ [ ([4]). قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: الْمِيزَانُ هُوَ الْعَدْلُ([5]).
وَقَدْ تَوَلَّى اللَّهُ إِقَامَةَ الْعَدْلِ بَيْنَ خَلْقِهِ، فَهُوَ الْقَائِمُ بِالْقِسْطِ- أَيِ الْعَدْلِ- سُبْحَانَهُ، قَالَ تَعَالَى: ] شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [ ([6]). وَأَنْزَلَ اللَّهُ كُتُبَهُ، وَأَرْسَلَ رُسُلَهُ، إِقَامَةً لِلْعَدْلِ، وَإِحْقَاقًا لِلْحَقِّ، قَالَ تَعَالَى: ] لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ [ ([7]). فَمَا مِنْ نَبِيٍّ أَرْسَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ أَمَرَهُ بِالْعَدْلِ، قَالَ جَلَّ شَأْنُهُ لِدَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: ] يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ  [ ([8]). وَأَمَرَ نَبِيَّنَا r بِالْعَدْلِ، فَقَالَ: ] وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [ ([9]). أَيِ الْعَادِلِينَ. وَقَالَ أَيْضًا لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ] وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ [ ([10]). قَالَ أَحَدُ الْعُلَمَاءِ: أُمِرَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَعْدِلَ، فَعَدَلَ حَتَّى كَانَ الْعَدْلُ مِنْهَاجَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ([11]). وَالْعَدْلُ مِيزَانُ اللَّهِ فِي الأَرْضِ، بِهِ يُؤْخَذُ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ، وَلِلضَّعِيفِ مِنَ الشَّدِيدِ، وَبِهِ يُرَدُّ الْمُعْتَدِي. فَإِذَا ظَهَرَ الْعَدْلُ بَيْنَ النَّاسِ،  فَهُوَ دِينُ اللَّهِ الَّذِي أَرَادَ، وَشَرْعُهُ الَّذِي ارْتَضَى.
أَيُّهَـــا الْمُــــؤْمِنُونَ: إِنَّ اللَّـــهَ أَمَــرَكُمْ بِالْعــَدْلِ كَمــَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِــــينَ، فَــقَـالَ:
] إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [ ([12]). وَقَالَ: ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ [ ([13]). فَأَمَرَ سُبْحَانَهُ بِالْعَدْلِ فِي الْفِعَالِ وَالْمَقَالِ، عَلَى الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ، لِكُلِّ أَحَدٍ، فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَفِي كُلِّ حَالٍ([14]). فَالإِسْلاَمُ يَأْمُرُ الْمُسْلِمَ بِالْتِزَامِ الْعَدْلِ مَعَ النَّاسِ كَافَّةً، مَعَ مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لاَ يُحِبُّ، فَلاَ تُخْرِجُهُ الْخُصُومَةُ عَنِ الْعَدْلِ، وَلاَ تُدْخِلُهُ الْمَحَبَّةُ فِي الْبَاطِلِ، قَالَ جَلَّ وَعَلاَ: ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [ ([15])
عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ لِلإِسْلاَمِ حَائِطًا مَنِيعًا، وَبَابًا وَثِيقًا، فَحَائِطُ الإِسْلاَمِ الْحَقُّ، وَبَابُهُ الْعَدْلُ([16]). وَلِذَا كَانَ ثَوَابُهُ كَرِيمًا، وَأَجْرُهُ عَظِيمًا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :« إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا»([17]).
فَيَا بُشْرَى كُلِّ مَنْ عَدَلَ، وَاتَّبَعَ سَبِيلَ أَهْلِ الْعَدْلِ. وَلِلْعَدْلِ صُوُرٌ كَثِيرَةٌ، وَمَظَاهِرُ عَدِيدَةٌ، فَمِنْهَا  أَنْ يَكُونَ الْمَرْءُ عَادِلاً مُنْصِفًا مِنْ نَفْسِهِ، يَنْتَصِحُ إِذَا نُصِحَ، وَيَتَذَكَّرُ إِذَا ذُكِّرَ، يَقْبَلُ الْحَقَّ وَلاَ يَتَمَادَى فِي الْبَاطِلِ، شِعَارُهُ: الْحَقُّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ؛ قَالَ عَمَّارٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ثَلاَثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ فَقَدْ جَمَعَ الإِيمَانَ: وَذَكَرَ مِنْهَا: الإِنْصَاف مِنْ نَفْسِكَ([18]).
كَمَا أَنَّ عَدْلَ الرَّجُلِ مَعَ زَوْجَتِهِ، وَعَدْلَ الزَّوْجَةِ مَعَ زَوْجِهَا مِنْ أَهَمِّ صُوَرِ الْعَدْلِ وَأَجَلِّهَا، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ] وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ [ ([19]) أَيْ: وَلَهُنَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ الْحَقِّ مِثْلُ مَا لِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ، فَلْيُؤَدِّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى الْآخَرِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ([20]). فَلاَ يُكَلِّفُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ مَا لاَ يُطِيقُ، وَلَكِنْ يُعَامِلُهُ بِأَعْدَلِ مُعَامَلَةٍ، وَيُصَاحِبُهُ بِأَحْسَنِ عِشْرَةٍ؛ وَكَذَلِكَ الْعَدْلُ بَيْنَ الأَوْلاَدِ؛ فِي الْمَحَبَّةِ وَالْعَطَايَا وَالْهِبَاتِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :«اعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ فِي النّحْلِ، كَمَا تُحِبُّونَ أَنْ يَعْدِلُوا بَيْنَكُمْ فِي الْبِرِّ وَاللُّطْفِ» ([21]). وَالْعَدْلُ فِي التِّجَارَاتِ وَالْمُعَامَلاَتِ مِنْ أَسْبَابِ تَحْقِيقِ الْخَيْرِ وَالسَّعَادَةِ لِلنَّاسِ، قَالَ تَعَالَى: ] وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا  [ ([22]).
وَمِنْ صُوَرِ الْعَدْلِ الدَّقِيقَةِ أَنْ يَعْدِلَ الْمُوَظَّفُ فِي وَظِيفَتِهِ، فَيُوَفِّيَهَا كَامِلَ حَقِّهَا كَمَا يُحِبُّ أَنْ يَسْتَوْفِيَ كَامِلَ حَقِّهِ، وَكَذَلِكَ يَعْدِلُ الْمَرْءُ مَعَ النَّاسِ جَمِيعًا، فَيُقَدِّمُ لَهُمْ كُلَّ مَا يَحْسُنُ مِنَ الأَقْوَالِ وَالأَفْعَالِ، وَيُعَامِلُهُمْ بِمَا يُحِبُّ أَنْ يُعَامِلُوهُ بِهِ مِنْ أَدَبٍ رَفِيعٍ، وَأَخْلاَقٍ سَامِيَةٍ، فَقَدْ سَأَلَ أَحَدُ الصَّحَابَةِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: نَبِّئْنِي بِعَمَلٍ يُقَرِّبُنِي مِنَ الْجَنَّةِ، وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ. فقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :« تَعْبُدُ اللَّهَ لاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً… وَتَأْتِي إِلَى النَّاسِ مَا تُحِبُّ أَنْ يُؤْتُوهُ إِلَيْكَ، وَمَا كَرِهْتَ لِنَفْسِكَ فَدَعِ النَّاسَ مِنْهُ»([23]).
فَحَرِيٌّ بِالْمَرْءِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنَ الْعَدْلِ مِنْهَاجًا لَهُ فِي حَيَاتِهِ، فَيَعْدِلَ مَعَ نَفْسِهِ وَأُسْرَتِهِ وَمُجْتَمَعِهِ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَأَنْ يُقَدِّرَ لِلدَّوْلَةِ جُهُودَهَا فِي تَحْقِيقِ الْعَدْلِ، وَيَحْتَرِمَ قَوَانِينَهَا. فَاللَّهُمَّ اجْعَلْنَا بِالْقِسْطِ قَائِمِينَ، وَبِالْعَدْلِ مُلْتَزِمِينَ، وَلِلْحَقِّ مُتَّبِعِينَ، وَوَفِّقْنَا جَمِيعًا لِطَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُــولِكَ سَيِّــــدِنَا مُحَمَّــدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَــــاعَــــةِ مَـــنْ أَمَرْتَنَا بِطَاعَـــتِهِ, عَـــمَلاً بِـــقَوْلِكَ:
] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ [ ([24]).
نَفَعَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَبِسُنَّةِ نَبِيِّهِ الْكَرِيمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَعَلَى أَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ وَطَاعَتِهِ، وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ وَالنَّجْوَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْعَدْلَ فِي الْفَصْلِ بَيْنَ الْخُصُومِ، مِنْ أَعْظَمِ صُوَرِ الْعَدْلِ؛ قَالَ جَلَّ شَأْنُهُ: ] إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا[ ([25]). فَبِالْعَدْلِ تَسْتَقِرُّ الأَوْطَانُ، وَيَسْعَدُ الإِنْسَانُ، وَيَنْعَمُ بِالْعَيْشِ الْكَرِيمِ، وَالْخَيْرِ الْعَمِيمِ، وَيَحْصُلُ التَّلاَحُمُ بَيْنَ الْحَاكِمِ وَالرَّعِيَّةِ، وَيَسُودُ فِي الْمُجْتَمَعِ التَّمَاسُكُ وَالتَّعَاوُنُ، وَالْوُدُّ وَالتَّرَاحُمُ، وَتَعُمُّ الْبَرَكَاتُ، قَالَ أَحَدُ الْعُلَمَاءُ: حَاكِمٌ عَادِلٌ خَيْرٌ مِنْ مَطَرٍ وَابِلٍ، وَمَا أَمْحَلَتْ أَرْضٌ سَالَ عَدْلُ الْحَاكِمِ فِيهَا، وَإِذَا رَأَيْتَ الْحُكَّامَ يَتَنَافَسُونَ فِي الْعَدَالَةِ، فَتِلْكَ نِعْمَةٌ طَائِلَةٌ([26]).
فَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، وَمِنْهُ الْفَضْلُ وَالرَّحْمَةُ، أَنْ وَهَبَنَا قِيَادَةً رَشِيدَةً، اتَّخَذَتِ الْعَدْلَ مِنْهَاجًا لِلْحَيَاةِ، وَأَسَاسًا لِلْحُكْمِ، فَسَنَّتِ الْقَوَانِينَ، وَعَيَّنَتِ الْقُضَاةَ، وَتَابَعَتْ شُؤُونَ الْمَحَاكِمِ؛ لِيَكُونَ الْعَدْلُ أَسَاسَ دَوْلَةِ الإِمَارَاتِ الْعَرَبِيَّةِ الْمُتَّحِدَةِ، فَأَحَبَّهَا الْجَمِيعُ، وَشَهِدُوا لَهَا بِالْعَدْلِ، وَدَعَوْا لَهَا بِالتَّوْفِيقِ وَالسَّدَادِ.
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أُمِرْتُمْ بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ، قَالَ تَعَالَى: ] إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [ ([27]). وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:« مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً»([28]). وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:« لاَ يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلاَّ الدُّعَاءُ»([29]).
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ شُهَدَاءَ الْوَطَنِ الأَبْرَارَ، وَأَنْزِلْهُمْ مَنَازِلَ الأَخْيَارِ، وَارْفَعْ دَرَجَاتِهِمْ فِي عِلِّيِّينَ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ، يَا عَزِيزُ يَا غَفَّارُ. اللَّهُمَّ اجْزِ خَيْرَ الْجَزَاءِ أُمَّهَاتِ الشُّهَدَاءِ وَآبَاءَهُمْ وَزَوْجَاتِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ جَمِيعًا، وَأَلْهِمْهُمُ الصَّبْرَ وَالسُّلْوَانَ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ شُهَدَاءَ الإِمَارَاتِ وَالسُّعُودِيَّةِ وَالْبَحْرِين وَالْمَغْرِبِ فِي عِلِّيِّينَ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ، اللَّهُمَّ انْصُرْ قُوَّاتِ التَّحَالُفِ الْعَرَبِيِّ، الَّذِينَ تَحَالَفُوا عَلَى رَدِّ الْحَقِّ إِلَى أَصْحَابِهِ، اللَّهُمَّ كُنْ مَعَهُمْ وَأَيِّدْهُمْ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَهْلَ الْيَمَنِ إِلَى كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْمَعْهُمْ عَلَى كَلِمَةِ الْحَقِّ وَالشَّرْعِيَّةِ، وَارْزُقْهُمُ الرَّخَاءَ وَالاِسْتِقْرَارَ يَا أَكْرَمَ الأَكْرَمِينَ. اللَّهُمَّ أَرِنَا الْحَقَّ حَقًّا وَارْزُقْنَا اتِّبَاعَهُ، وَأَرِنَا الْبَاطِلَ بَاطِلًا وَارْزُقْنَا اجْتِنَابَهُ، وَوَفِّقْنَا لِلْعَدْلِ وَالْقِسْطِ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ. اللَّهُمَّ لاَ تَدَعْ لَنَا ذَنْبًا إِلاَّ غَفَرْتَهُ، وَلاَ هَمًّا إِلاَّ فَرَّجْتَهُ، وَلاَ دَيْنًا إِلاَّ قَضَيْتَهُ، وَلاَ مَرِيضًا إِلاَّ شَفَيْتَهُ، وَلاَ مَيِّتًا إِلاَّ رَحِمْتَهُ، وَلاَ حَاجَةً إِلاَّ قَضَيْتَهَا وَيَسَّرْتَهَا يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. اللَّهُمَّ ارْضَ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ الأَكْرَمِينَ.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ لَنَا وَلِوَالدينَا، وَلِمَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَيْنَا، وَلِلْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ.
اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا رَئِيسَ الدولةِ، الشيخ خليفة بن زايد وَأَدِمْ عَلَيْهِ مَوْفُورَ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ، وَاجْعَلْهُ يَا رَبَّنَا فِي حِفْظِكَ وَعِنَايَتِكَ، وَوَفِّقِ اللَّهُمَّ نَائِبَهُ الشيخ محمد بن راشد لِمَا تُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ، وَأَيِّدْ إِخْوَانَهُ حُكَّامَ الإِمَارَاتِ وأولياءَ عُهودِهم أجمعين. اللَّهُمَّ اغفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، اللَّهُمَّ ارْحَمِ الشَّيْخ زَايِد، وَالشَّيْخ راشد، وَالشَّيْخ مَكْتُوم، وَشُيُوخَ الإِمَارَاتِ الَّذِينَ انْتَقَلُوا إِلَى رَحْمَتِكَ، وَأَدْخِلِ اللَّهُمَّ فِي عَفْوِكَ وَغُفْرَانِكَ وَرَحْمَتِكَ آبَاءَنَا وَأُمَّهَاتِنَا وَجَمِيعَ أَرْحَامِنَا وَمَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَيْنَا. اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ الْمَغْفِرَةَ والثَّوَابَ لِمَنْ بَنَى هَذَا الْمَسْجِدَ وَلِوَالِدَيْهِ، وَلِكُلِّ مَنْ عَمِلَ فِيهِ صَالِحًا وَإِحْسَانًا، وَاغْفِرِ اللَّهُمَّ لِكُلِّ مَنْ بَنَى لَكَ مَسْجِدًا يُذْكَرُ فِيهِ اسْمُكَ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعًا مَرْحُوْمًا، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقًا مَعْصُوْمًا، وَلاَ تَدَعْ فِيْنَا وَلاَ مَعَنَا شَقِيًّا وَلاَ مَحْرُوْمًا. اللَّهُمَّ احْفَظْ دَوْلَةَ الإِمَارَاتِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَأَدِمْ عَلَيْهَا الأَمْنَ وَالأَمَانَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
عِبادَ اللَّهِ: ] إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [ اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكرُوهُ علَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ] وَأَقِمِ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ [ .

Exit mobile version